كن في الدنيا ، أي: في معاشك، وفيما تؤمله، وفيما تخطط له من أمور المعاش وما يحصل من المكاسب كأنك غريب أو عابر سبيل، والغريب هو الإنسان البعيد عن وطنه، وعابر السبيل هو الإنسان الذي يجتاز بمحل، ثم بعد ذلك يفارقه.
- كن في الدنيا كأنك غريب
كن في الدنيا كأنك غريب
عن أبي مالكٍ الحارث بن عاصمٍ الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأان - أو تملأ - ما بين السماء والأرض، والصلاة نورٌ، والصدقة برهانٌ، والصبر ضياءٌ، والقرآن حجةٌ لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها))؛ رواه مسلم. ترجمة الراوي:
الحارث بن عاصم الأشعري صحابي جليل اختلف في اسمه، والأشعري نسبة إلى قبيلة باليمن يقال لهم: الأشعريون، والصحيح أنه غير أبي موسى الأشعري المشهور؛ لأن ذاك معروف بكنيته، وهذا معروف باسمه، مات بالطاعون في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ثمان عشرة [1]. منزلة الحديث:
♦ قال النووي رحمه الله: هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، قد اشتمل على مهمات من قواعد الإسلام [2]. ♦ قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام؛ لاشتماله على مهمات من قواعد الدين، بل نصف الدين، باعتبار ما قررناه في شطر الإيمان، بل على الدين جميعه، باعتبار ما قررناه من الصبر، وفي معتقها وموبقها [3]. كن في الدنيا كأنك غريب. غريب الحديث:
♦ الطهور: فعل ما يترتب عليه رفع الحدث. ♦ شطر: نصف. ♦ الميزان: الذي توزن به الأعمال يوم القيامة.
نص الحديث شرح الحديث ترجمة الراوي فيديو الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمنْكبيَّ فَقَالَ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيْلٍ) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُوْلُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ. وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لمَوْتِكَ.. رواه البخاري. قوله: (أَخَذَ بِمنْكَبَيَّ) أي أمسك بكفتي من الأمام. وذلك من أجل أن يستحضر مايقوله النبي ﷺ وقال: (كُنْ فِي الدُّنِيا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيْلٍ) فالغريب لم يتخذها سكناً وقراراً، وعابر السبيل: لم يستقر فيها أبداً، بل هو ماشٍ. وعابر السبيل أكمل زهداً من الغريب، لأن عابر السبيل ليس بجالس، والغريب يجلس لكنه غريب. (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ أَوْ عَابرُ سَبِيْلٍ) وهذا يعني الزهد في الدنيا، وعدم الركون إليها، لأنه مهما طال بك العمر فإن مآلك إلى مفارقتها. وَكَانُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُوْلُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.