وقال ابن عباس: سمعت أبي في الجاهلية يقول: اسقنا كأسا دهاقا، وفي حديث حكيم بن حزام: أنه سأل النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء كان يتحنث بها في الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم، وقالوا: شعر الجاهلية، وأيام الجاهلية. ولم يسمع ذلك كله إلا بعد نزول القرآن وفي كلام المسلمين ". [1]
- تفسير: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
- أفحكم الجاهلية يبغون؟ حقيقة سنن الجاهلية والتحذير منها | پایگاه اطلاع رسانی اصلاح
تفسير: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
بقلم إدريس أحمد
كانت أمم الأرض عربها وعجمها قبل الإسلام في انحراف سلوكي وعقدي ما عدا بعض فئات من أهل الكتاب وبعض العرب الباقين على دين الحنيفية، وأحدث الناس خلال هذه الفترة أمورا تبعا لما توارثوه جيلا عن جيل حين ضاع في أوساطهم علم النبوة والكتاب، كانت أهل الكتاب يتبعون أحبارهم ورهبانهم، ويتخذونهم أربابا من دون الله، يحلون لهم أشياء ويحرمون عليهم أشياء على الهوى والمزاج، دون علم منهم ولا سلطان أتاهم! وكان المشركون يعكفون على عبادة الأصنام بزعم أنها تكون لهم زلفى وواسطة إلى الله، ثم بحجة أنها ملة آبائهم، تقليدا منهم وتخليدا لذكرى آلهتهم، وهذا كان حال الناس حين فترة الرسل، حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم، لإخراج الناس من ظلمات الجهل، والضلال، والتقليد، إلى نور الإسلام. وعاش الناس هذه الفترة في أمية وفوضى وتقليد مستحكم للأحبار والآباء، وأطلق عليها عصر الجاهلية أو العصر الجاهلي، ولفظة الجاهلية اسم نسب من الجهل، والجهل عكس الدراية والعلم، ويطلق في الغالب لوصف حالة قبل الإسلام، ويستخدم أحيانا لوصف من شابهت حاله عادة الجاهلية، كما ورد في عدد من النصوص نحو قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) /المائدة/، وقوله: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) /الأحزاب/، وفي الحديث الشريف: (إنك امرؤ فيك جاهلية)، كل هذه النصوص تشدد النكير على عادة أو سنة الجاهلية.
أفحكم الجاهلية يبغون؟ حقيقة سنن الجاهلية والتحذير منها | پایگاه اطلاع رسانی اصلاح
إن كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون، فالمظلوم اليوم قد يكون ظالـمًا غدًا، فليعف وليصفح عسى أن يجد من يعفو ومن يصفح عنه إن أخطأ، كيف يمكن لمسلم ألاّ يعفو عن أخيه المسلم أو عن أخيه الإنسان وهو يعلم أنه في حدّ ذاته غير قادر على التخلص من أخطائه كليةً، لماذا لا يسأل نفسه: كيف لي أن أرميه بحجر وأنا لست خيرًا منه؟، إن الإنسان منذ خلقه الله على وجه هذه البسيطة خطاء ظالم كفار، وإن لم يكن هنالك أناس يخطئون ليتوبوا لاستبدل الله الناس بمن يخطىء ويتوب كما أخبر في الحديث القدسي. فإن كان بعضٌ لا يستطيعون احتمال هذه الدنيا بصالحيها ومخطئيها فليمددوا بسبب إلى السماء ثم ليقطعوا فلينظروا هل يذهبن كيدهم ما يغيظ، هذه هي حكمة الله منذ أن خلق السماوات والأرض، فمن يظن أنه لا يستطيع التكيف معها فلا مناص له.
إن هذه القضية يجب أن تكون واضحة، وحاسمة في ضمير المسلم ويجب التسليم التام بمقتضى
هذه الحقيقة، وإلا لا يستقم للمسلم ميزان، ولا يتضح له منهج ولن يخطوَ خطوة واحدة
في الطريق الصحيح. عباد
الله:
إن القرآن الكريم لم يُعطَ المكانة السامية أو المنزلة المرموقة بنحو كافٍ بين
أنصاره وأتباعه في هذه الأيام، فهو ليس للتبرك، ولا للتلاوة على أرواح الأموات،
ومناسبات التعازي، أو التلاوة اليومية من حفظته وعشاقه فقط، وإنما هو دستور للعمل
والتطبيق، وتصحيح للعقيدة والشريعة ومناهج السلوك والأخلاق، فإن الله تعالى أوجب
بنص قاطع على عباده أن يتدبروا آياته، ويعملوا بنحو شامل لا يقبل التجزئة بشرائعه
وأحكامه، كما قال سبحانه: { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ
إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا
الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص. إنه لو أتيح لكثير من الحكام حظ من التعقل والإنصاف
ولو تجردوا ساعة من شهواتهم؛ لاستمدوا التشريع من معين القرآن، دستور الحياة الأقوم،
ولحكموه في جميع شؤونهم، بإيمان واثق يملأ النفوس، والقلوب والمشاعر والأفئدة،
وينير جوانب الحياة كلها ضياءُ الإسلام ونور القرآن؛ هنالك تزدهر الحياة وتسعد
الرعية ويستشعر العطشى إلى حياة هانئة سعيدة بأن القرآن هو طريق السعادة وسبيل
النجاة؛ وذلك من خلال الاستجابة لأوامر الله تعالى والالتزام الدقيق بتطبيق شرعته
وتحكيم شريعته في واقع البشرية جمعاء.