وقال عبد الغني الأزدي: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم الأوهام التي في المدخل إلى الصحيح في كتابه، بعث إلي يشكرني ويدعو لي، فعلمت أنه رجل عاقل، فإذاً الراجع إلى الحق يزداد في أعين الناس، وإن أوهمه إبليس في البداية أنها ضعف شخصية وأنها إهانة. الدرر السنية. والذي لا يراجع الحق كبراً فإن الله يحرمه من معرفة الحق، كما قال الله عز وجل: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف:146] قال ابن جريج رحمه الله: أي سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا بها، قال المفسرون: سأرفع فهم القرآن عن قلوبهم، وهكذا يكون مصير الذي يتكبر على الحق أن يحرم عن معرفته وتبينه، وهذه لا شك كارثة كبيرة ومصيبة عظيمة فادحة تنزل بالإنسان، غضباً من الله، وعقوبة له على تكبره عن الحق، أنه لا يعود ليميزه ولا يعرفه ولا يهتدي إليه. وبعض الناس ربما يسهل عليه أن يرجع إلى الحق إذا اكتشف هو بنفسه الخطأ، لكن إذا بين له من الآخرين لا يسهل عليه الرجوع، ويشق عليه أن يبين له من قبل الآخرين. وبعض الناس ربما يقبل الحق ممن هو أكبر منه، لكن إذا كان من أقرانه أو ممن هو أصغر منه لا يقبل، وهذه مصيبة أيضاً، وقد تقدم حال السلف رحمهم الله في قبول الحق من الأطفال؛ لأجل منزلة الحق وعظم الحق في قلوبهم.
- شرح حديث لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مِثقال ذرةٍ من كِبر
- ليس من الكبر - إسلام ويب - مركز الفتوى
- الدرر السنية
شرح حديث لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مِثقال ذرةٍ من كِبر
ومن الناس من يكون في نفسه عجب يمنعه من قبول الحق. صاحب العجب (المعجب بنفسه) كيف ينقاد للحق؟!
ليس من الكبر - إسلام ويب - مركز الفتوى
وأمَّا اسْتِحْقَارُ النَّاسِ وَهُوَ أَنْ يَسْتَعْظِمَ المرءُ نَفْسَهُ فَيَرَى النَّاسَ دُونَهُ وَهُوَ فوقَهُمْ وأفضل منهم. وللكِبرِ صورٌ منها إِسبالُ الثَّوبِ لِلْخُيَلاءِ أى للفخرِ فهذا حرامٌ كعادَةِ بعضِ الملوكِ والأغنياءِ مِنْ تَطْوِيلِ الثَّوبِ وجَرِّهِ علَى الأرضِ للتَّباهِي فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ مَنْ جَرَّ ثوبَهُ خُيَلاء لَمْ ينظُرِ اللهُ إليهِ يومَ القيامةِ اهـ أَىْ لَمْ يُكرِمْه بَلْ يعذبه فقالَ له أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضى الله عنه يا رسولَ اللهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّىْ إِزَارِى يَسْتَرْخِى إِلا أَنْ أَتَعاهَدَ ذَلكَ مِنْهُ، فقالَ لَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيُلاء اﻫ رواهُ البُخَارِىّ. فاحرِصوا عبادَ اللهِ على تَصْفِيَةِ قلوبِكم مِنَ الكِبرِ هذَا الداءِ الْمُفْسِدِ والصّفةِ المذمومةِ، ولا يَخْفَى مَا فِي مَنْزِلَةِ التواضُعِ مِنْ شَرَفٍ عظيمٍ وقَدْرٍ رَفِيع، كيفَ لا والنبِيُّ الأعظمُ محمّدٌ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سيِّدُ الْمُتواضِعينَ وإِمامُ المتّقين كان يقولُ اللهمَّ أَحْيِنِى مِسْكِينًا أي مُتَواضِعًا وَأَمِتْنِى مِسْكينًا أَىْ مُتَواضِعًا وَاحْشُرْنِى فِي زُمْرَةِ الْمَساكِين اهـ ـ أي المتواضعين ـ رواهُ الترمذِىُّ وابنُ ماجه، فصلّى اللهُ على سيِّدي رسولِ اللهِ نِعْمَ الأسوةُ ونِعْمَ القدوةُ ورَزَقَنا اللهُ حسنَ اتِّباعَهُ.
الدرر السنية
وقال محمد بن عمار الموصلي: رددت على المعافى بن عمران حرفاً في الحديث، فسكت، فلما كان الغد جلست في مجلسه من قبل أن يحدث، وقال: إن الحديث كما قال الغلام، قال ابن عمار: وكنت حينئذٍ غلاماً أمرد ما في لحيتي أي شعرة. وسأل رجل علياً عن مسألة فقال فيها، فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا، فقال علي رضي الله عنه: أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم. وقال عبد الله بن وهب المصري: كنا عند مالك ، فسئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء وكذلك اليدين، فلم يرَ ذلك، فتركت حتى خف المجلس، فقلت: إن عندنا في ذلك سنة، فذكر حديث: ( إذا توضأت خلل أصابع رجليك) فرأيته بعد ذلك يسأل عنه فيأمر بتخليل الأصابع، ويقول: ما سمعت هذا الحديث قط إلا الآن، لكنه رجع إليه وأفتى به رضي الله عنه. ليس من الكبر - إسلام ويب - مركز الفتوى. وهكذا كانت سنة الأئمة وأهل العلم في قبول الخطأ عند التنبيه عليه، يعترفون به ويرجعون إليه، ويعلنون ذلك كما قال أحدهم: أرجع وأنا صاغر، ولما صنف الإمام عبد الغني كتاباً في أوهام الحاكم ، المحدث المشهور، لما وقف الحاكم على هذا الكتاب جعل يقرأه على الناس، ويعترف لـ عبد الغني بالفضل والشكر، ويرجع إلى ما أصاب فيه من الرد عليه رحمة الله عليهما.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عنِ التَّكبُّرِ ورفَضِ الحقِّ والبُعدِ عنه. وفيه: مَشروعيَّةُ التَّجمُّلِ بِلُبسِ الثِّيابِ الجَميلةِ، والنِّعالِ الجَميلةِ. وفيه إثباتُ اسمِ «الجَميلِ» لله سُبحانَه، وأنَّه من أسمائه الحُسنى.