وصايا لقمان الحكيم عليه السلام:
الوصية الأولى: الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك.
- من وصايا لقمان الحكيم يابني
- من وصايا لقمان لابنه :
- من وصايا لقمان لابنه بيت العلم
من وصايا لقمان الحكيم يابني
تعريف بلقمان:
لقمان رجل آتاه الله الحكمة ، كما قال جل شأنه: ( ولقد آتينا لقمان الحكمة) [ لقمان: 12] منها العلم والديانة والإصابة في القول ، وحكمة كثيرة مأثورة ، كان يفتي قبل بعثه داود عليه السلام ، وأدرك بعثته وأخذ عنه العلم وترك الفتيا ، وقال في ذلك: ألا أكتفي إذا كفيت ؟. وقيل له: أي الناس شر ؟ قال: الذي لا يبالي إن رآه الناس مسيئا. وقال مجاهد: كان لقمان الحكيم عبداً حبشياً غليظ الشفتين مشتق القدمين ، أتاه رجل وهو في مجلس ناس يحدثهم فقال له: ألست الذي كنت ترعى الغنم في مكان كذا وكذا؟ قال: نعم، قال: فما بلغ بك ما أرى ؟ قال: صدق الحديث، والصمت عما لايعنيني. وعن خالد الربعي قال: كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً فقال له مولاه: أذبح لنا هذه الشاة فذبحها ، قال: أخرج أطيب مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، ثم مكث ما شاء الله ثم قال: أذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها ، قال: أخرج أخبث مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، فقال مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما ، وأمرتك أن تخرج أخبث مضعتين فيها فأخرجتهما. فقال لقمان: إنه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا. من وصايا لقمان الحكيم يابني. وقال القرطبي: قيل إنه ابن أخت أيوب وابن خالته ، رأي رجلاً ينظر إليه فقال: إن كنت تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق ، وإن كنت تراني أسود فقلبي أبيض.
من وصايا لقمان لابنه :
قال القرطبي: لما نهاه عن الخالق الذميم رسم له الخلق الكريم الذي ينبغي أن يستعمل فقال: ( واقصد في مشيك) أي توسط فيه ، والقصد: ما بين الإسراع والبطء ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن ". فأما ما روي عنه عليه السلام أنه كان إذا مشى أسرع ، وقول عائشة في عمر رضي الله عنه: كان إذا مشى أسرع؛ فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت ، والله أعلم ، وقد مدح الله سبحانه من هذه صفته حسبما تقم بيانه في الفرقان. ا هـ
قلت: يقصد قوله تعالى: ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً) ،( واغضض من صوتك). قال القرطبي: أي أنقص منه ، أي لاتتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه ؛ فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي ، والمراد كله التواضع ، وقد قال عمر رضي الله عنه لمؤذن تكلف رفع الأذان بأكثر من طاقته: لقد خشيت أن ينشق مريطاؤك. والمؤذن هو أبو محذورة ، سمرة بن معير. التفريغ النصي - دروس من وصايا لقمان لابنه [2] - للشيخ خالد بن علي المشيقح. ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير). قال القرطبي: أي أقبحها وأوحشها ، قال: والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة وكذلك نهاقه ، ومن استفحاشهم لذكره مجرداً ؛ فإنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح فيقولون: الطويل الأذنين ؛ كما يكنى عن الأشياء المستقذرة ، وقد عد في مساوئ الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة ، ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافاً وإن بلغت منه الرجل ، وكان صلى الله عليه وسلم يركبه تواضعاً وتذللاً لله تبارك وتعالى، وفي الآية دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطرة والملاحاة بقبح أصوات الحمير ن لأنها عالية.
من وصايا لقمان لابنه بيت العلم
والآن مع وصايا لقمان
الوصية الأولى: ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) [ لقمان: 13]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه ، وأحبهم إليه ، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف. ولهذا أوصاه أولاً بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً ، ثم قال له محذراً: ( إن الشرك لظلم عظيم أي هذا أعظم الظلم ، قال البخاري: عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قلنا: يا رسول الله ، أينا لا يظلم نفسه ؟ قال: " ليس كما تقولون " ، (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) بشرك ، أولم تسمعوا قول لقمان لابنه: ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم). فالشرك هنا عبر عنه بالظلم ، ويلبسون إيمانهم بظلم ؛ أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك. ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده ؛ البر بالوالدين ، كما قال تعالى " ( وقضى ربك ألاتعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسناً) [ الإسراء " 23]. من وصايا لقمان لابنه :. وكثير ما قرن الله تعالى بين ذلك في القرآن الكريم. الوصية الثاني: ( يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتي بها الله إن الله لطيف خبير) [ قمان: 16].
5- أن شكر الشاكر يعود نفعه عليه وينال به أفضل الجزاء؛ قال تعالى: ﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، وقال تعالى ممتنًّا على نبيه لوط عليه السلام: ﴿ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ﴾ [القمر: 35]. 6- كذلك الكافر فإنما يعود ضرره عليه، ولا يضر الله شيئًا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 177]. 7- أن الله تعالى غني لا تنفعه طاعة الطائع، ولا تضره معصية العاصي، قال تعالى: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُم ﴾ [الزمر: 7]. من وصايا لقمان الحكيم لابنه: (الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك). 8- أن من تقرب إلى الله تعالى ولو بشيء يسير، فإنه لا يضيع عند الله؛ لأنه سبحانه وتعالى حميد، فأربح التجارات هي التجارة معه تعالى، قال تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20].
قال ابن كثير: ولو كانت تلك الذرة محصنة محجبة في داخل صخرة صماء أو غائبة ذاهبة في أرجاء السماوات والأرض فإن الله يأتي بها ، لأنه لا تخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، ولهذا قال ( إن الله لطيف خبير) ، أي لطيف العلم فلا تخفى عليه الأشياء وإن دقت ولطفت ، ( خبير) بدبيب النمل في الليل البهيم. وقال القرطبي: روي أن ابن لقمان سأل أباه عن الحبة التي تقع في سفل البحر أيعلمها الله ؟ فراجعه لقمان بهذه الآية: ( يابني إنها إن تك مثقال... ) الآية. الوصية الثالثة: لا زال لقمان يوجه ولده فيقول: ( يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) [ لقمان 17]. قال ابن كثير: أقم الصلاة ، أي بحدودها وفروضها وأوقاتها ، واءمر بالمعروف وانه عن المنكر بحسب طاقتك وجهدك ، واصبر على ما أصابك ، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن ينال من الناس أذى ، فأمره بالصبر. من وصايا لقمان لابنه بيت العلم. وقوله: ( إن ذلك لمن عزم الأمور) أي الصبر على أذى الناس من عزم الأمور. وقيل: أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل وهذا قول حسن لأنه يعم.