حكم ضرب الوجه هو أحد الأحكام الشرعية والفقهية التي لا بدَّ من بيان حكمها، فقد عملت الشريعة الإسلامية في أحكامها الفقهية على بيان كل الأمور المُتعلقة بحياة الإنسان، وتوضيح الحلال من الحرام والجائز من الممنوع، وقد شمل ذلك جميع جوانب التعامل بين الناس، ومن خلال هذا المقال سنسلط الضوء على أحد هذه الأحكام الشرعية، وهو حكم الضرب على الوجه، كما سنذكر حكم لطم الوجه. حكم ضرب الوجه
إنَّ حكم ضرب الوجه هو غير جائز ومُحرَّم، حيث أنَّه لا يحق للمُسلم أن يضرب غيره على وجهه حتى لو كان هذا الشخص هو عدوٌ يُقاتله، وقد ورد ذلك في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة ومنها قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا قاتَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ" [1] ، وكذلك قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا ضربَ أحدُكُم فليتَّقِ الوجهَ" [2] ، حيث أنَّ الضرب على الوجه هو حكم من الأحكام الثابتة في السنة النبوية الشريفة، والمُتفق على حُرمتها، والله أعلم. [3]
حكم ضرب الوجه بهدف التأديب
إنَّ الضرب على الوجه هو حُكم مُحرم في جميع الحالات والظروف، حيث أنَّه لا يجوز الضرب على الوجه لأي سبب كان، سواء أكان ذلك بهدف التأديب أو التربية أو التعليم على القتال أو إقامة الحد، فإنَّه إذا كان ضرب الوجه في حالة القتال أو الدفاع عن النفس مُحرمًا وغير جائز، فإنَّه بطبيعة الحال هو أمرٌ مُحرَّم بهدف التأديب، وقد قال العراقي في ذلك: "إذَا حَصَلَتْ مُقَاتَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، وَلَوْ فِي دَفْعِ صَائِلٍ وَنَحْوِهِ: يَتَّقِي وَجْهَهُ ، فَمَا ظَنُّك بِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ضَرْبٌ"، والله أعلم.
- نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الضرب على الوجه عند التربية
نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الضرب على الوجه عند التربية
قال النووي: " فِيهِ تَأْكِيد حُرْمَة الْمُسْلِم, وَالنَّهْي الشَّدِيد عَنْ
تَرْوِيعه وَتَخْوِيفه وَالتَّعَرُّض لَهُ بِمَا قَدْ يُؤْذِيه. نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الضرب على الوجه عند التربية. وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ
وَأُمّه) مُبَالَغَة فِي إِيضَاح عُمُوم النَّهْي فِي كُلّ أَحَد, سَوَاء مَنْ
يُتَّهَم فِيهِ, وَمَنْ لَا يُتَّهَم, وَسَوَاء كَانَ هَذَا هَزْلًا وَلَعِبًا,
أَمْ لَا; لِأَنَّ تَرْوِيع الْمُسْلِم حَرَام بِكُلِّ حَال ". انتهى "شرح النووي
على مسلم" (16/170)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ( لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا
يَدْرِي ؛ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ
النَّارِ) رواه البخاري (7072) ومسلم (2617)
قال ابن حجر: " وَالْمُرَاد أَنَّهُ يُغْرِي بَيْنَهُمْ حَتَّى يَضْرِب أَحَدهمَا
الْآخَر بِسِلَاحِهِ فَيُحَقِّق الشَّيْطَان ضَرْبَته لَهُ ". انتهى: فتح الباري
"(13/25). وهذا الوعيد خاص بمن أشار إلى أخيه بالسلاح على سبيل التهديد ، ولو كان مازحاً ،
بخلاف من أشار به إليه في حال التدريب ، فليس ثمة تهديد ولا تخويف ، وإن كان الواجب
ـ حتى في التدريب ـ أن يتحرز من إيقاع الأذى بأخيه ، أو مقاربة ذلك.
"؛ أخرجه مسلم وغيره". وممَّا سبق يتبيَّن أنَّ الحديث المذْكور لا يختص بألعاب القوى فقط، وإنَّما هو عام يشملها ويشمل غيرها. ولمزيد فائدة؛ راجع الفتويين: " حكم رياضة كمال الأجسام "، و فتوى التالية للشيخ ابن باز " ما هو حكم الإسلام في الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة ". هذا؛ والله أعلم. 249
1
109, 246