).. قال الراوي: فَخَرَجُوا كَأَنَّمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ. أيها المسلمون.. العفو من خصال الكرام.. وأفضل ما يكون العفو عند المقدرة على الانتقام.. وكما أن العفو من أخلاق الكبار فإنه من أخلاق المتقين: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. قال الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما: (لو أنَّ رجلًا شتَمني في أذني هذه، واعتذر في أُذني الأخرَى، لقبِلتُ عذرَه). إذا أخطأ عليك أحد أو أساء إليك فإنك بالخيار.. إما أن لا تعفو.. وتأخذَ حقَّك منه يوم الحساب.. وستأخذ حقك بالعدل.. وإما أن تعفو {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.. العفو عن المقدرة.. «أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ». لكن ما جزاؤك إن عفوت؟
إن لم تعفُ في الدنيا أخذت حقك كاملاً يوم القيامة.. وإن عفوت اليوم فإن الله لم يُسمِّ لك أجرً محددًا وإنما تكفل سبحانه وتعالى بأجرك: {وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.
- العفو عن المقدرة.. «أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ»
العفو عن المقدرة.. «أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ»
قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ﴾ [آل عمران: 133 - 134]. روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ". وَكَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أكثر الناس عفوًا وتسامحًا، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ، قَالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم".
قال: فالتزمه حسن، وبكى حتى رثى له ثم قال: لا جرم، لا نحدث في أمر تكرهه، فقال علي: وأنت في حل مما قلت لي]] *
فهلا عفونا – أيها المحبون لله تعالى ولرسوله - عن من وقعت بيننا وبينه خصومة - خاصة وان كان الأمر لا يستحق أو لأجل حظ دنيوي - رجاء ما عند الله تبارك وتعالى وتداركنا الأمر قبل فوات الأوان ؟!... قال تعالى: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]
أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضاه وأن يجنبنا ما يبغضه منا وينهاه. هذا والله تعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ________________________________
• سير أعلام النبلاء (ج:4، ص:397).