، ولا سبيل للعصمة من كيد الشيطان إلا بالاستعاذة بالله والإيمان به والتوكّل عليه. والله أعلم
س3: هل يٌجهر بالبسملة في الصلاة؟ الإجابة: لا يرتبط أمر الجهر بالبسملة أو لا في الصلاة بكونها تعد آية من الفاتحة أم لا، قال النووي في المجموع: (واعلم أن مسألة الجهر ليست مبنية على مسألة إثبات البسملة لأن جماعة ممن يرى الإسرار بها لا يعتقدونه قرآناً، بل يرونها من سنته كالتعوذ والتأمين، وجماعة ممن يرى الإسرار بها يعتقدونها قرآنا، وإنما أسروا بها وجهر أولئك لما ترجح عند كل فريق من الأخبار والآثار)ا. هـ. معاني الفاتحة وقصار المُفصَّل - صالح بن عبد الله العصيمي - طريق الإسلام. وقد اختلف الفقهاء في الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية على أربعة أقوال:
1) يقرأ بها سراً ولا يجهر بها، وهو قول سفيان الثوري والحكم بن عتيبة وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل ورواية عن الأوزاعي. 2) لا يقرأ بها سراً ولا جهراً ، وهو قول مالك وإحدى الروايتين عن الأوزاعي. وعن مالك أنه إن شاء قرأ بها في قيام الليل أما في الفرض فلا. 3) يُستحب له أن يجهر بها، وهو قول الشافعي. 4) إن شاء جهر وإن شاء أسرّ، وهو قول إسحاق بن راهويه ورواية عن الحكم بن عتيبة. والقول الأول أرجح الأقوال وهو قول الجمهور، جاء في الحديث قال أنس بن مالك رضي الله عنه: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكانوا يستفتحون القراءة بـ { الحمد لله رب العالمين} لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم} في أول القراءة ولا في آخرها) متفق عليه).
- مجلس مذاكرة دورة مختصر تفسير سورة الفاتحة - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
- معاني الفاتحة وقصار المُفصَّل - صالح بن عبد الله العصيمي - طريق الإسلام
مجلس مذاكرة دورة مختصر تفسير سورة الفاتحة - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
{غير المغضوب عليهم ولا الضالين}:
يعني: اهدنا الطريق المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم ، وهم أهل الهداية والاستقامة ، غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين فسدت إراداتهم ، فعلموا الحق وعدلوا عنه ، ومنهم اليهود ، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم ؛ فهم تائهون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق ؛ ومنهم النصارى. وأما أهل الإيمان فعلموا الحق وعملوا به. وأما آمين ؛ فليست من الفاتحة ، وإنما هي دعاء معناه: اللهم استجب. وبالجملة فقد اشتملت الفاتحة على::
إرشاد الله – سبحانه وتعالى – عباده إلى تمجيده والثناء عليه؛ بذكر صفات الكمال مع محبته وتعظيمه ، وأرشدهم إلى إفراده سبحانه بالعبادة والطاعة ، وأن لا يشركوا معه غيره ، وأن يستعينوا به على ذلك وعلى كل أمور حياتهم ، وأن يتبرأوا من حولهم وقوّتهم. وأرشدهم إلى سؤاله والتضرُّع إليه ،وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم ، وهو الدين القيم ؛ الذي كان عليه الأوائل ، وتثبيتهم عليه ، وصرفهم عن طريق أهل الغضب والضلال من اليهود والنصارى. مجلس مذاكرة دورة مختصر تفسير سورة الفاتحة - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد. وفيها إشارة إلى الحرص على تعلُّم العلم الشرعي والعمل به واجتناب طرق الكفر والفسوق والعصيان والبدع. وقد احتوت على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.
معاني الفاتحة وقصار المُفصَّل - صالح بن عبد الله العصيمي - طريق الإسلام
( الرَّحمنِ الرَّحيمِ)[الفاتحة: 2]؛ تفضُلٌ بعد تفضل، ووعد من الله لا يُخلَف؛ فاسألوا الله من فضله. ( مالِكِ يَومِ الدّينِ)[الفاتحة: 3]؛ يومُ الدين: يومُ الجزاء من العلي الأعلى، يجازي اللهُ العباد فيه بما عملوه في الدنيا؛ ( لِيَجزِيَ الَّذينَ أَساءوا بِما عَمِلوا وَيَجزِيَ الَّذينَ أَحسَنوا بِالحُسنَى)[النجم: 31], ( يَومَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللَّهُ دينَهُمُ الحَقَّ)[النور: 25]
يومُ الدين: هو اليوم الذي تنقطع فيه أملاك الخلق، يستوي فيه الملوك والرعايا والعبيد والأحرار، كلهم مذعنون لعظمته، منتظرون لمجازاته؛ ( ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)[الانفطار: 18، 19]. وإذا كان اللهُ -عز وجل- هو ربُ العالمين، وهو الرحمنُ الرحيم، وهو مالكُ يوم الدين؛ فهو -إذن- وحده المعبودُ والمستعان. ( إِيّاكَ نَعبُدُ وَإِيّاكَ نَستَعينُ)[الفاتحة:4]؛ لا نعبد يا ربُّ إلا إياك، ولا نستعين بأحد سواك, قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "( إِيّاكَ نَعبُدُ) تدفع الرياء، ( وَإِيّاكَ نَستَعينُ) تدفع الكبرياء", ومن أفرد الله بالعبودية؛ نال من ربه السعادة الأبدية.
هنا: تذكر بيعة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم حين أوصاهم: ((ولا تسألوا الناس شيئًا))، قال عوف بن مالك رضي الله عنه: "فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فلا يسأل أحدًا يناوله إياه)) [4]. ولعلك تسأل: لم الجمع ﴿ نَعْبُدُ ﴾ وأنت واحد تقرأ؟
كي تتذكر أنك جزء مِن كلٍّ، ومن ثم تقل أنانيتك، وتؤكد فاعليتك نحو أمَّتك، واستجابتك لهمومها وقضاياها، وأن الجماعة خير عظيم إن اعتصمت بربها وصدقت استعانتها به. وكأنك تقول: إلهي، ما بلغت عبادتي شرف الوقوف بين يديك؛ لذا أتقدم بها محفوفة بحب الصالحين، ولم لا، ((وهم القوم لا يشقى بهم جليسهم)) [5] ؟
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾: جاءت العبادة أولًا:
• لأنها الغاية من الوجود، وحق الله على العباد، ثم تأتي الاستعانة كوسيلة لهذه الغاية. • لأنها متضمنة الاستعانة، فكل عابد صادق في عبادته، فهو في الحقيقة مستعين بالله سبحانه. • لأنها عنوان صدق العبودية، أما الاستعانة وطلب العون والنصرة، فقد يطلب ذلك الصالح والفاسد. • ﴿ إِيَّاكَ ﴾ هنا ضمير المخاطب عكس سياق الآيات، كأن القارئ قد اقترب من مولاه، فاستحضره ولم لا والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يُناجي ربه)) أو ((أن ربه بينه وبين القبلة... )) الحديث [6] ؟
• هنا أسلوب قصر بتقديم المفعول به ﴿ إِيَّاكَ ﴾، وهذا فيه أدب مع الله، فهو الأولى بالذكر، والأحق بالتعظيم؛ لذا قدمته على سؤالك، وسألته قبل نفسك، ولعل التكرار فيه توكيد وتعظيم وتخصيص لله بما هو أهله.