واختلف في تعيين القانت هاهنا ، فذكر يحيى بن سلام أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس في رواية الضحاك عنه: هو أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما. وقال ابن عمر: هو عثمان - رضي الله عنه -. وقال مقاتل: إنه عمار بن ياسر. الكلبي: صهيب وأبو ذر وابن مسعود. وعن الكلبي أيضا أنه مرسل فيمن كان على هذه الحال. آناء الليل قال الحسن: ساعاته ، أوله وأوسطه وآخره. وعن ابن عباس: آناء الليل جوف الليل. قال ابن عباس: من أحب أن يهون الله عليه الوقوف يوم القيامة ، فليره الله في ظلمة الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ، ويرجو رحمة ربه. وقيل: ما بين المغرب والعشاء. وقول الحسن عام. " يحذر الآخرة " قال سعيد بن جبير: أي: عذاب الآخرة. " ويرجو رحمة ربه " أي نعيم الجنة. وروي عن الحسن أنه سئل عن رجل يتمادى في المعاصي ويرجو فقال: هذا متمن. ولا يقف على قوله: " رحمة ربه " من خفف " أمن هو قانت " على معنى النداء; لأن قوله: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون متصل إلا أن يقدر في الكلام حذف وهو أيسر ، على ما تقدم بيانه. قال الزجاج: أي: كما لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون كذلك لا يستوي المطيع والعاصي. وقال غيره: الذين يعلمون هم الذين ينتفعون بعلمهم ويعملون به ، فأما من لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به فهو بمنزلة من لم يعلم. تفسير: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية). "
- تفسير: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية)
- Books موسوعة هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون الصيام - Noor Library
تفسير: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية)
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} ربهم ويعلمون دينه الشرعي ودينه الجزائي، وما له في ذلك من الأسرار والحكم { وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} شيئا من ذلك؟ لا يستوي هؤلاء ولا هؤلاء، كما لا يستوي الليل والنهار، والضياء والظلام، والماء والنار. { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ} إذا ذكروا { أُولُو الْأَلْبَابِ} أي: أهل العقول الزكية الذكية، فهم الذين يؤثرون الأعلى على الأدنى، فيؤثرون العلم على الجهل، وطاعة اللّه على مخالفته، لأن لهم عقولا ترشدهم للنظر في العواقب، بخلاف من لا لب له ولا عقل، فإنه يتخذ إلهه هواه.
Books موسوعة هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون الصيام - Noor Library
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين ، والصواب من القول عندنا فيما مضى قبل في معنى القانت ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، غير أنا نذكر بعض أقوال أهل التأويل في ذلك في هذا الموضع ، ليعلم الناظر في الكتاب اتفاق معنى ذلك في هذا الموضع وغيره ، فكان بعضهم يقول: هو في هذا الموضع قراءة القارئ قائما في الصلاة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى قال: ثنا يحيى عن عبيد الله أنه قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن القنوت قال: لا أعلم القنوت إلا قراءة القرآن وطول القيام ، وقرأ: ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما)
وقال آخرون: هو الطاعة. حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: ( أمن هو قانت) يعني بالقنوت: الطاعة ، وذلك أنه قال: ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون)... إلى ( كل له قانتون) قال: مطيعون. حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط ، عن السدي في قوله: ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) قال: القانت: المطيع. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. [ ص: 268] وقوله: ( آناء الليل) يعني: ساعات الليل. كما حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( أمن هو قانت آناء الليل) أوله ، وأوسطه ، وآخره.
وهذا ما نستوحيه من الحديث عن سعة الأرض، فإنها إشارةٌ لمن تضيق به أرضه، لا لمن تتّسع لحركته ولو كان ذلك بطريقةٍ صعبة.