والظلم: أن يعاقب بذنوب غيره، ومثل هذا كثير في القرآن، وهو مما يدل على أن الله قادر على الظلم، ولكنه لا يفعله؛ فضلًا منه وجودًا، وكرمًا وإحسانًا إلى عباده، وقد فسر كثير من العلماء الظلم: بأنه وضع الأشياء في غير موضعها؛ قاله ابن رجب رحمه الله [4]. ((وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا))؛ أي: إنه حرَّم الظلم على عباده، ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم، فحرام على كل عبد أن يظلم غيره. والظلم نوعان: أحدهما: ظلم المرء نفسه، وأعظمه الشرك والكفر على اختلاف أنواعهما، ثم تليها المعاصي على اختلاف أجناسها، والثاني: ظلم المرء غيره، وهو المنهي عنه ها هنا؛ أي: لا يظلم بعضكم بعضًا. ((يا عبادي))، كرر النداء زيادة في تشريفهم وتعظيمهم؛ ولذا أضافهم إلى نفسه. منتدى جامع الائمة الثقافي - يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي (حديث قدسي ). ((كلكم ضال))؛ أي: غافل عن الشرائع، ((إلا من هديته))؛ أي: وفَّقْتُه ومنعت عنه أسباب الضلالة، ((فاستهدوني))؛ أي: اطلبوا مني الهداية، ((أهدِكم)) أدلكم على طرق النجاة في الدنيا والآخرة. ((يا عبادي، كلكم جائعٌ إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أَكْسُكم))؛ أي: كل واحد منكم في حاجة إلى الطعام والكسوة؛ فهو الذي تفضل عليكم، فخلق أصول الأشياء وفروعها - ومنها الطعام والكسوة - وتكفل بالرزق؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]، وخص الطعام والكسوة بالذكر دون غيرهما؛ لأنهما أهم شيء يهم العبد في حياته.
يا عبادي إني حرمت الظلم - موضوع
2 - تحريم ظلم الإنسان لأخيه بالاعتداء على ماله أو عِرضه أو نفسه. 3 - وجوب طلب الهداية من الله؛ لقوله: ((استهدوني أهدكم)). 4 - وجوب إفراد الله بأنواع العبادة، من السؤال والتضرع والاستعانة وغيرها. 5 - لا يستطيع الخلق قاطبة أن يضروا الله أو ينفعوه، بل هو النافع الضار سبحانه. 6 - أن الطاعة لا تزيد في ملك الله شيئًا. 7 - أن بني آدم خطاؤون، يخطئون بالليل والنهار. 8 - أن الله يغفر الذنوب. [1] مجموع الفتاوى (18/ 156). [2] المجالس السنية (152) الأذكار للنووي (517). [3] مجموع الفتاوى (18/ 156). شرح حديث: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي. [4] جامع العلوم والحكم (1/ 437). [5] البخاري (7419) لا يغيضها: لا تنقصها.
يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي
ذات صلة أحاديث عن الظلم مظاهر عدل الله
معنى "يا عبادي إني حرمت الظلم"
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن الله -تعالى-: (يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا) ، [١] حيث نفى الله -تعالى- عن نفسه إرادة الظلم؛ لكونه أمرا لا يليق به -سبحانه-، [٢] فالظلم يصدر ممّن حُدّت ورُسمَت له حدود متى تعدّاها وتجاوزها عُدّ ظالما، أمّا الله -تعالى- فهو مالك كل شيء، لا حاكم فوقه، ولا حاجز عليه، فهو الذي حدّ الحدود وبيّنها. [٣] إلّا أنّه -سبحانه- بيّن أنّ لكل شيء ميزان حتى تتّضح الأمور وتُصحّح الأفهام، ومن ذلك جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب في حماية الأمّة من الآفات الإجتماعية، فإن تُرك ذلك تخبّطت الأمة وتعثّرت في الفساد، [٤] أمّا قوله: (فلا تَظَالَمُوا) ؛ أي أنّ الله -تعالى- نهى عن الظلم بنوعيه وهما: [٥]
الظلم الذي يتعلّق بحقوق الله -تعالى- كالزكوات، والكفارات، والعبادات، والنذور ونحو ذلك. الظلم الذي يتعلّق بحقوق العباد كالغصوب، وإنكار الودائع، والجنايات في النفس والأعراض ونحو ذلك. يا عبادي إني حرمت الظلم - موضوع. وتجدر الإشارة إلى أمرين: [٦]
أوّلهما: إنّ الله -تعالى- قادر على الظلم إلّا أنّه لا يُقدِم عليه ويفعله رحمة بعباده، وإحسانا بهم، وجودا وكرما منه.
شرح حديث: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي
الشرح
بين
يديك -
أخي
الكريم -
أحد
الأحاديث القدسية العظيمة ، التي يرويها
لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب
العزة جل وعلا ، فتعال بنا نعيش مع هذا
الحديث ، ونستظل بفيئه ، وننهل من عذبه
الصافي. لقد
بدأ الحديث بإرساء قواعد العدل في النفوس
، وتحريم الظلم والعدوان ، يقول النبي
صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه:
بينكم محرما فلا تظالموا)
،
وحقيقة الظلم:
وضع
الشيء في غير موضعه ، وهذا مناف لكمال
الله تعالى وعدله ، فلذلك نزّه الله تعالى
نفسه عن الظلم فقال:
{ وما
أنا بظلام للعبيد}
( ق: 29) ،
وقال أيضا:
الله يريد ظلما للعباد}
( غافر: 31). ولئن
كان الله تعالى قد حرّم الظلم على نفسه ،
فقد حرّمه على عباده ، وحذّرهم أن يقعوا
فيه ؛ وما ذلك إلا لعواقبه الوخيمة على
الأمم ، وآثاره المدمرة على المجتمعات ،
وما ظهر الظلم بين قوم إلا كان سببا في
هلاكهم ، وتعجيل العقوبة عليهم ، كما
قال سبحانه في كتابه العزيز:
{ وكذلك
أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه
أليم شديد}
( هود: 102) ،
ومن ثمّ كانت دعوة المظلوم عظيمة الشأن
عند الله ، فإن أبواب السماء تفتح لها ،
ويرفعها الله فوق الغمام يوم القيامة ،
بل إنه سبحانه وتعالى يقول لها (
وعزتي
لأنصرنك ولو بعد حين)
كما
صح بذلك الحديث.
منتدى جامع الائمة الثقافي - يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي (حديث قدسي )
-
الشوكاني
الفوائد المجموعة
321
13 - إنِّي لَقَائِمٌ علَى الحَيِّ علَى عُمُومَتي أَسْقِيهِمْ مِن فَضِيخٍ لهمْ وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ سِنًّا، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقالَ: إنَّهَا قدْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقالوا: اكْفِئْهَا يا أَنَسُ، فَكَفَأْتُهَا. قالَ: قُلتُ لأَنَسٍ: ما هُوَ؟ قالَ: بُسْرٌ وَرُطَبٌ. قالَ: فَقالَ أَبُو بَكْرِ بنُ أَنَسٍ: كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَومَئذٍ. 14 - إنِّي لَأَسْقِي أبَا طَلْحَةَ وأَبَا دُجَانَةَ وسُهَيْلَ بنَ البَيْضَاءِ، خَلِيطَ بُسْرٍ وتَمْرٍ، إذْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا، وأَنَا سَاقِيهِمْ وأَصْغَرُهُمْ، وإنَّا نَعُدُّهَا يَومَئذٍ الخَمْرَ
15 - هبط عليَّ جبريلُ ، فقال: يا محمَّدُ إنَّ اللهَ يقرئُك السَّلامَ ويقولُ: إنِّي حرَّمتُ النَّارَ على صُلبٍ أنزلك وبطنٍ حملك ، وحجرٍ كفلك ، فقلتُ: يا جبريلُ بيِّنْ لي ، فقال: أمَّا الصُّلبُ ، فعبدُ اللهِ ، وأمَّا البطنُ فآمنةُ بنتُ وهبٍ ، وأمَّا الحجرُ فعبدٌ يعني عبدَ المطَّلبِ ، وفاطمةُ بنتُ أسدٍ
ابن الجوزي
الموضوعات لابن الجوزي
2/10
موضوع بلا شك
تحريم الظلم
لما كانت حقيقة الظلم هي وضع الشيء في غير موضعه ، نزه سبحانه نفسه عن الظلم قال سبحانه: { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} (النساء: 40) ، وقال عز وجل: { وما ربك بظلام للعبيد} (فصلت: 46) ، فهو سبحانه أحكم الحاكمين ، وأعدل العادلين ، وكما حرم الظلم على نفسه جل وعلا فكذلك حرمه على عباده ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم. والظلم نوعان: ظلم العبد لنفسه ، وأعظمه الشرك بالله عز وجل ، قال سبحانه: { إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان: 13) ، لأن الشرك في حقيقته هو جعل المخلوق في منزلة الخالق ، فهو وضع الأشياء في غير مواضعها ، ثم يليه ارتكاب المعاصي على اختلاف أجناسها من كبائر وصغائر ، فكل ذلك من ظلم العبد لنفسه بإيرادها موارد العذاب والهلكة في الدنيا والآخرة ، قال سبحانه: { ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} (البقرة: 231). وأما النوع الثاني من أنواع الظلم: فهو ظلم الإنسان لغيره بأخذ حقه أو الاعتداء عليه في بدنه أو ماله أو عرضه أو نحو ذلك ، وقد وردت النصوص كثيرة ترهب من الوقوع في هذا النوع ، من ذلك - قوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذ ا).
أنواع الظلم
ينقسم الظلم إلى ثلاثة أنواع:
أولها: ظلم الإنسان لنفسه وهو أعظم أنواع الظلم وهو الوقوع في الشرك والعياذ بالله "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ". ثانيها: ظلم الإنسان لنفسه بالمعاصي وذلك بترك الطاعات وفعل المعاصي. ثالثها: وهناك ظلم العبد للناس ومنها قتل النفس التي حرم الله فهي من أنواع الظلم، وكذلك أكل مال اليتامى، وأكل أموال الناس بالباطل جميع هذه الأعمال تندرج تحت أنواع الظلم وأعظمها الشرك بالله مصداقًا لقول الله "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " [النساء: 48]. ويقول أهل العلم غفران الذنب يكون على ثلاثة أصناف: صنف لا يغفره الله وهو الشرك، وصنف لا يترك الله منه شيئًا، وهو مظالم العباد، وصنف تحت مشئة الله إن شاء غفر وإن شاء عذب وهو فيما دون الشرك من الذنوب والمعاصي.