اهـ. روائع البيان والتفسير:
﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ﴾ قال السعدي - رحمه الله - في تفسيرها:
وهذا يعم العهد الذي بينهم وبينه والذي بينهم وبين عباده الذي أكده عليهم بالمواثيق الثقيلة والإلزامات، فلا يبالون بتلك المواثيق؛ بل ينقضونها ويتركون أوامره ويرتكبون نواهيه؛ وينقضون العهود التي بينهم وبين الخلق. وهذا يدخل فيه أشياء كثيرة، فإن الله أمرنا أن نصل ما بيننا وبينه بالإيمان به والقيام بعبوديته، وما بيننا وبين رسوله بالإيمان به ومحبته وتعزيره والقيام بحقوقه، وما بيننا وبين الوالدين والأقارب والأصحاب؛ وسائر الخلق بالقيام بتلك الحقوق التي أمر الله أن نصلها. الذين ينقضون عهد ه. فأما المؤمنون فوصلوا ما أمر الله به أن يوصل من هذه الحقوق، وقاموا بها أتم القيام، وأما الفاسقون، فقطعوها، ونبذوها وراء ظهورهم؛ معتاضين عنها بالفسق والقطيعة؛ والعمل بالمعاصي؛ وهو: الإفساد في الأرض. اهـ [2]
﴿ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ ﴾ فسرها أبو جعفر الطبري فقال-بتصرف يسير-: وفسادُهم في الأرض: هو معصيتهم ربَّهم، وكفرهم به، وتكذيبهم رسوله، وجحدهم نبوته، وإنكارهم ما أتاهم به من عند الله أنه حقٌّ من عنده.
- آيات عن نقض العهود و المواثيق – آيات قرآنية
- «وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ» - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
آيات عن نقض العهود و المواثيق – آيات قرآنية
وقد اختلف أهل التفسير في معنى العهد الذي وصف هؤلاء الفاسقين بنقضه ، فقال بعضهم: هو وصية الله إلى خلقه وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه ، وعلى لسان رسله ، ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به. وقال آخرون: بل هي في كفار أهل الكتاب والمنافقين منهم ، وعهد الله الذي نقضوه هو ما أخذه الله عليهم في التوراة من العمل بما فيها واتباع محمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث والتصديق به ، وبما جاء به من عند ربهم ، ونقضهم ذلك هو جحودهم به بعد معرفتهم بحقيقته وإنكارهم ذلك ، وكتمانهم علم ذلك [ عن] الناس بعد إعطائهم الله من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه ، فأخبر تعالى أنهم نبذوه وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمنا قليلا. وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله وقول مقاتل بن حيان. آيات عن نقض العهود و المواثيق – آيات قرآنية. وقال آخرون: بل عنى بهذه الآية جميع أهل الكفر والشرك والنفاق.
«وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ» - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
و " أن " إن شئت كانت بدلا من " ما " ، وإن شئت من الهاء في " به " وهو أحسن. ويجوز أن يكون لئلا يوصل ، أي كراهة أن يوصل. واختلف ما الشيء الذي أمر بوصله ؟ فقيل: صلة الأرحام. وقيل: أمر أن يوصل القول بالعمل ، فقطعوا بينهما بأن قالوا ولم يعملوا. وقيل: أمر أن يوصل التصديق بجميع أنبيائه ، فقطعوه بتصديق بعضهم وتكذيب بعضهم. وقيل: الإشارة إلى دين الله وعبادته في الأرض ، وإقامة شرائعه وحفظ حدوده. فهي عامة في كل ما أمر الله تعالى به أن يوصل. هذا قول الجمهور ، والرحم جزء من هذا. السادسة: قوله تعالى: ويفسدون في الأرض أي يعبدون غير الله تعالى ويجورون في الأفعال; إذ هي بحسب شهواتهم ، وهذا غاية الفساد. أولئك هم الخاسرون ابتداء وخبر. وهم زائدة ، ويجوز أن تكون هم ابتداء ثان ، الخاسرون خبره ، والثاني وخبره خبر الأول كما تقدم. الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه. والخاسر: الذي نقص نفسه حظها من الفلاح والفوز. والخسران: النقصان ، كان في ميزان أو غيره ، قال جرير: إن سليطا في الخسار إنه أولاد قوم خلقوا أقنه يعني بالخسار ما ينقص من حظوظهم وشرفهم. قال الجوهري: وخسرت الشيء ( بالفتح) وأخسرته نقصته. والخسار والخسارة والخيسرى: الضلال والهلاك. فقيل للهالك: خاسر; لأنه خسر نفسه وأهله يوم القيامة ومنع منزله من الجنة.
هل أنت منهم على الحقيقة أم تزعم أنك حيادي في مُعترك الإيمان الدائر منذ خلق الله آدم وإلى أن يرث الأرض ومن عليها أم أنك من أهل الإيمان الذين أنار الله بصائرهم وثبت قلوبهم بالصبر على الحق والصبر على أذى الصنف الأول؟
قطعوا عهودهم مع الله التي أخذها عليهم وهم في صلب آدم، عهود التوحيد والطاعة للرسل والرسالات المنزلة، واتخاذ أمر الله منهجاً يسيرون به حتى يلقوه. «وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ» - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. لم يحترموا أمر الله بل حاربوه وحاربوا أهله وشوهوا الرسالة والرسل وحاربوا أتباع الرسل وقطعوا الصلة الحقيقية بالله وإن ادّعى بعضهم ممن أُشرب قلبه بالنفاق أن له بالله صلة. قطعوا صلتهم بأهل الإيمان وأنصار الرسالات وساموهم سوء العذاب أو على أقل تقدير احتقروهم ونبذوهم وهمشوهم، ومعظمهم شغلتهم دُنياهم حتى عن الصلات الغريزية وعن الأرحام. فاستحقوا ما وصف الله: { أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}. والسؤال الآن: هل أنت منهم على الحقيقة أم تزعم أنك حيادي في مُعترك الإيمان الدائر منذ خلق الله آدم وإلى أن يرث الأرض ومن عليها أم أنك من أهل الإيمان الذين أنار الله بصائرهم وثبت قلوبهم بالصبر على الحق والصبر على أذى الصنف الأول؟ { وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: 25].