5 ــ يتم الإلقاء على مرحلتين ، مرحلة للسمع والأخرى للنطق يقول الرحمان (... لا تحرك به لسانك لتعجل به ، إنا علينا جمعه وقرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه... ) إذن فالآية تذكر المرحلتين ، وتتكلم عن القرآن. النتيجة: إن الأوصاف كلها اجتمعت على القرآن ، وحي من عند الله ، جاء به جبريل ، وهو علم ، فيه صفة النزول ، يتم على مرحلتين ، كل هذا اجتمع في القرآن ، ولنعد الآن إلى قوله سبحانه وتعالى (... وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى... ) فالنطق المعني في هذه الآية والذي نطق به النبي ، ووصفه الله بأنه وحي من عنده ، وجاء به جبريل ، وهو علم ، وفيه صفة النزول ، إذن هذا النطق هو القرآن الكريم ، وعبارة ( إن هو) تعود على القرآن الكريم. وأوجه الأسئلة التالية إلى الذين يحرفون كلام الله ومنه هذه الآية. ــ من يشهد على قوله سبحانه (... ) من يشهد على أن الله أنزله في النطق المطلق وليس في القرآن الكريم ؟ وليصرح بذلك علنا. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. ــ عندما يقول النبي لأحد أزواجه ناوليني كأس ماء ، فهل نطقه هذا وحي ؟ ــ هل أخطأ النبي في حياته وعاتبه الله على ذلك أم لم يخطئ ؟ وإذا أخطأ هل خطؤه وحي من عند الله ؟ ــ إن الوحي الذي كان ينطق به والذي ذكره الله في الآية ، فمن الذي جاءه به ؟ هل هو جبريل أم غير ذلك ؟ ــ إذا كان جبريل ، فهل كان مقترنا مع الرسول طيلة حياته ليلقنه كل ما ينطق به ؟ ــ وإذا لم يكن مقترنا معه طيلة حياته ، فهل كان يتكلم في غيابه ؟ ــ عندما كان النبي يقوم بمحادثة مع الغير فهل جبريل هو الذي كان يلقنه أطراف الكلام ؟ ــ على من تعود عبارة ( إن هو) ؟ الكاتب: بنور صالح
وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
دلت الآية الكريمة على أنه صلى الله عليه وسلم مُتَّبِع لوحي الله تعالى ليس إلاَّ، وجاءت أيضاً بأسلوب الحصر، والمعنى: (ما أفعلُ إلاَّ اتِّباع ما يوحى إليَّ، من غير أن يكون لي مدخلٌ مَّا في الوحي، أو في المُوحى بطريق الاستدعاء، أو بوجهٍ آخر من الوجوه أصلاً) [3]. (والغرض من القصر قلب اعتقادهم أنَّ الرسول لا يكون رسولاً حتَّى يأتيهم بالعجائب المسؤولة) [4]. الآية الثالثة: ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]. دلت الآية الكريمة على أن الله تعالى أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئين: الكتاب، وهو القرآن، والحكمة: وهي السُّنة. ان هو الا وحي يوحى. الآية الرابعة: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [آل عمران: 164]. دلت الآية الكريمة على أنه صلى الله عليه وسلم يُعلِّم أمته شيئين: الكتاب، وهو القرآن، والحكمة وهي: السنة، وجاء الربط بينها وبين الكتاب العزيز في مواطن عديدة من القرآن العظيم.
وحيٌ يوحى | 5- نزول القرآن الكريم - Youtube
قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: (فذَكَرَ اللهُ تعالى الكتابَ وهو القرآن، وذَكَرَ الحكمةَ، فسمعتُ مَنْ أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمةُ: سُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحيٌ يوحى | 5- نزول القرآن الكريم - YouTube. قال: وهذا يُشبه ما قال، والله أعلم؛ لأنَّ القرآن ذُكِرَ وأُتْبِعَتْه الحكمة، وذَكَرَ الله مِنَّتَه على خلقِه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يجز - والله أعلم - أنْ تُعَدَّ الحكمةُ هاهنا إلاَّ سُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنها مقرونةٌ مع كتاب الله) [5]. وقال الطبري - رحمه الله -: ( والصواب من القول -عندنا- في الحكمة: أنها العلم بأحكام الله التي لا يُدْرَك علمُها إلاَّ ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم والمعرفة بها، وما دلَّ عليه ذلك من نظائره، وهو عندي مأخوذٌ من الحكم الذي بمعنى: الفَصْل بين الحق والباطل، بمنزلة الجلسة والقعدة من الجلوس والقعود، يقال منه: إنَّ فلاناً لحكيمٌ بيِّن الحكمة، يعني به: أنه لبيِّن الإصابة في القول والفعل، وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية: ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك، ويعلمهم كتابك الذي تنزله عليهم، وفصل قضائك، وأحكامك التي تعلِّمُه إياها) [6]. وقال - رحمه الله - في موضع آخر: ( والحكمة: السُّنة التي سنَّها الله - جلَّ ثناؤه - للمؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيانه لهم) [7].
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النجم - الآية 3
والسنة ، على الوجه الذي ذكرناه أولا ، من كونها وحيا من عند الله تعالى: يبين للناس ما نُزِّل إليهم في كتاب الله تعالى ، ويعلمهم من الأحكام ما يحتاجونه في دينهم ، ولو يأت تفصيله ، أو أصله في كتاب الله تعالى ، نقول: السنة على هذا الوجه هي من خصائص النبوة ؛ فهذه الوظيفة هي من أجل وظائف النبوة ، وما زال الناس يرون السنة على هذا الوجه ، بما تحمله الكتب ، أو الروايات الشفهية من اختلاف في بعض الألفاظ ، أو تعدد لسياقات الحديث ، ولم يكن في ذلك ما يدعو للتشكك في منزلتها ، أو القلق من حفظها ، أو التردد والخلاف في حجيتها وحاجة الناس إليها ، على كثرة ما اختلف الناس وتنازعوا في المسائل العلمية والعملية.
دلالة القرآن على أن السُّنة وحي
الحمد لله والصلاة والسلام الأتمان على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالسنة النبوية وحيٌ من عند الله تعالى، وهي من الوحي المُبلَّغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من الوحي المُنزَّل بواسطة جبريل كالقرآن، وهناك آيات كثيرة تتحدَّث عن كون السنة النبوية وحياً كالقرآن العظيم، ومن أهمها:
الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3-4]. دلت الآية الكريمة على أنَّ السنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه؛ لأنَّ كلامه لا يصدر عن هوًى، وإنما يصدر عن وحي يُوحى [1]. و(إنْ) في قوله تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ نافية، بمعنى (ما)، و (إلاَّ) للاستثناء، وهذا أسلوب حصر، والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن أيِّ باعث سوى الوحي؛ لأنه مُبَلِّغ عن الله تعالى. و﴿ يُوحَى ﴾ فعل مضارع يفيد التجدد والاستمرار، يفيد أنَّ الوحي الذي ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم متتابع إلى أن أكمل الله الدِّين، وأتم هذه النعمة العظيمة [2]. الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿ قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى ﴾ [الأنعام: 50].
إذًا الآية رقم 24 من سورة مُحمَّد، تناظر الآية رقم 58 من سورة آل عمران، فتأمّل:
أَفَلَا يَتَدَبَّرُوْنَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوْبٍ أَقْفَالُهَا (24) مُحمَّد
الفيصل في اسم مُحمَّد نفسه، فدعني أجمع لك آيات مُحمَّد والقرآن في السورتين:
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) مُحمَّد
الآية الأولى عدد حروفها 33 حرفًا، والآية الثانية عدد حروفها 81 حرفًا، ومجموعهما 114
الآن علمت لماذا جاءت الآية الأولى عدد حروفها 33 حرفًا! 139 = 34
حسنًا.. انتقل إلى سورة آل عمران، وتأمّل الآيتين:
ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) آل عمران
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران
الآية الأولى عدد كلماتها 7، والآية الثانية عدد كلماتها 27، ومجموع كلمات الآيتين = 34 كلمة!