لقد قال الله تعالى في آية (٣٨): "... فاقطعوا أيديَهما... " أي أيدي السارق والسارقة (قطع اليدين الإثنتين للسارق، وقطع اليدين الإثنتين للسارقة). وقال تعالى في الآية التالية آية (٣٩): " فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيۡهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ".
الإعجاز التشريعي في آيات الحدود - موضوع
وهذا فيه بعد؛ لأنه يؤدي إلى الالتباس. والجواب المرضي: أن التثنية في الأصل جمعٌ ، لوجود معنى الجمع فيه، فأفرد للثنية صيغة حيث يقع التباس، وحيث لم يقع: رُدّ إلى الأصل" انتهى. وقال ابن عطية رحمه الله في تفسيره (2/ 189): " فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما: جمع الأيدي ، من حيث كان لكل سارق يمين واحدة ، وهي المعرضة للقطع في السرقة أولا، فجاءت للسراق أيد ، وللسارقات أيد، فكأنه قال: اقطعوا أيمان النوعين، فالتثنية في الضمير إنما هي للنوعين. قال الزجاج عن بعض النحويين: إنما جعلت تثنية ما في الإنسان منه واحد جمعا ، كقوله: صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم: 4] ، لأن أكثر أعضائه فيه منه اثنان، فحمل ما كان فيه الواحد على مثال ذلك. قال أبو إسحاق: وحقيقة هذا الباب: أن ما كان في الشيء منه واحد: لم يُثنَّ ، ولُفِظ به على لفظ الجمع ، لأن الإضافة تبينه. فإذا قلت: أشبعتُ بطونَهما، عُلم أن للاثنين بطنان. قال القاضي أبو محمد: كأنهم كرهوا اجتماع تثنيتين في كلمة" انتهى. ايه قرانيه عن السرقه. وقال السمين الحلبي في الدر المصون (4/ 262): " قوله: أَيْدِيَهُمَا جمعٌ واقعٌ موقعَ التثنيةِ ، لأمْنِ اللَّبْس، لأنه معلومٌ أنه يُقْطَعُ مِنْ كلِّ سارقٍ يمينه، فهو من باب صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم: 4].
[٧] ويحصل بذلك أكبر الخزي والارتداع لكُلِّ المجتمع، كما أنَّ في مشاهدة تطبيق أحكام الشرع؛ ما يقوِّي عِلم عامة الناس بها ويستقرُّ به فهمهم، ويكون أقرب لإصابة الحاكم والجالد للصواب، فلا يُزاد في الجلد ولا يُنقص. [٧]
الإعجاز التشريعي في آية حد القذف
قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، [٨] الذي يتهم العفيفة بالزنا عليه عقوبات ثلاث وهي: الجلد وعدم قبول شهادته والحكم بفسقه، صحيح أنَّ في جلده ألم وشدَّة؛ ولكن فيه رحمة بالمجتمع. [٩] أعراض الناس وكراماتهم من الأمور الجوهرية في الحياة الاجتماعية ويترتب على القذف نتائج خطيرة شخصية وأسرية واجتماعية، [٩] أمَّا عدم قبول شهادته؛ فلأنَّه لمَّا قذف بدون إثباتٍ، دلَّ على تساهله في الشهادة، فكان حقيقاً بأن لا يؤخذ بشهادته. [١٠]
المراجع ↑ مصطفى مسلم، مباحث في إعجاز القرآن ، صفحة 238. بتصرّف. الإعجاز التشريعي في آيات الحدود - موضوع. ↑ سورة المائدة، آية:33
^ أ ب محمد رشيد رضا، تفسير المنار ، صفحة 293.