ألا ترون العاجزين ومن ليس لهم مقدرة يلتزمون ذلك مجاراة للأغنياء القادرين، فلو أن
رؤساء الناس التزموا واتفقوا على الاقتصاد لشكروا على ذلك, وكان خيراً لهم ولأهل
البلاد، أما تشاهدون أفراداً من الرجال الأبرياء الذين لا يشك في كرمهم وعقلهم إذا
سلكوا طريق الاقتصاد اتفق الناس على الثناء عليهم، ويرونه من محاسنهم وإحسانهم إلى
الذين يختمون إليهم، وخصوصاً في هذه الأوقات التي اشتدت بها المؤنة وارتفعت
الأسعار، وصار الواحد إذا جارى الناس في توسعهم حمل ذمته مالا يطيق وتحمل المضار. فلو بذل ذلك في ضروراته وحاجاته، لكان خيراً له من بذله في أمور كمالياته, وقد
تشاهدون من يسرف في هذه النفقات فهو مقصر غاية التقصير في قيامه بما عليه من
الواجبات، فانظروا رحمكم الله ماذا يجب عليكم في أموالكم، وما يحسن شرعاً وعقلاً،
واسلكوا هذا السبيل ولا تصغوا لمن يريد غير ذلك أصلاً، ولا تضطروا عباد الله
بإسرافكم في أمور لا يحبونها ولا تدخلوهم في أحوال ونفقات لا تريدونها. عباد الله:
وإن من مظاهر الإسراف التي عمت المسلمين اليوم: التوسع في المطاعم والمشارب في
رمضان, حيث يلحظ على بعض الصائمين -بل على أكثرهم- أنهم يجعلون شهرَ رمضانَ موسماً
سنويّاً للموائد الزاخرة بألوان الطعام، فتراهم يُسرفون في ذلك أيّما إسرافٍ وتراهم
يتهافتون إلى الأسواق؛ لشراء ما لذّ وطاب من الأطعمة التي لا عهدَ لهم بأكثرها في
غير رمضان.
- كلوا واشربوا ولا تسرفوا english
- وكلوا واشربوا ولا تسرفوا
كلوا واشربوا ولا تسرفوا English
-(وَقِلَّةَ الطَّعَامِ).. من يستطيع أن يسيطر على نفسه، ويملك زمام المبادرة، ولا تفلت الأمور من يده، هذه نعمة من الله تعالى. -(وَقِلَّةَ الْمَنَامِ).. بعض الناس يطلب من الله عز وجل أن يخفف نومه في خير وعافية؛ لأن قلة النوم حالة مرضية، إذا نام قليلاً أقل من المستوى المطلوب.. ولكن بعض المؤمنين رب العالمين أعطاهم هدية، ينام في النهار والليل أربع ساعات؛ وكأنه نام ضعف ذلك؛ وهذا توفيق إلهي!..
وكلوا واشربوا ولا تسرفوا
قال شيخ الإسلام ابن تيمه - رحمه الله -: " فالذين يقتصدون في المآكل
نعيمهم بها أكثر من المسرفين فيها, فإنّ أولئك إذا أدمنوها, وألفوها
لا يبقى لها عندهم كبير لذة مع لأنّهم قد لا يبصرون عنها, وتكثر
أمراضهم بسببها ". ا هـ. بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله. أمّا بعد:
فإنّ للصيام آداباً كثيرة, ومن تلك الآداب أن يقتصد الصائم في طعامه
وشرابه. وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. ومما يلاحظ على بعض الصائمين بل على أكثرهم أنهم يجعلون من شهر رمضان
موسماً سنوياً للموائد الزاخرة بألوان الطعام, فتراهم في ذلك أيما
إسراف, وتراهم يتهافتون إلى الأسواق, لشراء ما لذ وطاب من الأطعمة
التي لا عهد لهم بأكثرها في غير رمضان. والنتيجة من وراء ذلك إضاعة المال وإرهاق الأبدان في كثرة الطعام,
وثقل النفوس عن أداء العبادات وإهدار الأوقات الطويلة بالتسوق وإعداد
الكميات الهائلة من الأطعمة التي يكون مصيرها في الغالب صناديق الزبل. إنّ هذا الإستعداد المتناهي أكثره المسلمين لرمضان بالتفنن والإستكثار
من المطاعم والمشارب مخالف لأمر الله, مناف لحكمة الصوم, مناقص لحفظ
الصحة, معاكس لقواعد الإقتصاد. ولو كان هؤلاء متأدبين بآداب الدين لاقتصروا على المعتاد المعروف من
طعامهم وشرابهم, وأنفقوا الزائد في طرق البر والإحسان التي تناسب
رمضان, من إطعام الفقراء واليتامى, وتفطير الصوام المعوزين, ونحو ذلك.
أما بعد: إنه كما تحيا الأجساد والبلاد بالماء والأمطار، فإن الأرواح والقلوب حياتها بالسنة والقرآن.