القول في تأويل قوله تعالى: ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ( 22))
يقول تعالى ذكره: ولا يحلف بالله ذوو الفضل منكم ، يعني: ذوي التفضل والسعة ، يقول: وذوو الجدة. واختلف القراء في قراءة قوله: ( ولا يأتل) فقرأته عامة قراء الأمصار. ( ولا يأتل) بمعنى: يفتعل من الألية ، وهي القسم بالله ، سوى أبي جعفر وزيد بن أسلم ، فإنه ذكر عنهما أنهما قرآ ذلك " ولا يتأل " بمعنى: يتفعل ، من الألية.
تفسير: (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا)
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ وَلا يَأْتَلِ ﴾، يعني ولا يحلف، وهو يفعل من الألية وهي القسم، قرأ أَبُو جَعْفَرٍ يَتَأَلَّ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ وَتَأْخِيرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ يَتَفَعَّلُ مِنَ الألية وهي القسم. ﴿ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ ﴾، يعني أولو الغنى وَالسَّعَةِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ ﴿ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، يَعْنِي مِسْطَحًا وَكَانَ مِسْكِينًا مُهَاجِرًا بَدْرِيًّا ابْنَ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ. حَلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يُنْفِقَ عليه حين قال ما قال في عائشة عند نزول براءتها ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾، عَنْهُمْ خَوْضَهُمْ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ، ﴿ أَلا تُحِبُّونَ ﴾، يُخَاطِبُ أَبَا بَكْرٍ، ﴿ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، فَلَمَّا قَرَأَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ: بَلَى أَنَا أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي وَرَجَّعَ إِلَى مِسْطَحٍ نفقته التي كان ينفقها عَلَيْهِ، وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَنْزَعُهَا مِنْهُ أَبَدًا.
قصة أية أَلَا تُحِبُّونَ أَن یَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَكُمۡ | المرسال
إعراب الآية 22 من سورة النور - إعراب القرآن الكريم - سورة النور: عدد الآيات 64 - - الصفحة 352 - الجزء 18. (وَلا) الواو استئنافية لا ناهية (يَأْتَلِ) مضارع مجزوم بحذف حرف العلة (أُولُوا) فاعل مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والجملة مستأنفة (الْفَضْلِ) مضاف إليه (مِنْكُمْ) متعلقان بيأتل (وَالسَّعَةِ) معطوف على الفضل (أَنْ يُؤْتُوا) أن ناصبة ومضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل والمصدر المؤول منصوب بنزع الخافض (أُولِي) مفعول به منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة النور - الآية 22
ومعنى قوله تعالى "أولو الفضل منك والسعة" أي المسلمين الذين يقدمون المعروف أي ذوي التفضل والسعة. قوله تعالى "المساكين" أي الأشخاص ذو حاجة والفقراء. "المهاجرين في سبيل الله" أي الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم لمواجهة أعداء الله والجهاد في سبيله. "وليعفوا" أي ليعفوا عن الأخطاء التي تبدر من الغير، وإن العفو يتجلى معناه بأنه هو التجاوز عن خطأ المخطئ.. "وليصفحوا" أي ليتركوا عقوبتهم على ذلك بحرمانهم ما كانوا يؤتونهم قبل ذلك وهو تحريض على العفو والصفح، والصفح هو مقابلة الإساءة بالإحسان، وإنه يعتبر أعلى درجة من العفو. "ألا تحبون أن يغفر الله لكم" وهنا في هذه الآية الكريمة الله سبحانه وتعالى يوجه الكلام لعباده أي لا تحبون أن يستر الله عليكم ذنوبكم وأن يغفرها لكم بإفضالكم عليهم وبسبب صفحكم عمن أساء إليكم؟، فنجد أن في هذه الآية الكريمة ترغيب في الغفو والصفح. "والله غفور" أي الله يغفر الذنوب لمن أطاعه واتبع أوامره. "رحيم " أي رحيم بهم فعند اتباعهم أمره لن يعذبهم.
فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي ؛ فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال: لا أنزعها منه أبدا. ** ورد عند ابن الجوزي
(*) قال المفسرون: سبب نزولها أن أبا بكر الصدِّيق كان ينفق على مُسطح لقرابته وفقره، فلما خاض في أمر عائشة قال أبو بكر: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا، فنزلت هذه الآية. * قوله: " أُولِي الْقُرْبَى" فإنه يعني مُسطحا، وكان ابن خالة أبي بكر، وكان مسكينا، وكان مهاجرا. قال المفسرون: فلما سمع أبو بكر " أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ " قال: بلى يا رب، وأعاد نفقته على مسطح