حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن مجاهد: " إنهم أناس يتطهرون " ، من أدبار الرجال وأدبار النساء. حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن الحجاج ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد في قوله: " إنهم أناس يتطهرون " ، قال: لمجطهرون من أدبار الرجال والنساء. حدثنى المثنى قال ، حدثنا إسحق قال ، حدثنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله: " إنهم أناس يتطهرون " ، قال: من أدبار الرجال ومن أدبار النسماء. حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي: " إنهم أناس يتطهرون " ، قال: يتحرجون. حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: " إنهم أناس يتطهرون " ، يقول: عابوهم بغير عيب ، وذموهم بغير ذم. آل لوط عليه السلام في القرآن الكريم. قوله تعالى: "وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم" أي لوطاً وأتباعه. ومعنى "يتطهرون" عن الإتيان في هذا المأتى. يقال: تطهر الرجل أي تنزه عن الإثم. قال قتادة: عابوهم والله بغير عيب. أي ما أجابوا لوطاً إلا أن هموا بإخراجه ونفيه ومن معه من بين أظهرهم, فأخرجه الله تعالى سالماً وأهلكهم في أرضهم صاغرين مهانين, وقوله تعالى: "إنهم أناس يتطهرون" قال قتادة: عابوهم بغير عيب, وقال مجاهد: إنهم أناس يتطهرون من أدبار الرجال وأدبار النساء.
المحتوى القرآني - بسم الله الرحمن الرحيم إنهم أناس يتطهرون نهى...
(10)
ألم يقل فرعونُ إمامُ المفسدين وهو يسعى إلى القضاءِ على نبي الله موسى - عليه السلام -º فيتهمه بتهمة هي أقرب ما تكون إلى (تهمة الإرهاب) في زمانناº باعتبارِها إظهاراً للفسادِ في الأرض، (وقال فرعونُ ذروني أقتل موسى وليدعُ ربَّه إني أخاف أن يُبدِّلَ دينَكم أو أن يُظهرَ في الأرضِ الفساد)! (11)
سبحان الله.. المقالة واحدة، والتهمة واحدة، والحكم واحدٌ.. فقد صارت شعارًا لكلِّ الظالمين، كلما خلت منهم أمةٌ خلفت أخرى: (أخرِجُوهم من قريِتكم إنهم أُناسٌ يتطهَّرون)! (12) وسُنَّةُ الله تمضي عليهم جميعا: (كذلك ما أتى الذين من قبلِهم من رسولٍ, إلا قالوا ساحرٌ أو مجنونٌ أتواصوا به بل هم قومٌ طاغون)! المحتوى القرآني - بسم الله الرحمن الرحيم إنهم أناس يتطهرون نهى.... (13)
فهذه الحرب الفكرية التي تستهدف ثوابتَنا الدينية ومبادئنا الشرعية لا يمكن أن نَصُدَّها بالسلاحِ وحدَه، ولكن بالوعيِ بطبيعةِ هذه الحرب على الإسلام، والتمسكِ بالمفاهيم الشرعيةº وأن لا ندع أعداءَ الإسلام يَستَخِفٌّون بناº \"وما كان فرعونُ بقادرٍ, على أن يَستخِفَّ قومَه فيُطيعوهº لو لم يكونوا فاسِقين عن دينِ اللهº فالمؤمن بالله لا يستخفه الطاغوتُ ولا يُمكن أن يُطيعَ له أمراً وهو يعلم أنَّ هذا الأمرَ ليس من شرعِ الله\"!
إنهم أناس يتطهرون !
فجدير بالمسلم أن يأخذ حذره ، وأن يعرف عدوه ، وأن يبعد بنفسه ، وبإخوانه عن أمثال هؤلاء ، ليسلك سبيل النجاة.. والله الموفق الهادي إلى سبيل الرشاد.
آل لوط عليه السلام في القرآن الكريم
ﵟ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﲩ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﲪ ﵞ
سورة الشعراء
فأجبنا دعاءه فنجيناه وأهله كلهم. ﵟ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ۚ قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا ۖ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﰟ ﵞ
سورة العنكبوت
قال إبراهيم عليه السلام للملائكة: إن في هذه القرية التي تريدون إهلاك أهلها لوطًا، وليس هو من الظالمين، قالت الملائكة: نحن أعلم بمن فيها، لننقذنّه وأهله من الهلاك المنزل على أهل القرية إلا امرأته كانت من الباقين الهالكين، فسنهلكها معهم. ﵟ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ ۖ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﰠ ﵞ
ولما أتت الملائكة الذين بعثناهم لإهلاك قوم لوط لوطًا ساءه وأحزنه مجيئهم خوفًا عليهم من خبث قومه، فقد جاءته الملائكة في شكل رجال، وقومه يأتون الرجال شهوة من دون النساء، وقال له الملائكة: لا تخف، فلن يصل إليك قومك بسوء، ولا تحزن على ما أخبرناك من إهلاكهم، إنا منقذوك وأهلك من الهلاك، إلا امرأتك كانت من الباقين الهالكين، فسنهلكها معهم.
والفاء للتفريع ، والاستثناء مفرغ من أعم الأشياء. أى: هكذا نصح لوط قومه وزجرهم ، فما كان جوابهم شيءا من الأشياء سوى قول بعضهم لبعض أخرجوا لوطا والمؤمنين من قريتكم التى يساكنوكم فيها. وفى التعبير بقولهم: ( مِّن قَرْيَتِكُمْ) إشارة إلى غرورهم وتكبرهم فكأنهم يعتبرون لوطا وأهله المؤمنين دخلاء عليهم ، ولا مكان لهم بين هؤلاء المجرمين لأن القرية - وهى سدوم - هى قريتهم وحدهم ، دون لوط وأهله. وقوله - تعالى - حكاية عنهم: ( إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) تعليل للإخراج ، وبيان لسببه ، أى أخرجوهم من قريتكم لأنهم أناس يتنزهون عن الفعل الذى نفعله ، وينفرون من الشهوة التى نشتهيها وهى إتيان الرجال.. وما أعجب العقول عندما تنتكس ، والنفوس عندما ترتكس ، إنها تأبى أن يبقى معها الأطهار ، بل تحرض على طردهم ، ليبقى معها الممسوخون والمنحرفون الذين انحطت طباعهم ، وزين لهم الشيطان سوء أعمالهم فرأوه حسنا. ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال: وقولهم: ( إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش ، وافتخارا بما كانوا فيه من القذارة ، كما يقول الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: أبعدوا عنا هذا المتقشف وأريحونا من هذا المتزهد.