هل تذكرون مقطع الفيديو الذي يقول فيه رجل لرجل مسن: صباح الخير يا عم، فيرد عليه الشيخ ب: صباح الجن والعفاريت؟
دائمًا ما أضحكني رد الشيخ، ربما لأنني أفهم تمامًا تلك الحالة التي يكون فيها صباحك صباح الجن والعفاريت، فهو يتميز بالوجوم، وبالغمامة التي تظلل الرؤوس، وبالردود المقتضبة، والرغبة بالانتهاء من الأمور اليومية الواجبة بأسرع وقت، قبل أن تنفجر بثورة على أتفه سبب. أما الصباح الذي كان يسيطر على أيامي الماضية، فكان يبدو كصباح الجن والعفاريت، لكن ما إن يسألني أحدهم عن حالي وأجاوبه بهذا الرد، حتى ننفرط في الضحك معًا ومنه يتحول لصباح جن وعفاريت مضحك ودمه خفيف. النيابة تواجه حسن راتب باعترافات نائب الجن بتمويله أعمال التنقيب عن الآثار - جريدة الديوان. هذه الأيام اكتشفتُ اكتشافًا لم يعجبني. اكتشفتُ أننا في الحياة نمر بدورات متكررة، دورات طويلة المدى تقدر بسنوات كثيرة، هذه الدورات تبدأ مع الفترات الانتقالية في حياتك، عندما تسقط في فخ الروتين والحياة المملة الفارغة، والأيام المتشابهة، وفقدان الشغف وضياع الوجهة. أو عندما تحدث تغيرات حادة في حياتك تجبرك على التغيير قسرًا، وبعد أن ظننتُ أنني وصلت لبر الأمان، وجدتُ نفسي في وسط البحر مجددًا. لقد تجاوزت الأربعين ولا زلت أشعر بكل هذه المشاعر المحيرة والمحبطة.
النيابة تواجه حسن راتب باعترافات نائب الجن بتمويله أعمال التنقيب عن الآثار - جريدة الديوان
كانت أيامي قبل رمضان تبدأ في وقت مبكر نسبيًا بسبب استيقاظ الصغيرة وإصرارها على بدء يومها بزجاجة حليبٍ دافئ، ونزهة صباحية مع والدها. إذ أنه كان يستأذن من عمله ليصل إلى البيت في العاشرة ويأخذ زينة معه لأي متجر كبير قريب أو مول. ويبدو أنه وابنته أصبحا مشهورين في الأماكن التي يذهبان إليها، فقد كان يتركها تجري وتلعب وتعبث بما يلفت نظرها من أغراض معروضة للبيع لا اللعب. في أحد أيام رمضان أصر على ذهابي معهما إلى الصيدلية الكبيرة التي خصصت الطابق العلوي لمنتجات الأطفال، ووضعت بعض الألعاب والقصص ليستمتع بها الأطفال أثناء تسوق الوالدين. انطلقت ابنتي تجوب المكان المألوف بحرية، ورحت أبحث عن ضالتي بين منتجات تصفيف الشعر. عندما توجهت للمحاسبة وأدخلتُ رقم زوجي الذي نستخدمه في جمع نقاط المكافآت تفاجأت موظفة المحاسبة وسألتني باندهاش: أنت أم زينة؟ قلتُ في داخلي: ياربي انفضحت، ثم أجبتها بابتسامة أن نعم، فقالت بما معناه أنها تفرح لرؤيتها تنطلق هنا وهناك بينما يسير خلفها والدها وهي غير عابئة بما يمكن أن تسببه من فوضى وحوادث بسيطة في الأغراض والممتلكات. من بعد رمضان لا زال وقت استيقاظنا متأخرًا، إذ يئست الصغيرة من استمرار عادتها الصباحية في البحث عمن ينزهها خارج البيت دون جدوى، ففضلت أن تشبع نومًا وتستيقظ على مهل.
إذ يكون هناك شعور إضافي بالرضا عن معرفة أنهم لا يزالون بحاجة إليك وأن كل الخبرة والمعرفة التي اكتسبتها خلال الحياة لا يزال من الممكن استخدامها لتقديم قيمة للآخرين. تلك كانت ترجمة للمقال بتصرف، ومنذ عدت للاطلاع والبحث والاهتمام بشيء ما غير الأعمال الروتينية شعرتُ بتغيير كبير، فالتفكير بالبدايات الجديدة خيار أكثر منطقية وأكثر بهجة من التفكير بأننا نسير نحو النهاية. أثناء قراءاتي انتبهت إلى أن لنا أدوارًا في هذه الحياة، علينا أن نقوم بها على أكمل وجه، على الطالب أن يستذكر دروسه، وعلى الأم أن تعتني ببيتها وأطفالها ونفسها، وعلى الموظف أن يقوم بمهام عمله بإتقان، علينا أن نحيي يومنا وأوقاتنا بأعمال مفيدة وتضيف لنا قيمة، ومهمتنا الأسمى أن نجاهد لنشعر بشعور أفضل في الأيام الحالكة. أما عني فإني ما إن أشغلت فكري حتى بدأت تتفرق تلك الغمامات الصغيرة التي تطوف على رأسي مؤخرًا. وتذكرتُ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها". وفكرتُ أن العمل والقيام بما كُتب علينا من مهام وأعمال هو لأجلنا في المقام الأول. لكي تطيب حياتنا قبل أن تطيب حياة غيرنا. لأجل صحتنا النفسية قبل أي أحد آخر.