الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 1 - 5]. سورة الفلق من السور المكيَّة من المفصَّل، وعدد آياتها خمس آيات، وعدد كلماتها: (٢٣) كلمة، وعدد حروفها: (٧١) حرفًا، وترتيبها في المصحف السورة رقم: (١١٣)، في الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، وسميت سورة الفَلَق بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكر الفَلَق، وهو الصُّبح. من فضائل سورة الفلق:
لقد ورد في فضل سورة الفلق عدةُ أحاديث صحيحة، مما يدل على عظيم مكانتها، ورفعة منزلتها، وعلوِّ قدرها، حيث تُعد سورة الفلق من السور التي ما أُنزِلَتْ في التَّوراةِ، ولا في الزَّبورِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الفُرقانِ مِثلُهُنَّ، وما ذاك إلا لعظيم مكانتها ومنزلتها. ومن هذه الأحاديث التي وردت في فضلها:
1- عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه قال: «ثمَّ لَقيتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال لي: يا عُقْبةُ بنَ عامِرٍ، ألا أُعَلِّمُك سوَرًا ما أُنزِلَتْ في التَّوراةِ، ولا في الزَّبورِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الفُرقانِ مِثلُهُنَّ؟ لا يأتِيَنَّ عليك لَيلةٌ إلا قَرأْتَهُنَّ فيها: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾، قال عُقْبةُ: فما أَتَتْ علَيَّ لَيلةٌ إلا قَرأْتُهُنَّ فيها، وحُقَّ لي ألا أَدَعَهُنَّ وقد أَمَرَني بهِنَّ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ».
- سورة الفلق والناس - الكلم الطيب
- قراءة سورة الفلق مكتوبة كاملة بالتشكيل اختر الخط 日 موقع فولدرات 日
سورة الفلق والناس - الكلم الطيب
من مقاصد سورة الفلق:
1- إثبات وتقرير توحيدَي الربوبية والألوهية؛ بتعليم النبي محمدٍ صلى الله تعالى عليه وسلم وأمَّتِه وتربيتهم على الاعتصام بالله جل وعلا، والاستعاذة به من شرور خلقه. 2- أنَّ الله جل وعلا هو الكافي والحافظ للعبد من شرِّ كلِّ ذي شرٍّ، ومن كلِّ سوءٍ ومكروهٍ. 3- التحصُّن والاعتصام بالله تبارك وتعالى من الشرور الظاهرة والخفية، ويكون ذلك بقراءة المعوذات، والتي منها سورة الفلق، وغيرها من الأذكار والأدعية الصحيحة الثابتة عن نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم. هذا ما تيسَّر إيراده من تفسير لهذه السورة العظيمة المباركة، نسأل الله جلَّ وعلا الفردوس الأعلى في الجنة، والفوز في الدارين، والثبات على الحق والخير حتى نلقاه، وأن يجعل ما كُتب من العلم النافع والعمل الصالح، والحمد لله ربِّ العالمين. المصادر والمراجع:
1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، للإمام محمد بن جرير الطبري. 2) الجامع لأحكام القرآن، (تفسير القرطبي)، للإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر شمس الدين القرطبي. 3) تفسير القرآن العظيم، (تفسير ابن كثير)، للإمام عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير. 4) معالم التنزيل (تفسير البغوي)، للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي.
قراءة سورة الفلق مكتوبة كاملة بالتشكيل اختر الخط 日 موقع فولدرات 日
فهرس السور
113 - سورة الفلق
التالي السابق
﴿
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
الْفَلَقِ ﴿ ١ ﴾ مِن
شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿ ٢ ﴾ وَمِن
شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿ ٣ ﴾ وَمِن
شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿ ٤ ﴾ وَمِن
شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿ ٥ ﴾
أعلى
هذا كلام الإمام. ثم قال في "الفلق": سمعت بعض العارفين يقول: لما شرح الله سبحانه [ ص: 166] أمر الإلهية في سورة "الإخلاص"، ذكر هاتين السورتين عقبها في شرح مراتب الخلق على ما قال: ألا له الخلق والأمر 3. فعالم الأمر كله خيرات محضة، بريئة عن الشرور والآفات، [و] 4 أما عالم الخلق فهو الأجسام الكثيفة، والجثمانيات، فلا جرم قال في المطلع: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق "الفلق: 1، 2". ثم [من الظاهر أن] 7 الأجسام إما أثيرية أو عنصرية، والأجسام كلها خيرات محضة; لأنها بريئة عن الاختلال والفطور، على ما قال: ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور "تبارك: 3". وإما عنصرية، فهي إما جمادات، فهي خالية عن جميع القوى النفسانية، فالظلمات فيها خالصة، والأنوار عنها زائلة، وهو المراد من قوله: ومن شر غاسق إذا وقب "الفلق: 3". وإما نبات، والقوة العادلة هي التي تزيد في الطول والعمق معا، فهذه القوة النباتية كأنها تنفث في العقد. وإما حيوان، وهو محل القوى التي تمنع الروح الإنسانية عن الانصباب إلى عالم الغيب، والاشتغال بقدس جلال الله، وهو المراد بقوله: ومن شر حاسد إذا حسد "الفلق: 5". ثم إنه لم يبق من السفليات بعد هذه المرتبة سوى النفس الإنسانية، وهى المستعيذة، فلا يكون مستعاذا منها فلا جرم قطع هذه السورة، وذكر بعدها في سورة "الناس" مراتب ودرجات النفس الإنسانية.