فالتخيير بين أقوال المجتهدين هو من جزيل مواهب الله تعالى على عباده؛ ولذلك قال الحافظ السيوطي في كتابه "جزيل المواهب في اختلاف المذاهب" (ص: 21، ط. دار الاعتصام): [في هذا الحديث فوائد: إخباره صلى الله عليه وآله وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع، وذلك من معجزاته؛ لأنه من الإخبار بالمغيَّبات، ورضاه بذلك، وتقريرُه عليه، ومدحُه له؛ حيث جعله رحمة، والتخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء من غير تعيين لأحدها. دار الإفتاء تحسم الجدل حول صحة مقولة "اختلاف العلماء رحمة". الحكمة من اختلاف العلماء واستُنبِط منه: أنَّ كل المجتهدين على هُدى، فكلهم على حق، فلا لَوْمَ على أحد منهم، ولا ينسب إلى أحد منهم تخطئة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَأَيّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ»، فلو كان المصيب واحدًا والباقي خطأ، لم تحصل الهداية بالأخذ بالخطأ] اهـ. وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "مَا سَرَّنِي لَوْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفُوا؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَمْ تَكُنْ رُخْصَةٌ". وفي لفظٍ آخر عنه: "مَا يَسُرُّنِي بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حُمْرُ النَّعَمِ؛ لَأَنَّا إِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ أَصَبْنَا، وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ أَصَبْنَا" أخرجهما الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه".
- هل اختلاف العلماء رحمة؟ وما الحِكمة من وجوده؟ وأي رأى نتبع عند الخلاف؟ - المحاورون
- إختلاف العلماء ( رحمة أم نقمة ) ... !!!
- دار الإفتاء تحسم الجدل حول صحة مقولة "اختلاف العلماء رحمة"
هل اختلاف العلماء رحمة؟ وما الحِكمة من وجوده؟ وأي رأى نتبع عند الخلاف؟ - المحاورون
الإثنين 07/مارس/2022 - 11:41 ص
دار الإفتاء
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه: "ما مدى صحة مقولة: "اختلاف العلماء رحمة"؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: الأصل في التشريع الإسلامي أنه جاء لتحقيق الرحمة، ودفع المشقة؛ قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]. وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ اختلاف الصحابة رحمة، وأنَّ الهداية حاصلة بالأخذ بقول أي واحد منهم؛ فعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ؛ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» أخرجه الآجري في "الشريعة"، وابن بطة في "الإبانة الكبرى". اختلاف العلماء رحمة وروى الحافظ البيهقي في "المدخل" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ الله فَالْعَمَل بِهِ؛ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ الله فَسُنَّةٌ مِنِّي مَاضِيَة، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنَّتِي فَمَا قَالَ أَصْحَابِي؛ إِنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، فَأَيّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ، وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ».
إختلاف العلماء ( رحمة أم نقمة ) ... !!!
وإن سُئل أكثر من عالم وكانوا جميعهم على نفس الثقة فى العلم والديانة وحصل الاختلاف بينهم، فهذه صوتية تفيد فى كيفية التعامل في هذه الحالة: صوتية للشيخ ابن عثيمين يوضح ما على العامي فعله إذا اختلفت الفتاوى. ولا ينسَ المُستفتي أن الله مطلع على قلبه خبير ببواطنه ، فقد يستفتي عالمًا ويعرض عليه المسألة بطريقة يُرخص له فيها ، أو يأخذ بفتوى تُبيح الرخصة لتوفر القيود والضوابط فيها ، رغم علمه بوقوع مآلات ومفاسد قد تُغير هذه الإباحة ، فليتق الله ولا يتبع الهوى فى ذلك، وليعرض كل التفاصيل التى تساعد المُفتي على الوصول للحق ، فكون المسألة محل خلاف لا يرفع الإثم على كل حال عن المكلف ، وإنما يوجب العذر للمخالف، قد يأثم إذا علم أن الحق في القول الآخر ولم يتبعه. إختلاف العلماء ( رحمة أم نقمة ) ... !!!. وهذا روابط تفيد في معرفة آداب المُستفتي: مقال (1) مقال ( 2) والله أعلم ————————————————- وأخيرًا: مراجع للاستزادة:- – مقال الترخص بمسائل الخلاف – بحث يوضح قضية العمل بالرخص من مذاهب أهل العلم. – بحث يوضح موقف العامي عند اختلاف مواقف العلماء. مقالة: الرد على شبهة تقول أن خلاف الفقهاء يدل على أن الشريعة الإسلامية لا تنفع للتطبيق في هذا العص ر. الكاتب: الفريق العلمي لقسم الأحكام والحدود الشرعيّة
دار الإفتاء تحسم الجدل حول صحة مقولة "اختلاف العلماء رحمة"
السؤال: كثيرًا ما يمر على مسمعي أن الاختلاف رحمة للعباد، فكيف يكون كذلك إذا كنا نقول: لا يُسوّغ لنا أن ننتقي من الأقوال في المسائل الخلافية الفقهية؟ وما الحِكمة من وجود الخلاف إذن؟ وكيف ننتقي من الأقوال إن اختلف العلماء ؟ الجواب: المحور الأول: إشارات حول عبارة "الاختلاف رحمة للعباد". أولًا: هذه العبارة ليست على إطلاقها, فقد يترتب على الخلاف فرقة ومحن, وقد يتخذ الخلاف ذريعة للتفلت من الشرع واتباع الهوى والوصول للأغراض الفاسدة! ومن إشكالات الإطلاق في هذه العبارة أنه قد يفهم منها أن الخلاف في ذاته شيء محمود مطلوب, بينما نصوص الشرع تحث على الاجتماع وليس الخلاف, لكن الخلاف قد يكون أمرا يحصل بطبيعته دون تكلف وفي حدود ضوابط الاجتهاد السائغ, وحينها لا يسبب الفرقة.
أحدهما: مغموص عليه في دينه – وهو عمرو بن بحر ، الذي يُعرف بالجاحظ –
والآخر: معروف بالسُخف والخلاعة في مذهبه ، وهو إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فإنه لما وضع كتابه في " الأغاني" وأمعن في تلك الأباطيل ، لم يرض بما تزوده من إثمها حتى صدر كتابه بذم أصحاب الحديث ، والحطب عليهم ، وزعم أنهم يروون ما لا يدرون ، وذكر بأنهم رووا هذا الحديث – اختلاف أمتي – أو أصحابي رحمة – ثم قال: ولو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابًا. ثم تكايس وتعاقل فأدخل نفسه في جملة العلماء ، وشاركهم في تفسيره وتأويله ، فقال: وإنما كان الاختلاف رحمة ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًا بين ظهرانيهم ، فإنهم إذا اختلفوا سألوه فأجابهم ، وبين لهم ما اختلفوا فيه ، ليس فيما يختلفون بعده. وزعم أنهم لا يعرفون وجوه الأحاديث ومعانيها ، فيتأولونها على غير جهاتها. والجواب عما ألزمانا من ذلك ، يقال لهما: إن الشيء وضده يجتمعان في الحكمة،ويتفقان في المصلحة ألا ترى أن الموت فسادًا ، وإن كانت الحياة صلاحًا ، ولم يكن السقم سفهًا ، وإن كانت الصحة حكمة، ولا الفقر خطأ إذا كان الغنى صوابًا. وكذلك الحركة والسكون ، والليل والنهار ، وما أشبهها من الأضداد.
ثروة فكرية * لكن هل تعيب هذه الخلافات الشريعة الإسلامية؟ يقول الفقيه الدكتور يوسف القرضاوي: الاختلاف في الفروع ضرورة ورحمة وسعة وثروة فكرية، فمن رحمة الله لهذه الأمة أنه لم يضيق عليها، بل جعل هناك متسعاً للآراء ومتسعاً للأفهام المختلفة، وما يصلح لبيئة قد لا يصلح لأخرى، وما يصلح لزمن قد لا يصلح لآخر، وقد كان بعض الصحابة يفتي في القضية برأي ثم يرجع عنه، كما روي عن عمر رضي الله عنه، فقد تختلف البيئة أو الحال فيتأثر الإنسان بما يرى وبما يسمع فيغير رأيه.