شرح كم اجعل لك من صلاتي:
جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يا رسول الله! إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قال: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: الثلثين؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: يا رسول الله! فأجعل صلاتي كلها لك؟ قال: إذًا تكفى همك، ويغفر ذنبك)
اذا جعل الإنسان وقتًا يصلي فيه على النبي ﷺ كثيرًا فالله جل وعلا يأجره على ذلك، والحسنة بعشر أمثالها، إلى ما لا يحصى من الفضل، يقول النبي ﷺ: إذًا تكفى همك، ويغفر ذنبك إذا أكثر من الصلاة عليه عليه الصلاة
المراد بقوله فكم أجعل لك من صلاتي
السؤال:
السؤال الأول من الفتوى رقم(19212)
في الحديث الشريف: قال أبي بن كعب للرسول -صلى الله عليه وسلم-: (كم أجعل لك من صلاتي؟). أشكل علي فهم هذا الحديث جدا، هل المراد: أن أدعو للرسول -صلى الله عليه وسلم- دوما ولا أدعو لنفسي، وكيف يكون ذلك، والله تعالى أمر بالدعاء؟ وهو سبحانه يحب أن يسأله عبده أموره كلها. الجواب:
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس بحاجة أن يدعى له، فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾[الفتح: 2] فليس بحاجة إلى دعائنا. والمشروع أن نصلي عليه بأن نسأل الله أن يثني عليه في الملأ الأعلى، وقد علمنا -صلى الله عليه وسلم- كيفية الصلاة عليه، ففي حديث كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: «خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: "قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد». وأما ما ذكر في حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه-، فهو من خصوصياته؛ لأنه كان يدعو لنفسه، فحوله للنبي صلاة عليه بعد أن استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، قال ابن القيم في كتابه (جلاء الأفهام) ص 34: (وسئل شيخنا أبو العباس ابن تيمية -رضي الله عنه-، عن تفسير هذا الحديث فقال: «كان لأبي بن كعب دعاء يدعو به لنفسه، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: (إن زدت فهو خير لك)، فقال له: النصف، فقال: (إن زدت فهو خير لك)، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها أي: أجعل دعائي كله صلاة عليك-، قال: (إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك)».
المراد بقوله فكم أجعل لك من صلاتي - الفجر للحلول
اهـ. وقال في موضع آخر: فإن هذا له دعاء يدعو به، فإذا جعل مكان دعائه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وآخرته، فإنه كلما صلى عليه مرة صلى الله عليه عشراً، وهو لو دعا لآحاد المؤمنين لقالت الملائكة: آمين ولك بمثله، فدعاؤه للنبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك. اهـ. ويشرع أن تخصص لهذه الصلاة وقت الدعاء الذي كنت تدعو به لنفسك، كما كان أبي ـ رضي الله عنه ـ يخصص وقت الليل، وأما أن تترك الدعاء لنفسك: فهو خلاف الشرع، فهناك أدعية مطلوبة في الصلاة وبعدها، وفي الحياة اليومية لا ينبغي تركها، فقد جاء في تحفة الأحوذي: قال القاري: وللحديث روايات كثيرة، وفي رواية قال: إني أصلي من الليل ـ بدل: أكثر الصلاة عليك ـ فعلى هذا قوله: فكم أجعل لك من صلاتي؟ أي بدل صلاتي من الليل. انتهى. وقال الشيخ العثيمين في الكلام على الحديث المذكور ما لفظه: هناك احتمالان:
الاحتمال الأول: وإليه ذهب شيخ الإسلام ـ فيما أظن ـ أن الرسول كان يعلم له دعاءً معيناً، فأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجعل دعاءً معيناً كله للرسول عليه الصلاة والسلام.
والله تعالى أعلم.