قال ابن تيمية رحمه الله: ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه [7] ؛ اهـ. وقيل: فإن اقتصر الإنسان على ما يعنيه من الأمور، سَلِمَ من شر عظيم، والسلامة من الشر خير [8]. وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: إن من لم يترك ما لا يعنيه، فإنه مسيء في إسلامه [9]. وقال ابن القيم رحمه الله: وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة، فقال: ((من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه))، فهذا يعم الترك لما لا يعني: من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه كلمة شافية في الورع [10]. من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه english. كلام السلف في ترك ما لا يعني:
قال عمر بن عبدالعزيز: من عد كلامَه مِن عمله، قلَّ كلامه فيما لا ينفعه. وقال الحسن البصري: علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه. وقيل: من سأل عما لا يعنيه، سمع ما لا يرضيه. وقال معروف الكرخي: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى. وقيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى؟ يريدون الفضل، قال: صِدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني. وقال الشافعي: ثلاثة تزيد في العقل: مجالسة العلماء، ومجالسة الصالحين، وترك الكلام فيما لا يعني.
- ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ)) | موقع تفريغات العلامة رسلان
- من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه(1) - خطبة الجمعة 20-1-1438هـ - منار الإسلام
- من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (مطوية)
((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ)) | موقع تفريغات العلامة رسلان
تاريخ الإضافة: 26/4/2015 ميلادي - 8/7/1436 هجري
الزيارات: 56585
من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
(مطوية)
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان والصلاة والسلام على الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أما بعد. ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ)) | موقع تفريغات العلامة رسلان. فهذه فوائد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم:
عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ). حديث حسن رواه الترمذي وغيره
♦♦♦♦♦
معاني الكلمات:
من حسن اسلام المرء:من علامة كماله واستقامته. تركه ما لا يعنيه: ما لا يحتاجه ولا ضرورة إليه بحكم الشرع لا بحكم الهوى وطلب النفس.
تفريغ مقطع: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ))
((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ))
فإن من أعظمِ آفات اللسان: الكلام فيما لا يعني:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ)). أخرجه الترمذيُّ وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وأخرجه أحمد والطبرانيُّ في (الكبير) عن الحسين ابن علي -رضي الله عنهما-، وصححه الألبانيُّ في (صحيحِ الجامع) وغيرُه. من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (مطوية). وهذا الحديثُ العظيم: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ)) أصلٌ كبيرٌ في تأديبِ النفس وتهذيبها، وتركِ ما لا جدوى فيه ولا نَفْع. قال ابن رجبٍ -رحمه الله-: ((هذا الحديثُ أصلٌ عظيمٌ من أصولِ الأدب، وقد حكى الإمام أبو عمرو بن الصلاح عن أبي مُحمد بن أبي زيد إمام المالكية في زمانهِ أنه قال: جِماعُ آدابِ الخير وأزِمَّتُه تتفرعُ من أربعة أحاديث:
قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليَصْمُت)). وقوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ))
وقوله -صلى الله عليه وآله وسلم- للذي اختصر له الوصية: ((لا تغضب)).
من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه(1) - خطبة الجمعة 20-1-1438هـ - منار الإسلام
سابعاً: الترويح عن النفس والمزاح المشروع مع الأهل والإخوان، وتطييب قلوب المسلمين وإدخال السرور عليهم -إذا كان ذلك في حدود الحاجة- هي من الأمور المباحة والمهمة في تأليف القلوب وتقاربها وزيادة المحبة في النفوس، فإن النفس جبلت على محبة من أحسن إليها بالقول والفعل. قال محمد بن عجلان: " إنما الكلام أربعة: أن تذكر الله، وتقرأ القرآن، وتسأل عن علم فتخبر به، أو تتكلم فيما يعنيك من أمر دنياك ". من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه(1) - خطبة الجمعة 20-1-1438هـ - منار الإسلام. ثامناً: إن الحديث فيما لا يعني لا بد ألا يشتمل على محظور شرعي، أو يفضي إلى ترك واجب أو صد عن ذكر الله، وأن لا يؤدي إلى وقوع العداوة والبغضاء بين المسلمين، وأن لا يكون غالباً في كل الأحوال بل عارضا عند الحاجة له، وأن لا يكون فيه ضرر على مسلم أو ترويع له؛ لأن ذلك كله في أصله محرم. تاسعاً: الحرص على التحري والتثبت والسلامة عند التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة مع انتشار الجوالات في أيدي الكبار والصغار، وكثرة البرامج التي يتواصل عن طريقها الناس، بالرسائل والمقاطع والنكات والكلمات والتعليقات وغير ذلك؛ لكون ذلك يؤدي إلى كثير من الشرور والآثام. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) [الإسراء:36].
رابعاً: يجب على المسلم مجاهدة نفسه ومثابرتها، وتقوية عزيمته، في ترك كل ما لا يعنيه، فإن النفس بطبعها أمارة بالسوء، وإن لم تشغل بالخير والأمور النافعة شغلت بالشر والأمور الباطلة. قال عمر بن عبدالعزيز: من عد كلامَه مِن عمله، قلَّ كلامه فيما لا ينفعه. وقال معروف الكرخي: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى. خطبة من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه. خامساً: يجب العلم بالأمور التي لا تعني ولا تعود بفائدة حتى يتجنبها العبد ويسلم من شرها وضررها الدنيوي والأخروي؛ كفضول الكلام في المجالس الخاصة والاجتماعات العامة، وتتبع عورات المسلمين والتفتيش عنها، والتجسس عليهم والتنصت على حواراتهم، والسؤال عن أحوال الناس وأمورهم الخاصة من غير سبب، وأيضاً التوسع في فضول المباحات من زينة الدنيا ومتاعها والمبالغة في ذلك. والتساهل في نقل الأخبار والإشاعات والقصص الكاذبة، وغير ذلك من الأمور الضارة. سادساً: يجب معرفة الأمور الواجبة التي ينبغي الاهتمام والعناية بها مما دل عليه الشرع الحنيف، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصيحة المسلمين، والدعوة إلى الله بالأسلوب الحسن، وتربية الأولاد وحمايتهم من الأفكار المنحرفة والأعمال المحرمة، والحرص على مصالح المسلمين العامة والخاصة، وغير ذلك مما وجه إليه الشارع الحكيم.
من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (مطوية)
فإذا حَسُنَ الإسلامُ؛ اقتضى تَرْكَ ما لا يعني؛ مِنَ المُحرَّمات، والمُشْتبِهات، والمكروهات، وفُضولِ المُباحات، التي لا يحتاج إليها؛ فإنَّ هذا كلَّه لا يعني المُسلمَ إذا كَمُلَ إسلامُه، وبلغ درجةَ الإحسان. وأكثر ما ينشغل به الناسُ من الأمور التي لا تعنيهم، هوفي لغوالكلام. ومَنْ تأمَّل مجالسَ الناسِ ومحادثاتهم عَرَفَ ذلك جيداً، واللهُ تعالى نفى الخيرَ عن كثيرٍ مِمَّا يتناجى به الناس بينهم، فقال: ﴿ لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَومَعْرُوفٍ أَوإِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114]؛ وقال سبحانه: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. ولَمَّا سأل معاذٌ - رضي الله عنه - فقال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! صحة حديث من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه. وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوعَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» صحيح - رواه الترمذي. قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: (مَنْ عَدَّ كلامَه مِن عَمَلِه؛ قَلَّ كلامُه فيما لا ينفعه).
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون والمؤمنات، واعلموا أن تقواه خير زاد ليوم المعاد، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]. عباد الله: إن من جملة محاسن دين الإسلام حرصَه على سلامة أخلاق أتباعه وتوجيههم لطريق الهداية والرشاد ومحاسن الأخلاق، وإبعادهَم عن طرق الغواية والضلال ومساوئ الأخلاق، وهذه من أعظم النعم التي ينبغي على العبد شكرُها واستغلالُها فيما يعود عليه بالنفع في العاجل والآجل. والمتأمل في توجيهات الشارع الحكيم وما جاء به من الآداب والأخلاق الكريمة، يلحظ أنها جاءت ليتربى كل فرد مسلم على الهِمم العالية والمقاصد الشريفة، ويعمل على تحسين أخلاقه ومجاهدة نفسه؛ ليكون ذلك صفة ضرورية لعموم أفراد الأمة.