الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأنار لنا طريق الإيمان، وهيأ لنا سبل الإحسان، أحمده حمداً كثيرا طيبا مباركا فيه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: عباد الله، فاتقوا الله حق تقواه، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. كف الأذى. أيها المسلمون: لقد دعا الإسلام إلى مكارم الأخلاق، وحث عليها، ورغب فيها؛ فدعا إلى العشرة الطيبة، والمعاملة الحسنة، كما دعا إلى لين الجانب، وبذل الندى، وكفّ الأذى، وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن كفَّ الأذى من أفضل خصال الإسلام، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قلنا: يا رسول الله! أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: " من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده " متفق عليه. قال الإمام البغوي -رحمه الله تعالى-: " أفضلُ المسلمين: من جمع إلى أداء حقوق الله -تعالى- أداءَ حقوق المسلمين، والكفَّ عن أعراضهم ". عباد الله: لقد دلت النصوص الشرعية على تحريم إيذاء المسلم بأيِّ وجهٍ من الوجوه بغير حقٍّ، قال -تعالى-: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) [الأحزاب:58].
- كف الأذى
- كف الأذى - ملتقى الخطباء
- قصة عن كف الأذى من الهدي النبوي - موضوع
- الواصل والمكافئ
- ليس الواصل بالمُكافئ - موقع مقالات إسلام ويب
كف الأذى
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: اعتكف النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: ((ألا إن كلكم مُناجٍ ربَّه، فلا يؤذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعضٍ في القراءة)) أبو داود. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنَّ مسجدنا، ولا يؤذينَّا بريح الثوم)) مسلم ، وفي لفظ: ((فإن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم)). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الناس يسكنون العالية، فيحضرون الجمعة وبهم وَسَخٌ، فإذا أصابهم الرَّوح سطعت أرواحهم فيتأذَّى بها الناس، فذُكِرَ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أولا يغتسلون؟! قصة عن كف الأذى من الهدي النبوي - موضوع. )) النسائي. ومن صور الأذى: التخلِّي في طرق الناس وأفنيتهم، وقضاء الحاجة في أماكن تنزُّههم، وجلوسهم، وتنجيسها، وتقذيرها بالأنجاس والمهملات؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اتقوا اللعَّانَيْن))، قالوا: وما اللعَّانان يا رسول الله؟ قال: ((الذي يتخلَّى في طريق الناس وظِلِّهم)) مسلم. وعن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله!
كف الأذى - ملتقى الخطباء
ونظر ابن عمر يومًا إلى الكعبة، فقال: ( ما أعظمك وأعظم حُرمَتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك) الترمذي. وعن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من رمى مسلمًا بشيءٍ يريد شَيْنَهُ به حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال)) أبو داود. إن إيذاء المسلمين سبب لدخول النار، وكف الأذى عنهم من أسباب دخول الجنة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله! كف الأذى - ملتقى الخطباء. إن فلانة يُذكَر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تُؤذِي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار))، قال: يا رسول الله فإن فلانة يُذكَر من قلة صيامها وصلاتها، وصدقتها، وأنها تصدَّق بالأثوار من الأقِط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في الجنة)) أحمد. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المسلمُ أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، بحسب امرئٍ من الشرِّ أن يحقِر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ؛ دمُهُ، ومالُهُ، وعِرضُهُ)) مسلم. وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه)) مسلم.
قصة عن كف الأذى من الهدي النبوي - موضوع
• اللهم اسقينا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار.. اللهم اسقينا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار. • اللهم انت الله لا إله إلا انت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين. أدعية تقال عند حدوث الأعاصير والسيول دعاء السيول والعواصف والاعاصير • اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به. • اللهم ارحمنا ولا تبتلينا، وارزقنا من خيراتك كثيراً يا رب العالمين، اللهم آمين حوالينا لا علينا، اللهم على الآكام، والظّراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر. • اللهم سقيا رحمة، ولا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق، الّلهم على الظّراب، ومنابت الشجر، اللهم حوالينا ولا علينا. اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به. • اللهم اسق عبادك، و بهائمك، وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت. اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك. • كانَ إذا رأى سحاباً مُقبِلًا من أفُقٍ منَ الآفاقِ، ترَكَ ما هوَ فيهِ وإن كانَ في صلاتِهِ، حتَّى يستقبلَهُ، فيقولُ: اللَّهمَّ إنَّا نعوذُ بِكَ من شرِّ ما أُرْسِلَ بهِ، فإن أمطرَ قالَ: اللَّهمَّ صيِباً نافعاً مرَّتَينِ، أو ثلاثًا، فإن كشفَهُ اللَّهُ ولم يمطِرْ، حمدَ اللَّهَ على ذلِكَ.
يجب أن يسعى الإنسان في كافة الأشياء التي يقوم بها إلى كف الأذى عن نفسه وعن الآخرين، فلابد ألا يسعى إلى إيقاع شخص ما في وطأة الشر، لأن كثير من الأفراد تلجأ إلى أذى الغير وذلك عن طريق الضرب أو القتل أو التعذيب، وهذا هو الأذى المادي، ويختلف عن الأذى المعنوي والذي يكون عن طريق الكلام أو القول كالغيبة والنميمة، كأن يقوم فرد ما بتشويه سمعة الآخرين، فلابد أن يقي الإنسان نفسه أولا من الأذى لأن عواقبه صعبة وخيمة، ويجب أن يتذكر المسلم أن المسلم الحق هو من سلم لسانه ويده. أمثال وعبر عن الأذى
الأذى صفة تتواجد لدى الحيوانات لأن خلق الله سبحانه وتعالى خلق الحيوان بدون عقل من أجل أن يقوم بالدفاع عن نفسه يؤذي الآخرين من أجل الحصول على الطعام والشراب، ولكن عندما يلجأ الإنسان إلى ذلك وقد ميزه الله سبحانه وتعالى بالعقل عن غيره، ينسى ذلك ويصبح في منزلة البهائم، فلابد أن يعقل الفرد جيدًا أن كف الأذى من كمال العقل، وأن الأذى له أنواع كثيرة وعديدة من بينها أذى النفس، أذى الغير باللسان، أذى المجتمع والبيئة. يجب على المسلم أن يقتدي بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والذي تعرض كثيرًا في حياته للأذى من قبل الكفار، عندما قالوا عنه ساحر ومجنون وسخروا منه على الرغم من علمهم بأنه حق، وعندما صفعه عمه أبو لهب على وجهه أمام أهل قريش، وعندما حاول الكفار أن يخنقوه عندما كان يصلي إلا أن أبا بكر أنقذه من أيديهم، وقال: أتقتلون رجلًا يقول ربي الله.
فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن الأخلاق، وأن يرفعنا وإياكم بالقرآن، وأن ينفعنا وإياكم بالسنة، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته. وضعنا هنا صندوقاً للذي عنده أسئلة أو مشكلات أو نحو هذا، يمكن أن يضعها، ونجيب عليها -إن شاء الله- في كل يوم أربعاء في مثل هذا الوقت، بعد صلاة العشاء بإذن الله -تبارك وتعالى. أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب: ليس الواصل بالمكافئ، (8/ 6)، برقم: (5991). أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، (8/ 28)، برقم: (6114)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، (4/ 2014)، برقم: (2609). أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، (4/ 1982)، برقم: (2558).
الواصل والمكافئ
الواصلُ والمُكافئ [*]
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الواصلُ بالمُكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُه وصَلَها))؛ رواه البخاري [1]. الرَّحم عامة وخاصة:
الرَّحم: عامَّة وخاصَّة، وكلٌّ مما أمر الله به أن يُوصَل، في غير مُحَادَّة لله ورسوله، فأما الرَّحِم الخاصَّة، فهي القرابة على اختلافِ درجاتها، فإذا اشتدت، فإنَّ قطيعتها لغير الله أعظم جرمًا، كما أنَّ صلتها لله أكبرُ درجات..
صلة الرحم العامَّة والخاصَّة:
وتكون صلة الرحم العامة بالعدل والإنصاف، وَتَأْدية الحقوق الواجبة، ثم المُستحبة، وتمتاز صلة الرَّحم الخاصَّة بمزيد من العناية في النفقة والمودَّة، والتناصح والتسامح، وتفقُّد أحوالهم، والتغافل عن زلَّاتهم، والسَّعي في مصالحهم، في حدود الوُسْعِ والطاقة، ولا سيما أهل الصلاح منهم والاستقامة. سيد الواصلين في قومه:
فأما الكُفار والفُجار، فأهمُّ صلتِهم بذلُ الجهد في إصلاحهم، ثمَّ إنذارهم بالقطيعة إنْ تمادَوْا عنهم في غيِّهم.. مع الدعاء لهم بظهر الغيب أن يهديَهم الله إليه صراطًا مستقيمًا. وقد نال سيِّد الواصلين صلى الله عليه وسلم من أذى قومه ما لم يَنَلْه أحدٌ، فعفَّ وعفا، وقال: ((اللهمَّ اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون)) [2].
ليس الواصل بالمُكافئ - موقع مقالات إسلام ويب
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ) أي ليس الواصل حقيقة هو من إذا وصله أقاربه وصلهم مكافأة لهم، وإنما من يَصدق عليه مسمى الواصل هو الذي إذا قطعت رحمُهُ وصلها، وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: (لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلّ - أي تطعمهم الرماد الحار الذي يُحمى ليُدفن فيه الطعام فينضج، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحقهم من الأذى بأكل الرماد الحارّ -، ولا يزال معك من الله ظهير - أي ناصر ومُعين - عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم. قال الإمام ابن بطّال في شرحه للحديث: "( لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ) يعنى: ليس الواصل رحمه من وصلهم مكافأة لهم على صلة تقدمت منهم إليه فكافأهم عليها بصلة مثلها"، ولذلك فإن الناس ينقسمون إلى أقسام ثلاثة: واصلٌ، ومكافئٌ، وقاطعٌ، فالواصل: من يبدأ بالفضل، والمكافئ: من يرد مثله، والقاطع: من لا يتفضل ولا يكافئ، فالكامل من يصل من قطعه. وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): "لا يلزم من نفي الوصل ثبوت القطع، فهم ثلاث درجات: مُواصل ومُكافىء وقاطع، فالواصل من يتفضل ولا يُتفضل عليه، والمُكافئ الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ، والقاطع الذي يُتفضل عليه ولا يتفضل، وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين كذلك تقع بالمقاطعة من الجانبين، فمن بدأ حينئذ فهو الواصل، فإن جوزي سُمِّي من جازاه مكافئا".
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ) أي ليس الواصل حقيقة هو من إذا وصله أقاربه وصلهم مكافأة لهم، وإنما من يَصدق عليه مسمى الواصل هو الذي إذا قطعت رحمُهُ وصلها، وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال:( لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلّ - أي تطعمهم الرماد الحار الذي يُحمى ليُدفن فيه الطعام فينضج، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحقهم من الأذى بأكل الرماد الحارّ -،ولا يزال معك من الله ظهير - أي ناصر ومُعين - عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم. قال الإمام ابن بطّال في شرحه للحديث: "( لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ) يعنى: ليس الواصل رحمه من وصلهم مكافأة لهم على صلة تقدمت منهم إليه فكافأهم عليها بصلة مثلها"، ولذلك فإن الناس ينقسمون إلى أقسام ثلاثة: واصلٌ، ومكافئٌ، وقاطعٌ، فالواصل: من يبدأ بالفضل، والمكافئ: من يرد مثله، والقاطع: من لا يتفضل ولا يكافئ، فالكامل من يصل من قطعه. وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): "لا يلزم من نفي الوصل ثبوت القطع، فهم ثلاث درجات: مُواصل ومُكافىء وقاطع، فالواصل من يتفضل ولا يُتفضل عليه، والمُكافئ الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ، والقاطع الذي يُتفضل عليه ولا يتفضل، وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين كذلك تقع بالمقاطعة من الجانبين، فمن بدأ حينئذ فهو الواصل، فإن جوزي سُمِّي من جازاه مكافئا".