إشراقة آية
♦ إشراقة آية: قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾ [مريم: 47]. الحفي: البر اللّطيف الذي يحتفي بعباده ويعتني بهم، ويقوم في حاجتهم ويبالغ في كرامتهم، ويستجيب دعاءهم ويجزل عطاءهم. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة مريم - الآية 47. ♦ حفاوة المولى - جل وعلا - بعموم الخلق بالإنشاء والإيجاد في أكمل هيئة وأحسن صورة، ثم بالإعداد والإمداد بأسباب الحياة وعوامل البقاء، ثم بالبيان والإيضاح لوسائل الهداية وطرق السلامة، وأخيرًا بالفناء والنهاية للجزاء والحساب. ♦ أما الحفاوة الخاصة والعناية البالغة فهي لجميع المسلمين وعموم المؤمنين بتهيئة الخير وإيصال النفع لهم من حيث لا يحتسبون ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]. ♦ يتفاوت المسلمون بين مطلقِ الحفاوةِ والحفاوةِ المطلقة الكاملة التامة باختلاف الأحوال وتباين المقامات؛ ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ﴾ [فاطر: 32]. ♦ ﴿ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾ كلمة تأخذ بلباب النفس وتحلق بأجنحة الروح، تشعرنا بعظيم الامتنان وجليل الإكرام من المولى جلَّ وعلا، وتدعونا للهج اللسان وقيام الجوارح بواجب الشكر ولوازم الحمد «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة مريم - الآية 47
يوصَفُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأنَّه حَفِيٌّ، وهذا ثابتٌ بالكِتابِ العزيزِ. الدَّليلُ: قولُه تعالى: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا [مريم: 47]. قال ابنُ جَريرٍ: ( إِنَّه كَانَ بِي حَفِيًّا [مريم: 47] يَقولُ: إنَّ رَبِّي عَهِدتُه بي لطيفًا يُجيبُ دُعائي إذا دعَوتُه؛ يقالُ منه: تحفَّى بي فلانٌ) [1949] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/ 556).. وقال السَّمعانيُّ: (قَولُه: إِنَّه كَانَ بِي حَفِيًّا أي: عَوَّدني الإجابةَ لدُعائي. وقيل: محِبًّا) [1950] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (3/ 296).. وقال ابنُ كثير: ( إِنَّه كَانَ بِي حَفِيًّا قال ابنُ عبَّاسٍ وغيرُه: لطيفًا، أي: في أن هداني لعبادتِه والإخلاصِ له. وقال مجاهِدٌ وقتادةُ وغَيرُهما: إِنَّه كَانَ بِي حَفِيًّا قال: وعَوَّده الإجابةَ. وقال السُّدِّيُّ: "الحَفِيُّ": الذي يهتَمُّ بأمْرِه) [1951] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (5/ 236).. وقال الشوكانيُّ: (جملةُ إِنَّه كَانَ بِي حَفِيًّا تعليلٌ لِما قَبْلَها، والمعنى: سأطلُبُ لك المغفِرةَ مِن اللهِ؛ فإنَّه كان بي كثيرَ البِرِّ واللُّطفِ، يقالُ: حَفِيَ به وتحَفَّى: إذا بَرَّه.
وجملة: (أعتزلكم... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة سأستغفر.. وجملة: (تدعون... وجملة: (أدعو... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة أعتزلكم.. وجملة: (عسى ألّا أكون... ) لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: (أكون... ) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).