هذا، والإنفاق على المعتدة بحسب طاقة الرجل، فإن كان غنيا فليعطها ما يلائم غناه، وإن كان فقيرا، ضيق العيش، فليس عليه أن يدفع إلا بقدر ما يستطيع فإن الله- جلت حكمته- لم يكلف الإنسان إلا بقدر ما أعطاه من الرزق، وليعلم أن حال الدنيا لا يبقى على حال، فإن الله سيجعل بعد عسر يسرا.. سبب النزول: 1- أخرج الحاكم وصححه وابن جرير الطبري والبيهقي في سننه وجماعة: أنها لما نزلت عدة المطلقة، والمتوفى عنها زوجها في البقرة قال أبي بن كعب: «يا رسول الله إن نساء من أهل المدينة يقلن: قد بقي من النساء ما لم يذكر فيه شيء قال: وما هو؟ قال: الصغار، والكبار، وذوات الحمل. فنزلت هذه الآية {واللائي يئسن... } الآيات». 2- وروى الواحدي والبغوي والخازن: أنه لما نزل قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن... } [البقرة: 228] الآية، قال خلاد بن النعمان الأنصاري: يا رسول الله، فما عدة التي لا تحيض، وعدة التي لم تحض، وعدة الحبلى؟ فنزلت هذه الآية: {واللائي يئسن... }.. عدة المطلقة المدخول بها والمخلوعة. وجوه القراءات: 1- قوله تعالى: {يئسن}: قرأ الجمهور {يئسن} فعلا ماضيا. وقرئ {ييئسن} بياءين مضارعا. 2- قوله تعالى: {حملهن}: قرأ الجمهور {حملهن} مفردا. وقرأ الضحاك {أحمالهن} جمعا.
- المَطلَبُ الثَّاني: عِدَّةُ الآيسةِ والصَّغيرةِ التي لم تَحِضْ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية
- فصل: الحكم الأول: ما هي عدة المرأة التي لا تحيض؟|نداء الإيمان
- عدّة المطلقة في الحيض - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام
- عدة المطلقة المدخول بها والمخلوعة
- رب اعني ولا تعن على موقع
- رب أعني ولا تعن علي وانصرني
المَطلَبُ الثَّاني: عِدَّةُ الآيسةِ والصَّغيرةِ التي لم تَحِضْ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية
، وابنُ العَربيِّ [200] قال ابنُ العربي: (فمن انقطع حَيضُها، وهي تَقرُبُ مِن حَدِّ الاحتمالِ، فواجِبٌ عليها العِدَّةُ بالأشهُرِ بهذه الآيةِ، ومن ارتفَعَت عن حَدِّ الاحتمالِ وجَبَ عليها الاعتدادُ بالأشهُرِ بالإجماعِ، لا بهذه الآيةِ؛ لأنَّه لا ريبةَ فيها). ((أحكام القرآن)) (4/284). ، وابنُ رُشدٍ [201] قال ابنُ رشد: (اليائِساتُ مِنهُنَّ عِدَّتُهنَّ ثلاثةُ أشهُرٍ، ولا خِلافَ في هذا؛ لأنَّه مَنصوصٌ عليه). ((بداية المجتهد)) (3/108). ، وابنُ قُدامةَ [202] قال ابنُ قدامة: (قال: «وإن كانت مِنَ الآيساتِ، أو ممَّن لم يَحِضْنَ، فعِدَّتُها ثلاثةُ أشهُرٍ» أجمع أهلُ العِلمِ على هذا). ((المغني)) (8/105). عدّة المطلقة في الحيض - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام. ، وابنُ القَيِّمِ [203] قال ابنُ القيم: (أنَّه سُبحانَه قال في الآيِسةِ والصَّغيرةِ: فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ [الطَّلاق: 4]، ثم اتَّفَقَت الأمَّةُ على أنَّها ثلاثةٌ كوامِلُ، وهي بدَلٌ عن الحَيضِ، فتَكميلُ المُبدَلِ أَولى). ((زاد المعاد)) (5/572). ، والزَّركشيُّ [204] قال الزَّركشيُّ في شَرحِه لمُختصَر الخِرَقيِّ: (قال: وإن كانت مِنَ الآيساتِ أو ممَّن لم يحِضْنَ، فعِدَّتُها ثلاثةُ أشهُرٍ. شرح: هذا إجماعٌ، والحمدُ لله).
فصل: الحكم الأول: ما هي عدة المرأة التي لا تحيض؟|نداء الإيمان
الحكم الأول: ما هي عدة المرأة التي لا تحيض؟ المرأة غير الحائض تشمل من بلغت سن اليأس، والصغيرة التي لم تر الحيض بعد، أما من يئست من الحيض فعدتها ثلاثة أشهر بلا خلاف، وكذا الصغيرة التي لم تحض. واختلف في تقدير سن اليأس على أقوال عديدة: فقدره بعض الفقهاء بستين سنة. وقدره بعضهم بخمس وخمسين سنة. وقيل: غالب سن يأس عشيرة المرأة. وقيل: أقصى عادة امرأة في العالم. وقيل: غالب سن يأس النساء في مكانها التي هي فيه، فإن المكان إذا كان طيب الهواء والماء، يبطئ فيه سن اليأس. وأما المرأة إذا كانت تحيض ثم لم تر الحيض في عدتها ولم يدر سببه: فقال الحنفية والشافعية: إن عدتها الحيض حتى تدخل في السن التي لا تحيض أهلها من النساء فتستأنف عدة الآيسة ثلاثة أشهر. ونقل عن علي وعثمان، وزيد بن ثابت، وابن مسعود. وقال مالك وأحمد: تنتظر تسعة أشهر لتعلم براءة رحمها لأن هذه المدة هي غالب مدة الحمل فإذا لم يبن الحمل فيها علم براءة الرحم، ثم تعتد بعد ذلك عدة الآيسات ثلاثة أشهر. فصل: الحكم الأول: ما هي عدة المرأة التي لا تحيض؟|نداء الإيمان. ونقل عن عمر أنه قضى ذلك.
عدّة المطلقة في الحيض - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام
السؤال: كيف تعتدُّ المطلقة في الحيض ؟
الإجابة: الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فالطَّلاق في الحيض طلاقٌ واقع عند جَماهير العلماء ، مع كونِه محرَّمًا، وقد سبق تفصيلُ ذلك في فتوى: " هل يقع الطلاق فى الحيض؟". أما العدَّة فتنقضي بِحصول ثلاث حيْضات؛ على الراجح من قولي أهل العلم ؛ قال الله تعالى: { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]. وقد اختلف العُلماء في المُراد بالقَرْء، هل هو الحيض أو الطُّهر؟ فذهب الحنابلة والحنفيَّة إلى أنَّه الحيض، فتعتدُّ المطلَّقة عندهم بثلاث حيْضات، ولا تَحسب الحيْضة التي طلِّقت فيها. قال ابن قدامة - رحِمه الله - في "المغني": "الحيْضة التي تطلَّق فيها لا تُحتسب من عدَّتها، بغير خلاف بين أهل العلم". وذهب الشَّافعي ومالكٌ وأهلُ الحِجاز إلى أنَّ المراد بالقَرْء: الطُّهر، وهو قوْل ابن عُمر وعائشةَ والقاسم بن محمَّد، وغيرهم. والرَّاجح هو القَول الأوَّل، أنَّ القَرء وإن كان مشتركًا لفظيًا، إلا أن المراد به هنا هو الحيْض؛ لقوله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لِلمرأة المستحاضة: « تدعُ الصَّلاة أيَّام أقرائها »؛ رواه أبو داود، وقولِه لفاطمة بنت أبي حبيب: « انظري، فإذا أتى قرْؤك فلا تصلِّي، وإذا مرَّ قرؤُك فتطهَّري ثم صلِّي ما بين القرء إلى القرء »؛ رواه النَّسائي، وقولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: « طلاق الأمةِ طلْقتان، وقرؤُها حيْضتان » ؛ رواه أبو داود، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المختلعة أن تستبرئ بحيضة، كما في حديث ابن عباس عند الترمذي؛ وهو نص في المسألة.
عدة المطلقة المدخول بها والمخلوعة
ولأن العدة استبراء، فكانت بالحيض كاستبراء الأمة، لأن الاستبراء لمعرفة براءة الرحم من الحمل، والذي يدل عليه هو الحيض، فوجب أن يكون الاستبراء به. ويرى المالكية والشافعية: أن القرء هو الطهر؛ لأنه -تعالى- أثبت التاء في العدد (ثلاثة)، فدل على أن المعدود مذكر وهو الطهر لا الحيضة، ولأن قوله تعالى: ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [ الطلاق:1] أي في وقت عدتهن، لكن الطلاق في الحيض محرم، فيصرف الإذن إلى زمن الطهر. ولأن القرء مشتق من الجمع، فأصل القرء الاجتماع، وفي وقت الطهر يجتمع الدم في الرحم، وأما الحيض فيخرج من الرحم، وما وافق الاشتقاق كان اعتباره أولى من مخالفته. وثمرة الخلاف -والله أعلم- أنه إذا طلقها في طهر انتهت عدتها في رأي الفريق الثاني بمجيء الحيضة الثالثة؛ لأنها يحتسب لها الطهر الذي طلقت فيه، ولا تخرج من عدتها إلا بانقضاء الحيضة الثالثة في رأي الفريق الأول. والراجح -والله أعلم- هو المذهب الأول لاتفاقه مع المقصود من العدة، فالنساء تنتظر عادة مجيء الحيض ثلاث مرات، فيتقرر انقضاء العدة، ولا تعرف براءة الرحم إلا بالحيض، فإذا حاضت المرأة تبين أنها غير حامل، وإذا استمر الطهر تبين غالباً وجود الحمل.
اختاره أبو الخطاب وهو قول سعيد بن جبير والأوزاعي والشافعي في القديم لأن الله تعالى قال: { يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}. وقد كملت القروء ، بدليل وجوب الغسل عليها ، ووجوب الصلاة ، وفعل الصيام ، وصحته منها ، ولأنه لم يبق حكم العدة في الميراث ، ووقوع الطلاق بها ، واللعان ، والنفقة ، فكذلك فيما نحن فيه. قال القاضي: إذا شرطنا الغسل ، أفاد عدمه إباحة الرجعة وتحريمها على الأزواج ، فأما سائر الأحكام ، فإنها تنقطع بانقطاع دمها. وإن قلنا: القروء الأطهار. فطلقها وهي طاهر ، انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الثالثة. وإن طلقها حائضا ، انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الرابعة. وهذا قول زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبان بن عثمان ومالك ، وأبي ثور. وهو ظاهر مذهب الشافعي. وحكي عنه قول آخر ، لا تنقضي العدة حتى يمضي من الدم يوم وليلة ؛ لجواز أن يكون الدم دم فساد ، فلا نحكم بانقضاء العدة حتى يزول الاحتمال. وحكى القاضي هذا احتمالا في مذهبنا أيضا. ولنا أن الله تعالى جعل العدة ثلاثة قروء ، فالزيادة عليها مخالفة للنص ، فلا يعول عليه ، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، رواه الأثرم عنهم بإسناده ، ولفظ حديث زيد بن ثابت { إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة ، فقد برئت منه ، وبرئ منها ، ولا ترثه ولا يرثها. }
[3]
عدة التي لم تحض
إنَّ عدة الفتاة التي لم تحض تتماثل في وقتها مع عدة المرأة التي يئست من الحيض، فإذا تطلقت الفتاة التي لم تبلغ بعد فإنَّ عدتها ثلاث شهور كاملة أيضًا، فإنَّ عدة كل امرأة ليست من ذوات الحيض سواء أكان ذلك بسب كبرها أو صغرها هي ذاتها وهي ثلاث أشهر كاملة، وقد ورد ذلك جليًا في قوله تعالى في كتابه الكريم: " وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ "، والله أعلم. عدة الأرملة فوق الخمسين
إنَّ سن اليأس هو سن اختلف أهل العلم في تحديده فذهب بعضهم إلى القول بأنَّه يكون في سن الخمسين، وقال آخرون أنَّه يكون في سن الستين، إلا أنَّ أرجح القول هو أنَّ سن اليأس هو سن غير مُحدد، يختلف من امرأة إلى أخرى، ويكون هذا السن بانقطاع الحيض، فإذا تطلقت المرأة في عمر الخمسين وكانت ممن بلغن سن اليأس فإنَّ عليها قضاء عدة الآيسة من الحيض، أمَّا إذا كانت ما زالت تحيض فإنَّ عدتها ثلاث قروء كاملة، أمَّا إذا توفي عنها زوجها فإنَّ عدتها أربع أشهر وعشر أيام إذا كانت غير حامل، أمَّا إذا كانت حامل فإنَّ عدتها إلى حين وضعها حملها، والله أعلم. [4]
عدة المتوفى عنها زوجها
إنَّ عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت غير حامل هي أربع أشهر وعشر أيام كاملة، وذلك لقوله تعالى في كتابه الكريم: " وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍۢ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِىٓ أَنفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " [5] ، أمَّا إذا كانت من ذوات الحمل فإنَّ عدتها تكون إلى حين وضعها لحملها.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يقولُ في دُعائِه: "رَبِّ أعِنِّي"، أي: أطلُبُ مِنك العونَ، والتَّوفيقَ لطاعتِك، وعبادتِك على الوجهِ الأكملِ الَّذي يُرْضيك عنِّي, وأطلُبُ مِنك العونَ على جميعِ الأمورِ الدِّينيَّةِ والدُّنيَويَّةِ والأُخرَويَّةِ، وفي مُقابلةِ الأعداءِ أمِدَّني بمَعونتِك وتوفيقِك. {رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي،واهدني ويسر الهدى إلي،وانصرني على ... - طريق الإسلام. "ولا تُعِنْ علَيَّ": ولا تَجعَلْ عونَك لِمَن يمنَعُني عن طاعتِك مِن النَّفْسِ الأمَّارةِ بالسُّوءِ، ومِن شَياطينِ الإنسِ والجِنِّ. "وانصُرْني"، وهذا طلَبٌ للنُّصْرةِ في كلِّ الأحوالِ، وقيل: مَعْناه: انصُرْني على نَفْسي الأمَّارةِ بالسُّوءِ؛ فإنَّها أَعْدى أعدائي، كما قال سبحانَه: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53]، ولا مانِعَ مِن إرادةِ الجَميعِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يُخصِّصْ نوعًا مُعيَّنًا. "ولا تَنصُرْ علَيَّ"، أيْ: ولا تَجعَلْني مَغلوبًا، فتُسلِّطْ علَيَّ أحَدًا مِن خَلقِك, ولا تَنصُرِ النَّفسَ الأمَّارَةَ بالسُّوءِ علَيَّ، فأتَّبِعَ الهَوى وأترُكَ الهُدى. "وامْكُرْ لي"، والْمَكْرُ هو الخِداعُ، وهو مِن اللهِ إيقاعُ بَلائِه بأعدائِه مِن حيثُ لا يَشعُرون في قابلة مكرهم، وهو صِفةُ كَمالٍ في حَقِّه تعالى، أي: أنزِلْ مَكْرَك بمَن أراد بي شَرًّا وسوءًا، وارزُقْني الحيلةَ السَّليمةَ، والطَّريقةَ الْمُثْلى في دَفْعِ كَيْدِ عدوِّي، فأَسْلَمَ مِن كَيدِهم وشَرِّهم.
رب اعني ولا تعن على موقع
عن عبد الله بن عباس كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّ اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يدعو بِهَذا الدُّعاءِ ( رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوَّاهاً مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي). المفردات رهَّاباً: الرهبة، الخوف، والفزع. مُخْبِتًا: الخاشع، والمخلص في خشوعه. أَوَّاهاً: المتضرّع، والبكّاء، وقيل كثير الدعاء. مُنِيبًا: التائب، والراجع إلى اللَّه في أموره. حَوْبَتِي: الحوْبةُ، والحوبُ: الإثم، والذنب. حُجَّتِي: الحجة: الدليل، والبيِّنة. رب أعني ولا تعن علي. سَخِيمَةَ قَلْبِي: غلّ القلب، وحقده. الشرح هذا الدعاء العظيم اشتمل على اثنين وعشرين سؤالاً، ومطلباً هي من أهم مطالب العبد، وأسباب صلاحه، وسعادته في الدنيا والآخرة 1 – قوله (رَبِّ أَعِنِّي) أي أطلب منك العون؛ والتوفيق لطاعتك وعبادتك على الوجه الأكمل الذي يُرضيك عنِّي, وأطلب منك العون على جميع الأمور الدينية والدُّنيوية والأخروية؛ وفي مقابلة الأعداء أمدّني بمعونتك وتوفيقك.
رب أعني ولا تعن علي وانصرني
اللهم قني شر نفسي واعزم لي على أرشد أمري اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت وما أخطأت وما تعمدت ما علمت وما جهلت
اللهم فارج الهم كاشف الغم مجيب دعوة المضطرين رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما أنت ترحمني فارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك.
فتضمّن هذا الدعاء سؤال اللَّه تعالى النصر والظفر على كل الأعداء، سواء كان العدوُّ خارجيَّاً، أو داخليَّاً. 4 – قوله: ((ولا تنصر عليَّ)): ولا تجعلني مغلوباً، فتسلّط عليَّ أحداً من خلقك, ولا تنصر النفس الأمارة بالسوء عليَّ، فأتّبع الهوى وأترك الهدى. 5 – قوله: ((وامكُر لي)): المكر هو الخداع، وهو من اللَّه إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون([5])، أي أنزل مكرك بمن أراد بي شرّاً وسوءاً([6])، وارزقني الحيلة السليمة، والطريقة المثلى في دفع كيد عدوي، فأسلم من كيدهم وشرّهم. 6 – قوله: ((ولا تمكر عليَّ)): أي و لا تهدِ عدويّ إلى طريق دفعه إياي عن نفسه, ولا تعاملني بسوء نيتي، فأغترّ وأتجاوز الحد من حيث لا أشعر فأهلك. رب اعني ولا تعن على موقع. 7 – قوله: ((واهدني)): الهداية نوعان: أ – هداية دلالة وإرشاد. ب – وهداية توفيق وتثبيت، والعبد حينما يسأل اللَّه تعالى الهداية ينبغي أن يستحضر هذه المعاني، فيقول: دلّني، ووفّقني لطرق الهداية والمعرفة، ووفّقني لها، ولا أزيغ عنها حتى ألقاك، فتضمّن هذا السؤال التوفيق إلى فعل الخيرات من الأعمال الصالحات، والعلم النافع، واجتناب المحرّمات. 8 – قوله: ((ويسّر الهُدى إليَّ)): أي سهّل لي اتِّباع الهداية، وسلوك طريقها، وهيّئ لي أسباب الخير، حتى لا أستثقل الطاعة، ولا أنشغل عن العبادة.