وقيل: سواء من أسر القول ومن جهر به فله حراس وأعوان يتعاقبون عليه فيحملونه على المعاصي ، ويحفظونه من أن ينجع فيه وعظ; قال القشيري: وهذا لا يمنع الرب من الإمهال إلى أن يحق العذاب; وهو إذا غير هذا العاصي ما بنفسه بطول الإصرار فيصير ذلك سببا للعقوبة; فكأنه الذي يحل العقوبة بنفسه; فقوله: يحفظونه من أمر الله أي من امتثال أمر الله. اية له معقبات من بين يديه ومن خلفه. وقال عبد الرحمن بن زيد: المعقبات ما يتعاقب من أمر الله تعالى وقضائه في عباده; قال الماوردي: ومن قال بهذا القول ففي تأويل قوله: يحفظونه من أمر الله وجهان: أحدهما: يحفظونه من الموت ما لم يأت أجل; قاله الضحاك. الثاني: يحفظونه من الجن والهوام المؤذية ، ما لم يأت قدر; - قاله أبو أمامة وكعب الأحبار - فإذا جاء المقدور خلوا عنه; والصحيح أن المعقبات الملائكة ، وبه قال الحسن ومجاهد وقتادة وابن جريج; وروي عن ابن عباس ، واختاره النحاس ، واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار الحديث ، رواه الأئمة. وروى الأئمة عن عمرو عن ابن عباس قرأ " معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه " فهذا قد بين المعنى. وقال كنانة العدوي: دخل عثمان - رضي الله عنه - على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله!
- إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الرعد - قوله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله - الجزء رقم9
- تفسير ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الرعد - قوله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله - الجزء رقم9
الفتاوى
التفسير وعلوم القرآن
الرعد
تفسير آية ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ)
القسم
الفرع
العنوان
رقم الفتوى
126
السؤال: أرجو تفسير هذه الآية وهي: ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) [الرعد:11].
تفسير ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾
تفسير القرآن الكريم
فالملائكةُ "المُعقِّبون" يحفظونَ الإنسانَ، بأمرِ الله، من أن يطالَه ما سبقَ من أمرِ الله. فلولا أنَّ اللهَ تعالى أوكلَ إلى الملائكةِ المُعقِّبين هؤلاء أمرَ حفظِ الإنسان لزالَ وجودُه وتلاشى. فأمرُ اللهِ اللاحقُ "متسلِّطٌ" على أمرِه السابق، والملائكةُ "المُعقِّبون" يحفظون الإنسان بأمرِ اللهِ اللاحق من أمر الله السابق. له معقبات من بين يديه ومن خلفه دلالة على. ولنا في تنجيةِ اللهِ تعالى لسيدِنا إبراهيم من النار التي ألقاه فيها قومُه خيرُ مثالٍ على "تراتبية أمرِ الله". فاللهُ تعالى سبقَ وأن جعلَ النارَ تحرقُ بأمرِه كلَّ ما يُلقى فيها. ولو أنَّ أمرَ اللهِ تعالى هذا لم "يتسلَّط" عليه أمرُ اللهِ للنارِ بأن تكونَ برداً وسلاماً على إبراهيم، لما كان له عليه السلام أن ينجوَ منها (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ. وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِين) (69- 70 الأنبياء).