الطبيعة الصحراوية وقسوتها والجفاف، وما يخلفه ذلك الجفاف وانقطاع المطر من مشكلات كبيرة اقتصادية واجتماعية وهلاك الزروع والمراعي ومن ثم الحلال، وكذلك انعدام الأنهار والماء الجاري، كل ذلك جعل أسلوب الشاعر في بيئتنا يصطبغ بشيء من البيئة الجغرافية تلك، ويختلف من حيث مفردات وجمل وعبارات الاستهلال في القصائد، وأمنياته أيضا، والإشارة إلى المحبوبات لديه ودعواته لها، فعندما يتذكر الشيء الجميل من حوله أو في ماضيه، يربطه بشيء جميل آخر يشاركه فيه الجميع. شيلة نجد العذيه - الداوي - شيلات MP3. سقى الله بيتنا ذاك البسيط مشقّق الجدران
شجاع يهزم الغدراء بقنديله ومصباحه
وبما أن المطر والسحاب والسقيا في الصحراء من أعز ما يربط به الشاعر ذكرياته الجميلة ويقرنها بعضها ببعض فقد استعذب ذلك كشاعر له إحساسه الذي يوظفه في إسعاد ما حوله، وشاركه المتلقي في القبول به لأنه يشاطره الإحساس نفسه. ولا غرابة في ذلك، فالماء فيه الحياة والسقيا أساس الخضرة والنماء، والمطر والسيل كل السكان في الصحراء يدعون بنزوله وتعجيله والفرحة تعم به. لقد كانت مفردة «السقيا» حاضرة في كثير من قصائد شعرائنا، بل هي علامة فارقة تميزهم من غيرهم من الشعراء في أوطان بعيدة، للأسباب البيئية الخاصة، وتأثر الشاعر القديم والجديد أيضا، وهم أبناء المكان نفسه بالظروف المشتركة، ولا يلام الشاعر في استخدامها فهي مفردة تعبر بوضوح عن أمر محبوب ومقبول في كل بلدان العالم، وإن كانت غائبة عن أهل بلدان تهطل الأمطار فيها دوما، وغيابها عنهم لعدم شعورهم بمشكلات فقد الأمطار وويلات الجفاف، بينما لا تغيب عنا لما تتصف به بلادنا الصحراوية، لهذا توطنت في قصائدنا واستقرت ضمن الصياغة والتراكيب والمضامين تحمل التفاؤل والقبول.
شيلة نجد العذيه - الداوي - شيلات Mp3
~ بالله قلّي ويـش تالـي مساعيـك ياللي تناظر فـي نجـوم المجـره. ~ حلمٍ حلمتـه مـا يحقـق أمانيـك وليلٍ سهرتـه مـا ينسيـك مـره. ~ أن كنت ناسي ما جرالك بماضيـك بذكّرك في الوقـت خيـره وشـره. ~ عطيت من دمّك وخابـت هقاويـك وراحت سنينك بالشقى والمضـره. ~ كم (جرح) ينزف بك وكنّه ولا فيك" من خوف عذالك بصـدرك تصـره* وكم (جرح) لو تخفيه بانت مواريك له في ملامح وجهك السمح جـره. ~ وش فايدة صبرك وسهرك لياليـك وغيرك بدون أحساس مافيـه ذره. ~ أكبر خطا تبكي على أنسان ناسيك ويضيق صدرك فيك وتموت حـره. ~ اللى نساك أنساه لو كان يطريـك واللي يبرك فـي مواصلـك بـره. ~ *وأكبر جريمة.. من توده ويجفيك أنك تصونه عقب ما بـاح سـره. ~ قول (الوداع) وما جرالـك يكفّيـك ودربٍ يمـرّه لا تحـاول تـمـره. ~ يا (قلب) يكفي ما جرالك ويكفيـك أنك تموت من القهـر ألـف مـره*
كما يقول الشاعر عبد الله المجيدل:
سقى الله ذيك الايام الخوالي ليتها تندار
سقى الله لا تجمعنا وصارت عندنا الشبّه
سقى الله يوم تبرق ثم ترعد والسما مطار
وصوت المثعب يسورب وكنك جالس بجنبه
وجتنا الجدة تسبحن علينا يوم حنا صغار
على شمعة سراج القاز قبل لا نعرف اللمبه
زمن به للطفولة في خيالي ذكريات كثار
يا ليته ترجع الايام لوقتٍ راح واحبّه
فالشاعر هنا يبدي ارتياحه ورضاه واشتياقه لزمان مضى ويعبر عن هذا الارتياح بجملة (سقى الله) فهو يدعو للزمان ويعدد ذكرياته فيه.