إنا هاهنا قاعدون
إنا هاهنا قاعدون قال تعالي قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن
نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا
إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) سورة
المائدة قصة الآية أن بني اسرائيل كانوا يحاربون مع موسي - عليه السلام - وقد كانوا سوف يدخلون معه مدينة قد امرهم الله بدخولها، وقد كان بها قوم معروفين أنهم جبابرة: أي ( قاهر، متسلِّط، متكبِّر، متعالٍ عن قبول الحقّ، لا يرى لأحد عليه حقًّا، مستبدّ) فقالوا لموسي ( إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها) والآية التي بين أيدينا هي تأكيد منهم لموسي - عليه السلام - بأنهم قاعدون في أماكنهم وبيوتهم ولن يذهبوا معه. فكرة ( إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها) فكرة الحب المشروط أو العمل المشروط ، هم يحبون موسي ويحبون أن يحاربوا معه لكن بشروطهم، هل تفعل ذلك في حياتك، تحب بشروطك وتعمل بشروطك ، تفضلاً لا تفعل. فكرة زيادة التأكيد توحي بإنهم - وإن كانوا علي الباطل - أصحاب حسم في كلامهم ( إنا " نون عليها شدة وفتحة تفيد توكيد + لن تفيد التوكيد ايضاً + أبداً تفيد توكيد لا رجعة فيه) هناك ناس في الحياة لا يتخلون عن مبادئهم حتي لو خاطئة ، وديننا بريء من هذا ، من حقك إذا أجزمت بشيء واتضح لك الصحة في عكسه أن تبر يمينك وتعمل العمل الصحيح.
السنة الملعونة {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ} - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
ماداموا فيها شرط آخر، هل تتخيل أن قوم يجزموا بشيء ولا يغيروه بهذا الجزم القاطع يتسمون بالجُبن؟ أم إنه جبن بالإضافة إلي قرار التخلي عن القائد وقت الحسم ؟ أي ما كان موقفهم- ماذا تفعل أنت مع رئيسك في العمل، هل تقف بجانبه وقت الخسارة أم تتركه وتبحث ععن عمل آخر مهما كان شكلك أمامه وأمام غيره في العمل؟ هل تترك محبيك في ساعة العسرة وتديرظهرك بكل قوة ولا تتراجع ؟ انت مثل بني اسرائيل هكذا. فاذهب أنت وربك فقاتلا المحصلة النهائية لكل ما قيل: قرارنا لا رجعة فيه ، خذ ربك معك وقاتلا، سوء أدب مع القائد الأعلي للحرب ، سوء ادب مع المعبود ( الله سبحانه وتعالي) تخلي عن الواجبات في ساعات الذروة. هل فعلت ذلك مرة مع الله تعالي أو مع قائد ديني، لا أدعوك أن تكون داعشي بالطبع، بل اقول في الأمور العادية ، هل تخليت عن قضيتك الهامة في أكثر وقت هم في حاجة لوجودك أنت تحديداً؟ لو فعلت فأنت مثل بني اسرائيل.
تفسير قوله تعالى: (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها ...)
الرسول صلى الله عليه و سلم يعقد مجلس الشورى وقول الأنصار له(فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون) - YouTube
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المائدة - الآية 24
وقال وهب: خرج موسى لبعض حاجته فمر برهط من الملائكة يحفرون قبرا لم ير شيئا قط أحسن منه ولا مثل ما فيه من الخضرة والنضرة والبهجة ، فقال لهم: يا ملائكة الله لم تحفرون هذا القبر؟ قالوا: لعبد كريم على ربه ، فقال: إن هذا العبد من الله لهو بمنزلة ، ما رأيت كاليوم مضجعا قط ، فقالت الملائكة: يا صفي الله تحب أن يكون لك؟ قال: وددت ، قالوا: فانزل واضطجع فيه وتوجه إلى ربك ، قال: فاضطجع فيه وتوجه إلى ربه ثم تنفس أسهل تنفس فقبض الله تبارك وتعالى روحه ، ثم سوت عليه الملائكة. وقيل: إن ملك الموت أتاه بتفاحة من الجنة فشمها فقبض روحه.
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا (٢٤) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ذكره عن قول الملأ من قوم موسى لموسى، إذ رُغِّبوا في جهاد عدوِّهم، ووعِدوا نصر الله إيَّاهم إن هم ناهضوهم ودخلوا عليهم باب مدينتهم، أنهم قالوا له:"إنا لن ندخلها أبدًا" يعنون: إنا لن ندخل مدينتهم أبدًا. و"الهاء والألف" في قوله:"إنا لن ندخلها"، من ذكر"المدينة". * * *
ويعنون بقولهم:"أبدًا"، أيام حياتنا [[انظر تفسير"أبدا" فيما سلف ٩: ٢٢٧. ]] ="ما داموا فيها"، يعنون: ما كان الجبارُون مقيمين في تلك المدينة التي كتبها الله لهم وأُمِروا بدخولها="فاذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ههنا قاعدون"، لا نجيء معك يا موسى إن ذهبت إليهم لقتالهم، ولكن نتركك تذهب أنت وحدك وربُّك فتقاتلانهم. وكان بعضهم يقول في ذلك: ليس معنى الكلام: اذهب أنت، وليذهب معك ربك فقاتلا= ولكن معناه: اذهب أنت، يا موسى، وليعنك ربُّك. وذلك أن الله عز ذكره لا يجوز عليه الذهاب. [[هذه مقالة أبي عبيدة في مجاز القرآن ١: ١٦٠، بمعناه، وبغير لفظه. ]] وهذا إنما كان يحتاج إلى طلب المخرج له، لو كان الخبر عن قوم مؤمنين.
فلما فعلت بنو إسرائيل ما فعلت من مخالفتهم أمر ربهم وهمهم بيوشع وكالب غضب موسى عليه السلام ودعا عليهم. ( قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي) [ قيل: معناه وأخي لا يملك إلا نفسه ، وقيل: معناه لا يطيعني إلا نفسي وأخي] ( فافرق) فافصل ، ( بيننا) قيل: فاقض بيننا ، ( وبين القوم الفاسقين) العاصين.