أوقف الربا والمكوس، وأذل الجبابرة والطغاة وأرغم معاطسهم. كم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي. وأفحم الملاحدة حتى أقروا بقدرة العظيم الجبار وخضعت
ألسنتهم وقلوبهم لجبروته، أوقف مجمعات الخنا والفجور، وحفلات الرقص والطرب، ستر
العورات، وفرَّق المختلطين رغمًا عنهم..
لكن.. بلطف وخفاء..
حقًا إن الوفيات بالمئات أو الألوف في كل بلد، وأن
الأرقام تتصاعد، وهذا، مؤلم، ويثير الهلع في النفوس! لكن يا ترى كم كان سيموت مع كل صاروخ نووي كان يمكن أن
يلقى؟! وكم لله من لطف خفي!
كم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي
استُضعف أهل المعروف واستقوى أهل المنكر، وبُدل دين
الله، وشاع العقوق والتباغض والتفاخر بالدنيا..
واستوجب الخلق العقوبة..
المشهد مرعب، فهل أَمِن الناس أن ينظر الله إليهم بِمقته
كما نظر إلى أهل الأرض قبل بعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم فمقتهم عربهم وعجمهم،
إلا بقايا من أهل الكتاب؛ وهم من كان ثابتًا على آثار النبوة السابقة؟! فهل أَمِن الناس أن ينظر الله إليهم بِمقته كما نظر إلى أهل الأرض قبل بعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب؛ وهم من كان ثابتًا على آثار النبوة السابقة
أيفهم هذا الإنسان حقيقة مقت الرب الملك الجبار لأهل
الأرض؟! كم لله من لطف خفي. ترى كيف كان الحال لو قامت مثل هذه الحروب؟
كم سيكون حجم الرعب والهلع والتشرد والقتل، والدمار
وانتهاك الإنسانية الذي سيلحق بنا، خاصة من يقطن في بؤر الصراع ومعاقد النزاعات؟
لكن الملك القهار أرسل مخلوقًا واحدًا فردًا من خلقه
متناهٍ في الصغر.. أخفى من دبيب النملة السوداء على الصخرة الملساء في الليلة
الظلماء، كائنًا لا يكاد يُرى بالمجاهر..
عطَّل حركة البشرية وتنقلاتها، أوقف الاقتصاد، وعرقل خطط
التنمية والصناعات والاختراعات.. أوقف خطط الحروب وآلاتها، وفكَّ آلاف المعتقلين
والمسجونين.
الحزن يأكل صاحبه يا رفيق فلا تطل فيه فيبتلعك ولا تهمله فيتراكم بداخلك ويطاردك في كل وقت وحين "
عادةً النهايات المنمقة والمهندمة لا نقتنع بها ولا تُشفى صدورنا وكأننا نبحث عن أقصى مراحل الألم لنعيشها لربما نُشفى من بعدها وننسى أن الله الذي قدر وكتب علينا الألم هذا رحمهً منه ولطف وصرف ألم أشد لا نقوى ولا نقدر على تحمله طرفة عين فهو سبحانه أعلم بِنَا وبقلوبنا وطاقتها. صرف عنا هذا في أكثر الأوقات تجملها في أعينا لعلمه وحده أنها مصدر لشقائنا فيما بعد أوجعنا الآن ليداوينا طيلة حياتنا فَلَو كشف لنا سبحانه الغطاء وعلمنا الغيب لخترنا ما قدره لنا ربنا.. فَلَو أن في رعايتك طفل صغير وهو يرى بصغر عقله وقله فهمه أن متعته في إدخال أصابعه الصغيرة داخل كُبس الكهرباء فهل تتركه حتى لا تجعله يبكى الآن! ؟
أم ستعنفه بشدة وقد يصل أن تضربه على يديه ليعتبر ويبتعد وأنت غير مكترث لبكائه الآن لعلمك ويقينك أن هذا هو الأصلح له والأقل أَذًى له طيلة عمره.. كم لله من لطف خفي محمد عبده. وله سبحانه المثل الأعلى ما منع عنا شيء ألا وهو محض الخير لنا وما أحزننا إلا ليفرحنا بما هو خير وأفضل منه وما ابتلانا إلا وهو سبحانه يُحبنا ويريد رفعة لنا في الدرجات ومحو عن السيئات.. ولعله يتلاحق لأذهاننا السؤال المعتاد ما دام الله يعلم سبحانه أن هذا هو الشر لنا فلماذا رزقنا به..!