وهذه الطاعة تقوم بركنين أساسيّين، الابتعاد عن المحرّمات والعمل بالواجبات وفي
الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله): "أصل الدين الورع، ورأسه الطاعة". 9
وأمّا هذه التربية النفسية ينبغي الالتفات إلى أمورٍ هامّة وهي:
الأول: أن يتذكر الإنسان هول المصير الذي ينتظر العاصي لأوامر الله عز وجل ليرتدع
عن مخالفة التكليف الإلهيّ، فعن الأمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "لو قد عاينتم
ما قد عاين من مات منكم لجزعتم ووهلتم، وسمعتم وأطعتم" 10. أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم | موقع البطاقة الدعوي. الثاني: التسليم المطلق لله تعالى في كل ما أمر به واعتباره حسنًا، وكذلك في كل ما
نهى عنه واعتباره قبيحًا، ولذا علينا التسليم بأي تكليف إلهي، سواء علمنا المصلحة
منه أم لم نعلم، بل أكثر من ذلك علينا الاعتراف بعجزنا عن معرفة المصالح التي
أرادها الله عز وجل لعبادة في أوامره. والمفاسد التي أراد إبعادهم عنها في نواهيه. يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "ولكنّ الله سبحانه يبتلى خلقه ببعض ما يجهلون
أصله، تمييزًا بالاختبار لهم ونفيًا للاستكبار عنهم، وإبعادًا للخيلاء منهم".
- اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم
اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) ثم قال تعالى: ( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) أي: اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله. وقوله: ( فإن تولوا) أي: تتولوا عنه وتتركوا ما جاءكم به ، ( فإنما عليه ما حمل) أي: إبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، ( وعليكم ما حملتم) أي: من ذلك وتعظيمه والقيام بمقتضاه ، ( وإن تطيعوه تهتدوا) ، وذلك لأنه يدعو إلى صراط مستقيم ( صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور) [ الشورى: 53]. قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول. وقوله: ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين) كقوله: ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) [ الرعد: 40] ، وقوله ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) [ الغاشية: 21 ، 22]. وقال وهب بن منبه: أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل - يقال له: شعياء - أن قم في بني إسرائيل فإني سأطلق لسانك بوحي. فقام فقال: يا سماء اسمعي ، ويا أرض انصتي ، فإن الله يريد أن يقضي شأنا ويدبر أمرا هو منفذه ، إنه يريد أن يحول الريف إلى الفلاة ، والآجام في الغيطان ، والأنهار في الصحاري ، والنعمة في الفقراء ، والملك في الرعاة ، ويريد أن يبعث أميا من الأميين ، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، لو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته ، ولو يمشي على القصب اليابس لم يسمع من تحت قدميه.
وبه قال الرازي، وابن حجر. قال ابن حجر: وَالنُّكْتَة فِي إِعَادَة الْعَامِل فِي الرَّسُول دُونَ أُولِي الْأَمْر مَعَ أَنَّ الْمُطَاع فِي الْحَقِيقَة هُوَ اللَّه تَعَالَى كَوْن الَّذِي يُعْرَف بِهِ مَا يَقَع بِهِ التَّكْلِيف هُمَا الْقُرْآن وَالسُّنَّة، فَكَأَنَّ التَّقْدِير أَطِيعُوا اللَّه فِيمَا نَصَّ عَلَيْكُمْ فِي الْقُرْآن، وَأَطِيعُوا الرَّسُول فِيمَا بَيَّنَ لَكُمْ مِنْ الْقُرْآن وَمَا يَنُصّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ السُّنَّة، أَوْ الْمَعْنَى أَطِيعُوا اللَّه فِيمَا يَأْمُركُمْ بِهِ مِنْ الْوَحْي الْمُتَعَبَّد بِتِلَاوَتِهِ، وَأَطِيعُوا الرَّسُول فِيمَا يَأْمُركُمْ بِهِ مِنْ الْوَحْي الَّذِي لَيْسَ بِقُرْآنٍ. وقيل: إن الفائدة من تكرار الطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- اعتناء بشأنه وقطعاً لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس في القرآن.