أما قصة قارون ، فهي بيان عملي ، وبرهان واقعي ، على ما دلت عليه هذه الآيات وغيرها ، من ذم الدنيا ، وبطشها بأهلها الذين انشغلوا بها عن الحياة الآخرة ، وركنوا إليها ، فألهتهم وصرفتهم عن طاعة الله وعبادته. وأن الدنيا إذا انفتحت على الناس بطروا وبغوا ، ونسوا شكر النعمة. وأن الخوف من فتنتها: مما ينبغي أن يزهد فيها ، ويرغب في الآخرة ، ويحض على استعمال النعمة في طاعة الله ، فإنه من تمام شكرها. قال تعالى: ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص/ 83. كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين. وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: ( 175615) ، ورقم: ( 84091) ، ( 147234). والله تعالى أعلم.
- تفسير: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين...)
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النحل - الآية 93
- تنـزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم - الآية 2 سورة الأحقاف
- إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
تفسير: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين...)
القول في تأويل قوله تعالى: ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ( 33)) [ ص: 597]
يقول - تعالى ذكره -: ( ولولا أن يكون الناس أمة): جماعة واحدة. ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي لم يؤمن اجتماعهم عليه ، لو فعل ما قال - جل ثناؤه - وما به لم يفعله من أجله ، فقال بعضهم: ذلك اجتماعهم على الكفر. وما كان الناس الا امة واحدة. وقال: [ ص: 598] معنى الكلام: ولو لا أن يكون الناس أمة واحدة على الكفر ، فيصير جميعهم كفارا ( لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة). ذكر من قال ذلك. حدثني علي قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله: ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) يقول الله سبحانه: لو لا أن أجعل الناس كلهم كفارا ، لجعلت للكفار لبيوتهم سقفا من فضة. حدثنا ابن بشار قال: ثنا هوذة بن خليفة قال: ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله: ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) قال: لو لا أن يكون الناس كفارا أجمعون ، يميلون إلى الدنيا ، لجعل الله تبارك وتعالى الذي قال ، تم قال: والله لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها ، وما فعل ذلك ، فكيف لو فعله. حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة): أي كفارا كلهم.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النحل - الآية 93
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) قال: لو لا أن يكون الناس كفارا. حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال. ثنا أسباط ، عن السدي ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) يقول: كفارا على دين واحد. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النحل - الآية 93. وقال آخرون: اجتماعهم على طلب الدنيا وترك طلب الآخرة. وقال: معنى الكلام: ولو لا أن يكون الناس أمة واحدة على طلب الدنيا ورفض الآخرة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) قال: لو لا أن يختار الناس دنياهم على دينهم ، لجعلنا هذا لأهل الكفر. وقوله: ( لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة) يقول - تعالى ذكره -: لجعلنا لمن يكفر بالرحمن فى الدنيا سقفا ، يعني أعالي بيوتهم ، وهي السطوح فضة
كما حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( لبيوتهم سقفا من فضة) السقف: أعلى البيوت. واختلف أهل العربية فى تكرير اللام التي في قوله: ( لمن يكفر) وفي قوله: ( لبيوتهم) ، فكان بعض نحويي البصرة يزعم أنها أدخلت في البيوت على البدل. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: إن شئت حملتها في ( لبيوتهم) مكررة ، كما في ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه) وإن شئت جعلت اللامين مختلفتين ، كأن الثانية في معنى على ، كأنه قال: جعلنا لهم على بيوتهم سقفا.
ثُمَّ قَالَ: (وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أَيْ: إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ الْحَقِيرَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ: يُعَجِّلُ لَهُمْ بِحَسَنَاتِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا مَآكِلَ وَمَشَارِبَ، لِيُوَافُوا الْآخِرَةَ وَلَيْسَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنَةٌ يَجْزِيهِمْ بِهَا. ثُمَّ قَالَ: (وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) أَيْ: هِيَ لَهُمْ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُهُمْ: فِيهَا أَحَدٌ غَيْرُهُمْ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 226-227) ، وانظر " تفسير السعدي " (ص765). ثانيا:
العبرة من هذه الآيات: أنها وردت مورد الذم للحياة الدنيا ، فهي لا تزن عند الله جناح بعوضة ، ولو شاء لأعطى الكافر منها كل ما يشتهي ، من هوانها عليه وهوانه عليه سبحانه ، ولكنه برحمته لم يفتح عليهم أبواب الدنيا كلها ، لئلا يفتن الناس بذلك ، فيتسارعوا في الكفر ، وينسوا الآخرة. تفسير: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين...). روى ابن أبي شيبة (7/105) بسند صحيح عن ابن مسعود قال: " إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ, وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ, فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَعْطَاهُ الْإِيمَانَ ".
تفسير القرطبي
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ " حم " مبتدأ و " تنزيل " خبره. وقال بعضهم: " حم " اسم السورة. و " تنزيل الكتاب " مبتدأ. وخبره " من الله ". والكتاب القرآن. الْعَزِيزِ " العزيز " المنيع. الْحَكِيمِ الحكيم في فعله
تفسير الطبري
قد تقدم بياننا في معنى قوله ( حم تَنـزيلُ الْكِتَابِ) بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
تنـزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم - الآية 2 سورة الأحقاف
ويرد في تصوير أنفس البشر في قبضة الله في كل حالة: الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون..
ولكن ظل الآخرة وجوها يظل مسيطرا على السورة كلها كما أسلفنا. حتى تختم بمشهد خاشع يرسم ظل ذلك اليوم وجوه: وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم، وقضي بينهم بالحق، وقيل: الحمد لله رب العالمين. هذا الظل يتناسق مع جو السورة، ولون اللمسات التي تأخذ القلب البشري بها. فهي أقرب إلى جو الخشية والخوف والفزع والارتعاش. ومن ثم نجد الحالات التي ترسمها للقلب البشري هي حالات ارتعاشه وانتفاضه وخشيته. نجد هذا في صورة القانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه. تنـزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم - الآية 2 سورة الأحقاف. وفي صورة الذين يخشون ربهم تقشعر جلودهم لهذا القرآن ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله. كما نجده في التوجيه إلى التقوى والخوف من العذاب، والتخويف منه: قل: يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم. قل: إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم.. لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل. ذلك يخوف الله به عباده. يا عباد فاتقون.. ثم نجده في مشاهد القيامة وما فيها من فزع ومن خشية، وما فيها كذلك من إنابة وخشوع.
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
وأساس الحق الذي أنزل به الكتاب، هو الوحدانية المطلقة التي يقوم عليها الوجود. وفي الآية الخامسة من السورة يجيء: خلق السماوات والأرض بالحق. فهو الحق الواحد الذي قامت به السماوات والأرض، وأنزل به هذا الكتاب. الحق الواحد الذي تشهد به وحدة النظام الذي يصرف السماوات والأرض; والذي ينطق به هذا الكتاب. الحق الذي يتسم به كل ما خرج من يد الصانع المبدع في هذا الوجود.. فاعبد الله مخلصا له الدين. والخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أنزل إليه لكتاب بالحق. وهو منهجه الذي يدعو إليه الناس كافة.. عبادة الله وحده، وإخلاص الدين له، وقيام الحياة كلها على أساس هذا التوحيد. وتوحيد الله وإخلاص الدين له، ليس كلمة تقال باللسان; إنما هو منهاج حياة كامل. يبدأ من تصور واعتقاد في الضمير; وينتهي إلى نظام يشمل حياة الفرد والجماعة. والقلب الذي يوحد الله، يدين لله وحده، ولا يحني هامته لأحد سواه، ولا يطلب شيئا من غيره ولا يعتمد على أحد من خلقه. فالله وحده هو القوي عنده، وهو القاهر فوق عباده. إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. والعباد كلهم ضعاف مهازيل، لا يملكون له نفعا ولا ضرا; فلا حاجة به إلى أن يحني هامته لواحد منهم. وهم مثله لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا.
إعراب الآية 1 من سورة الزمر - إعراب القرآن الكريم - سورة الزمر: عدد الآيات 75 - - الصفحة 458 - الجزء 23. (تَنْزِيلُ) مبتدأ (الْكِتابِ) مضاف إليه (مِنَ اللَّهِ) لفظ الجلالة مجرور بمن متعلقان بخبر المبتدأ (الْعَزِيزِ) بدل (الْحَكِيمِ) بدل أيضا من لفظ الجلالة تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) فاتحة أنيقة في التنويه بالقرآن جعلت مقدمة لهذه السورة لأن القرآن جامع لما حوته وغيره من أصول الدين. ف { تَنزِيلُ} مصدر مراد به معناه المصدريّ لا معنى المفعول ، كيف وقد أضيف إلى الكتاب وأصل الإِضافة أن لا تكون بيانية. وتنزيل: مصدر نزّل المضاعف وهو مشعر بأنه أنزله منجّماً. واختيار هذه الصيغة هنا للرد على الطاعنين لأنهم من جملة ما تعلّلوا به قولهم: { لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} [ الفرقان: 32]. وقد تقدم الفرق بين المضاعف والمهموز في مثله في المقدمة الأولى. والتعريف في { الكتاب} للعهد ، وهو القرآن المعهود بينهم عند كل تذكير وكل مجادلة. وأجرى على اسم الجلالة الوصف ب { العزيز الحكيمِ} للإِيماء إلى أن ما ينزل منه يأتي على ما يناسب الصفتين ، فيكون عزيزاً قال تعالى: { وإنه لكتاب عزيز} [ فصلت: 41] ، أي القرآن ، عزيز غالب بالحجة لمن كذّب به ، وغالب بالفضل لما سواه من الكتب من حيث إن الغلبة تستلزم التفضل والتفوق ، وغالب لبلغاء العرب إذ أعجزهم عن معارضة سورة منه ، ويكون حكيماً مثل صفة منزِّله.