يطرح سليمان، الذي يظهر وهو يتناول البيرة، عليه عدة تساؤلات عن حياته؛ فينتقد حرصه على الاستغفار وطلب العفو بينما هو لم يرتكب أية خطيئة في حياته، ليفتح أمامه أبوابًا من التفكير ظلت مغلقة لسنوات؛ وهو ما يتزامن مع أزمة عاطفية يتعرَّض لها متزمل مع الفتاة التي يحبها. الملصق الدعائي للفيلم
في الفيلم السوداني يظهر تأثُّر مخرجه بالسينما المصرية؛ فتجد صورة لهند رستم وأخرى ليوسف شاهين، بينما تعالج الفكرة بشكل بسيط للغاية يعكس طبيعة الحياة في بعض القرى السودانية، وبشكل كلاسيكي؛ وهو ما يرجعه مخرج العمل أمجد أبو العلاء، إلى عدم وجود أفلام كلاسيكية في السينما السودانية. السودان يختار "ستموت في العشرين" لتمثيله في مسابقة الأوسكار - RT Arabic. أمجد من مواليد الإمارات، لم يغادرها في طفولته سوى خمس سنوات فقط عاشها في السودان، قبل أن يعود مجددًا لدراسة الإعلام، ومنها إلى فرنسا؛ ليبدأ مسيرة تقديم عدة أفلام قصيرة وصلت إلى نحو 12 فيلمًا قبل أن يخوض تجربته الأولى في السينما الروائية الطويلة عبر "ستموت في العشرين". اقرأ أيضًا:.. A Twelve-Year Night فيلم بطعم السجن
يقول أبو العلاء لـ"كيوبوست"، إن قراره بالتوجه نحو السينما جاء في وقت مبكر من عمره، وارتبط بمشاهدة أهله وهم يتابعون أعمال يوسف شاهين، وفي الوقت نفسه وصفهم له بالجنون، فأراد أن يكون نفس الشخص الذي يسبب لهم الجنون وفي الوقت نفسه يتابعونه، مشيرًا إلى أنه تأثَّر بالمخرج المصري والسينما الخاصة به كثيرًا.
- فيلم ستموت في العشرين مشاهدة
- فيلم ستموت في العشرين كامل
فيلم ستموت في العشرين مشاهدة
وإذا ما تجاوزنا الفكر والفلسفة سنجد أن الفيلم عجز أن يبني من هذه الفكرة المبشرة دراما سينمائية حقيقية، فسنجد أن الصراع يكاد يكون معدومًا طوال الفيلم، فالأب والأم استسلما للمصير المزعوم من البداية للنهاية، شخصيات أحادية البعد لا يطرأ عليها أي تحول، لا أحد يسائل هذه النبوءة أو يشكك فيها، جميع أهل القرية مؤمنون بها إيمانًا عقديًا. فيلم ستموت في العشرين تحميل. أما البطل فلا يفقد إيمانه بالنبوءة إلا بعد زواج حبيبته، وكأنه لم يدرك مدى هشاشة هذا الإيمان إلا بعد ما تعرض لصدمة عادية تتكرر كل يوم لملايين البشر. ثم يأتي التحول في شخصية البطل من خلال علاقته بواحدة من أكثر الشخصيات المبتذلة والمتكررة في السينما العربية، إسماعيل، المثقف التقدمي المتمرد والرافض لمنظومة الفكر والقيم بمجتمعه التقليدي. أما أبرز معالم التفاوت بين الشكل والمضمون فتتبدى في معالجة الفيلم للزمن. منذ البداية يحرص الفيلم على تمويه الزمن فلا يعطي المشاهد أي إشارة حقيقية لزمن الأحداث، وهو ما يساهم في ترسيخ الطابع البدائي للمجتمع الذي تدور فيه الأحداث، ثم تقوم الصورة المجردة بكسر هذا التمويه من خلال إشارات واضحة للزمن في استعراض «إسماعيل» لمشاهد قام بتصويرها في الماضي الذي يبدو أنه السودان في السبعينيات، أو في عرضه فيلم «باب الحديد»، أما أكثر هذه الإشارات إرباكًا فنجدها في مشهد متكرر داخل غرفة «نعيمة» إذ يظهر على الحائط بوضوح ملصق دعائي للمسلسل التركي «حريم السلطان»، وهو ما يكسر تمامًا صورة المجتمع البدائي ويعطي إشارة واضحة بمجتمع حداثي.
فيلم ستموت في العشرين كامل
مردفاً: "حرام نبيع الخمر". مُزَّمل الذي لم يستنكر أو يعترض على استلاب حياته كاملة بسبب نبوءة درويش شارد، أو على تنمّر أطفال قريته الذين كانت لعبتهم المفضلة دفنه حياً، أو على حداد والديه الاستباقي عليه طوال عشرين عاماً بدلاً من محاولة إنقاذه، لم يلفته سوى أن كهلاً وحيداً على أطراف القرية يشرب الخمر، فيما بلدة كاملة مخمورة بأفكار ونبوءات تمنحها تعاسة خالدة، وتلك هي المفارقة الرئيسية التي بنى عليها المخرج والسيناريست السوداني أمجد أبو العلاء فكرته عن الحياة في مقابل الموت، وكيف تسلب السلطة الدينية والرمزية حيوات الناس مقابل مفهوم سائل اسمه "البرَكة". السينما في السودان: الفيلم السوداني"ستموت في العشرين": فيلم تنويري عن الحياة والموت - Qantara.de. في هذا الفيلم يذكرنا مُزَّمل ببطل رواية ماركيز، التي حُولت إلى فيلم أيضاً، "وقائع موت معلن"، سانتياجو نصار، الذي يروح ضحية لزعم فتاة أنه أفقدها عذريتها، فيقرر أخواها الانتقام لشرفهما بقتله، ويعلنان ذلك للحي كله عسى أن يمنعهما أحد، ولكن الجميع يتواطأ بالصمت، بما في ذلك رجال الدين ورجال العدالة، وكأن هناك رغبة ضمنية بالتخلص من هذا الأرستقراطي ذي الجذور العربية. في قرية مُزَّمل "ود الموت" لا يختلف الأمر كثيراً، فلا يحاول أي من سكانها التشكيك ولو لمرة في نبوءة موت الولد، والوحيد الذي حاول المساعدة هو شيخ المسجد الذي لم ينكر النبوءة، بل طالب الولد بالتهيؤ لموته، بحفظ القرآن وخدمة المصلين وبر والديه ما استطاع.
خيبة الأم سكينة تكفن ملامح وجهها أثناء حفل الطقوس الدينة لمولدها الذكر، بعد أن صقعتها نبوءة الشيخ، بينما قرر والده الهجر إلى أثيوبيا عقب مولد طفله مزمل مباشرة، وما عرفه عن موت صغيره، لكن والدته تعمل جاهده على حمايته من المجتمع، والأطفال الذي ينظرون له كطفل ميت، أو أن يواجه مخاطر تعجل بتلك النبوءة، خصوصًا وأنه يعاني من غياب الوالد، إلا أن مزمل خرج من العزلة، وذهب إلى المدرسة القرآنية، والتقى بالمعالج الروحي، وهو حبيس الجدران، يواجه مصيره المشؤوم، والوزن الهائل للتقاليد قبيل أن يظهر المصور سلمان، ليمنح الطفل مبررًا كافيًا لكسب للحياة في مواجهة الموت، وإبطال النبوءة المشؤمة. الكاتب الصحفي والقاص السوداني إسحق فضل الله نظر للفيلم من خلال العرض الأول بصورة مزعجة، واعتبره محاولة تسويق أطروحة علمانية في مواجهة الدين، وكتب مقالًا في صحيفة "الانتباهة" مستعرضًا مشاهد الشيخ الذي يقول عن الطفل المولود إنه سيعيش عشرين سنة ثم يموت، حيث الطفل يظل في شبابه متدينًا يهرب من سوء المصير، والخوف يجعله يشعر بأنه مطارد، والمطاردة تجعله يكره ما يطارده، وهو الدين، ويتحول ضد الإسلام، وفقًا لتصور إسحق. اعتبر فضل الله، الذي ينتمي إلى النظام السابق، أن الإسلام في الفيلم يصنعه ويأتي به المؤلف والمخرج، وهو وليس إسلامًا يأتي به النبي محمد، حتى يبدو من القصة "إسلام به من الثقوب والخراب ما يجعل كل أحد يكرهه".