الآية رقم (16 : 28)
{ ألم نهلك الأولين . ثم نتبعهم الآخرين . كذلك نفعل بالمجرمين . ويل يومئذ للمكذبين . ألم نخلقكم من ماء مهين . فجعلناه في قرار مكين . إلى قدر معلوم . فقدرنا فنعم القادرون . ألم نجعل الأرض كفاتا . أحياء وأمواتا . وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا . ويل يومئذ للمكذبين الم نهلك الاولين. ويل يومئذ للمكذبين }
يقول تعالى: {ألم نهلك الأولين} يعني المكذبين للرسل المخالفين لما جاءوهم به، {ثم نتبعهم الآخرين} أي ممن أشبههم، ولهذا قال تعالى: {كذلك نفعل بالمجرمين * ويل يومئذ للمكذبين}، ثم قال تعالى ممتناً على خلقه ومحتجاً على الإعادة بالبداءة: {ألم نخلقكم من ماء مهين} أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عزَّ وجلَّ، كما تقدم في سورة يس: (ابن آدم أنّى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه؟) "أخرجه الإمام أحمد وابن ماجة".
كم مرة ذكرت ويل يومئذ للمكذبين في سورة المرسلات - إسألنا
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (34) أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد. وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم, فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر, ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره; لأنه أقبح في تكذيبه, وأعظم في الرد على الله, فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك, وعلى قدر وفاقه وهو قوله: " جزاء وفاقا ". [ النبأ: 26]. كم مرة ذكرت ويل يومئذ للمكذبين في سورة المرسلات - إسألنا. وروي عن النعمان بن بشير قال: ويل: واد في جهنم فيه ألوان العذاب. وقاله ابن عباس وغيره. قال ابن عباس: إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا. وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم, وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر, وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات; فذكر أن ذلك الوادي مستنقع صديد أهل الكفر والشرك; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة, ولا أنتن منه نتنا, ولا أشد منه مرارة, ولا أشد سوادا منه; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب, وأنه أعظم واد في جهنم, فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة.
روى عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له: لم قلت ذلك؟ قال. إن الله عز وجل يقول { ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا} فالأرض حرز. وقد مضى هذا في سورة المائدة. وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة، لأنه مقبرة تضم الموتى، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم. وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض، ثم اضطجاعهم عليها، انضمام منهم إليها. وقيل: هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض؛ إذ لا ضم في كون الناس عليها، والضم يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه. وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه: الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض، أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت. وقال الفراء: انتصب، { أحياء وأمواتا} بوقوع الكفات عليه؛ أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات. فإذا نونت نصبت؛ كقوله تعالى { أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيما} [البلد: 14]. وقيل: نصب على الحال من الأرض، أي منها كذا ومنها كذا. وقال الأخفش { كفاتا} جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع. وقال الخليل: التكفيت: تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر. ويقال: انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا.
كتاب بديا أكبر مكتبة عربية حرة
الصفحة الرئيسية الأقسام الحقوق الملكية الفكرية دعم الموقع الأقسام الرئيسية / غير مصنف / الوصايا العشر في سورة الأنعام
رمز المنتج: tra9784
التصنيفات: الرسائل الجامعية, غير مصنف
الوسوم: الرسائل الجامعية, رسائل دكتوراة متنوعة, رسائل ماجستير شارك الكتاب مع الآخرين بيانات الكتاب العنوان الوصايا العشر في سورة الأنعام
الوصف
مراجعات (0)
المراجعات لا توجد مراجعات بعد. كن أول من يقيم "الوصايا العشر في سورة الأنعام" لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
الوصف: الوصايا العشر في سورة الأنعام
الوصية السادسة: النهي عن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ، فلا يتصرف الولي في مال اليتيم إلا بما فيه منفعة المال وحفظه وتنميته ولا يأكل منه أكلاً مبنياً على محبة النفس وطلب الحظوة لها. بل يأكل منه بقدر تعبه ونصبه ومشقته وإن استعفف فهو خير له. ومن تجرأ على أكل مال اليتيم اغتراراً بضعفه فليبشر بنار جهنم (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونها ناراً وسيصلون سعيراً).
التفريغ النصي - واحة القرآن - سورة الأنعام والوصايا العشر [2] - للشيخ عبد الحي يوسف
وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [الأنعام:152] هذه التاسعة، ومعنى ذلك وجوب العدل بين العدو والصديق، بعض الناس قد يعدل في حق القريب والصديق، لكن ما يعدل مع العدو لا، الواجب العدل ولو كان عدوًا لك، ولو كان بينك وبينه شحناء، الواجب العدل وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [الأنعام:152] فعلى الحاكم والمصلح وغيرهما العدل في أقوالهم وأعمالهم مع القريب والصديق، ومع العدو والبغيض. وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا [الأنعام:152] عهد الله ما أوصى به عباده، وما أمرهم به من طاعته وتوحيده، والإخلاص له وترك معاصيه، هذا عهد الله وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة:40] عهد إلى العباد على أيدي الرسل أن يتقوه ويعبدوه، ويطيعوا أوامره، وينتهوا عن نواهيه، فعليهم أن يوفوا بهذا العهد. ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الأنعام:152] وصاهم بهذه الوصايا ليتذكروا هذه الوصية ويعملوا بها ويلتزموها. ثم قال: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153] يعني فعل هذه الأوامر وترك هذه النواهي هو صراط الله، الإخلاص لله، والاستقامة على أمره، وترك ما حرم هو صراط الله المستقيم، فعلى العباد أن يلتزموه ويستقيموا عليه حتى يموتوا وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ يعني الزموه وسيروا عليه واستقيموا عليه.
فالعبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يصرف منها شيء لغير الله، وليس لأحد أن يدعو الملائكة والأنبياء، أو الجن، أو الكواكب، أو الأصنام، أو يسجد لهم، أو يركع لهم، أو يستغيث بهم، أو غير ذلك من أنواع العبادة كلها لله وحده . ثم قال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام:151] هذه الآية وما بعدها اشتملت على عشرة أمور: أولها: تحريم الشرك، والثاني: قوله: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا الأمر بالإحسان إلى الوالدين فدل ذلك على أن حقهما عظيم لأن الله قرنه بحقه وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء: 23] وهنا كذلك قرنهما بتحريم الشرك، والشرك أعظم الذنوب، فدل ذلك على أن عقوقهما وعدم الإحسان إليهما من أقبح السيئات والجرائم. ثم قال: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] هذه الثالثة، والإملاق الفقر، كان بعض الجاهلية إذا افتقر قتل بعض أولاده، وربما قتل البنات خوف العار فنهاهم الله عن ذلك، وأخبر أن الرزق بيده ، هو الذي يرزقهم ويرزق أولادهم. الرابع قال: وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأنعام:151] الفواحش المعاصي، سميت فواحش لأن العقل السليم والفطرة السليمة تنكرها وتراها فاحشة وتراها خبيثة كالعقوق، وقطيعة الرحم، والربا، والزنا، واللواط، وظلم الناس في أموالهم ودمائهم، وغير ذلك مما حرم الله.