وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من هوان الدنيا على الله ألا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها. وروى الترمذي عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء. وقال الشاعر: تسمع من الأيام إن كنت حازما فإنك منها بين ناه وآمر إذا أبقت الدنيا على المرء دينه فما فات من شيء فليس بضائر ولن تعدل الدنيا جناح بعوضة ولا وزن زف من جناح لطائر فما رضي الدنيا ثوابا لمؤمن ولا رضي الدنيا جزاء لكافر وقال ابن عباس: هذه حياة الكافر لأنه يزجيها في غرور وباطل ، فأما حياة المؤمن فتنطوي على أعمال صالحة ، فلا تكون لهوا ولعبا. قوله تعالى: وللدار الآخرة خير أي الجنة لبقائها; وسميت آخرة لتأخرها عنا ، والدنيا لدنوها منا. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأنعام - الآية 32. وقرأ ابن عامر ( ولدار الآخرة) بلام واحدة; والإضافة على تقدير حذف المضاف وإقامة الصفة مقامه ، التقدير: ولدار الحياة الآخرة. وعلى قراءة الجمهور وللدار الآخرة اللام لام الابتداء ، ورفع الدار بالابتداء ، وجعل الآخرة نعتا لها والخبر خير للذين يقويه تلك الدار الآخرة وإن الدار الآخرة لهي الحيوان. فأتت الآخرة صفة للدار فيهما.
- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأنعام - الآية 32
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأنعام - الآية 32
واللهو أيضا معروف ، وكل ما شغلك فقد ألهاك ، ولهوت من اللهو ، وقيل: أصله الصرف عن الشيء; من قولهم: لهيت عنه; قال المهدوي: وفيه بعد; لأن الذي معناه الصرف لامه ياء بدليل قولهم: لهيان ، ولام الأول واو. الثانية: ليس من اللهو واللعب ما كان من أمور الآخرة ، فإن حقيقة اللعب ما لا ينتفع به واللهو ما يلتهى به ، وما كان مرادا للآخرة خارج عنهما; وذم رجل الدنيا عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال علي: الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار نجاة لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزود منها. وقال محمود الوراق:لا تتبع الدنيا وأيامها ذما وإن دارت بك الدائرةمن شرف الدنيا ومن فضلها أن بها تستدرك الآخرةوروى أبو عمر بن عبد البر عن أبي سعيد الخدري ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان فيها من ذكر الله أو أدى إلى ذكر الله والعالم والمتعلم شريكان في الأجر وسائر الناس همج لا خير فيه وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة وقال: حديث حسن غريب. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من هوان الدنيا على الله ألا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها. وروى الترمذي عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء.
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32) القول في تأويل قوله: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (32) قال أبو جعفر: وهذا تكذيب من الله تعالى ذكره هؤلاء الكفارَ المنكرين البعثَ بعد الممات في قولهم: إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ, [سورة الأنعام: 29]. يقول تعالى ذكره، مكذبًا لهم في قبلهم ذلك: " ما الحياة الدنيا " ، أيها الناس = " إلا لعب ولهو " ، يقول: ما باغي لذاتِ الحياة التي أدْنيت لكم وقرّبت منكم في داركم هذه، (16) ونعيمَها وسرورَها، فيها، (17) والمتلذذُ بها، والمنافسُ عليها, إلا في لعب ولهو، لأنها عما قليل تزول عن المستمتع بها والمتلذذِ فيها بملاذّها, أو تأتيه الأيام بفجائعها وصروفها، فَتُمِرُّ عليه وتكدُر، (18) كاللاعب اللاهي الذي يسرع اضمحلال لهوه ولعبه عنه, ثم يعقبه منه ندمًا، ويُورثه منه تَرحًا.