في الزمن الإلكتروني، وفي زمن تعليب المشاعر، لا يستطيع الإنسان المعنوي المحنط في ذاكرته المحسوسة أن يتفاعل أو يتعامل مع هذه الثورة الإلكترونية، خاصة على مستوى المشاعر ونقل الأحاسيس. فالعشاق الأوائل - إن صحت التسمية - لا يثبت لهم العشق إلا بالإشهار والمعرفة العامة، ومن هنا عرف بعضهم بأسماء من أحبوهن، ومن هنا كتب لمشاعرهم أن تسافر بلونها وطعمها ورائحتها، وكتب على ذاكرة أولئك العشاق الخلود، كما وثقت آلامهم وجروحهم، لأنها مشاعر صادقة واضحة لا تتوارى عن الأعين والألسن، بل هي مشاعر ثمينة ترفض المحو والإزالة. لكن زمن الرسائل الإلكترونية المعلبة، قدم صور القلوب، واختصر الحب في رمز جامد خال من كل إحساس ونبض صادق، كما تبادل العاشقان رمزية الوردة الحمراء، بدلاً من لمسها أو شمها أو تخليد لحظة تبادلها في الهواء الطلق، لقد تبلدت الحواس، وأصبحت معلبة فارغة من كل إحساس، نحاول أن نهرب منه فيحاصرنا بذاكرتنا. لقد كان للبدر بيت عميق في هذا المعنى، ولو قدر له أن يحترف العشق الإلكتروني لما قال: لا تردين الرسائل ويش أسوي بالورق وكل معنى للمحبة ذاب فيها واحترق نعم كل معنى للمحبة، من لون الحبر وتخضيب الأوراق بعرق الانتظار والخوف والأمل، فهذه الرسائل الورقية كتبت بدم القلب، واحتفظت بكل معنى للمحبة، وإن كان توثيقا للماضي المفقود، إلا أن هذه الأوراق أحرقت قبل أن تحترق معاني المحبة فيها.
- لا تردين الرسائل
- لا لا تردين الرسايل
- لا تردين الرسايل كلمات
لا تردين الرسائل
لا تردين الرسايل ويش اسوي بالورق و كل معنا للمحبه ذاب فيها و احترق لو تركتيني في ليله بسمتك عند الرحيل دمعة العين الكحيله عذرها الواهي دليل و ليله كانت الفرقا و قالت لي فـ امان الله 3
كارمن سليمان لا تردين الرسايل - YouTube
لا لا تردين الرسايل
موثّق تاريخ وجغرافية الباحة يؤكد الناشر محمد ربيع الغامدي أن الرسالة الخطية تمثل له كنزاً لا يزال يحتفظ به منذ ما يزيد على نصف قرن، وعد الرسائل وسيلة لقهر المسافة والبعد والغربة وتخفيف أعراض الاغتراب، موضحاً أنه شغف بالرسائل منذ أن صادف المثقف التهامي محمد بن رداد يستلم في كل شهر مجلة «هنا لندن» ومجلة «هنا عمان» من دكان أبيه عم ربيع الخياط! مشيراً إلى أن الاتساع أزاح العنوان فأقنع أباه بتسجيل اشتراك في البريد وحصل على صندوق في بريد الطائف، فأصبح مشتركاً في مجلات «هنا لندن» و«هنا عمان» و«قافلة الزيت»، وعبر العنوان كاتب صحف البلاد وعكاظ والمدينة وندوة المستمعين في إذاعة لندن وما يطلبه المستمعون ومسابقة الأحرف في الإذاعة السعودية، وكاتب كلية الملك فيصل الجوية وكاتب كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، وقال لها: أنا شاب رقيق الحال وأرغب في حضور حفلتك القادمة ولا أملك مؤونة ذلك، وجاءه رد لطيف من مكتبها يعد بتحقيق رغبته وما كان يعلم أنها تعيش أيامها الأخيرة. وبانتهاء اشتراك والده في البريد انتقل ابن ربيع لإرسال رسائله من مكتب البريد الرئيس في شارع البريد وبريد حي الشهداء القريب من البازان ويستقبل الرد عبر المكتبة السعودية بشارع حسان، وقامت بينه وبين صفحات التعارف علاقة حميمة عبر الرسائل فكسب رصيداً من الأصدقاء، سعوديين وغير سعوديين، انتظر رسائلهم بشغف وشوق شديدين، ولفت إلى أنه برغم مرور نصف قرن على تلك الفترة فما زال يتردد حتى اليوم على مكان المكتبة وكأنما مروره يزيد في شجرة عمره غصنا أخضر في كل مرة.
تنهي كل ذلك بدمعه واحده كم من الرسائل كتبها المحبون فكانت تاريخ عشق يزهو الأدب بها..
كما هي رسائل مي زياده وجبران خليل جبران اللذين كتبا رسائل تنبض حباً ودفئاً..
وتسجل تاريخ حب جارف لم يغادر الورق
حب لقلمين توارى عن الأنظار وسكن قلبيهما فقط..
حب دام أكثر من عشرين عاماً لم يلتقيا فيه إلا على الورق حتى موت جبران.. ومي..
فصدر كتاب يجمع رسومات جبران ورسائل مي إليه ورسائله إليها..
ليكون اللقاء المستحيل بين دفتي كتاب..
تبكيني قراءة رسائلهما التي توجت الحب وسجلته أدباً راقياً..
ولم يمنحهم الزمن فرصة اللقاء..! يا رسايل علميهم أن قلبي ما نسيهم....
ولو مضى وقت ونسونا يا رسايل ذكريهم كم من الرسائل تقرأنا ونقرأها
وكم من الرسائل نكتبها ولانعلم أننا نكتبنا ونكتبهم..
أحبك مثل الفراوله..
كتبتها ذات مره رساله فأضحكتني زمناً وأبكتني دهراً..
حروف بسيطه ليعود القلب للوراء..
راكضاً نابضاً بكل البراءه التي تضج في داخله! وحروف بسيطه ل يتملكنا الذهول هل نحن هؤلاء حقاً..
ف لماذا استبدلنا بالوصال جفاء..
وبفيض المحبه بعاداً وهجراناً!! لماذا الحروف أكثر وفاءً منا
تبقى تقاوم الزمن ونحن نتغير بمرور الزمن! ولما نحن نكتب الحرف ولانفي له!
لا تردين الرسايل كلمات
أنشئت مديرية الأعمال البريدية 1354هـ. وكانت مصلحة البرق والبريد والهاتف قبل 1373هـ ثم انتقلت لوزارة المواصلات تحت مسمى (وكالة وزارة المواصلات للشؤون السلكية واللاسلكية والبريدية) وصدر أول طابع بريد سعودي 1334هـ. وتعتبر المملكة ثاني دولة عربية تصدر الطوابع البريدية العادية والتذكارية. صدرت أول ميزانية مستقلة للبريد في رجب 1392هـ إثر إنشاء المديرية العامة للبريد، وأنشئت وزارة البرق والبريد والهاتف (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات حالياً) وتعد من أقدم مؤسسات الدولة. «أراجع البوسطة كل يوم والتاني»! اعتاد الآباء والإخوة والأقارب عندما يسافر قريب أو أخ أو صديق أو ابن، التأكيد عليه بأن يكتب لهم بمجرد وصوله وأن يضمّن الرسالة تفاصيل عن عمله وظروف حياته، وعندما يكتب لا ينسى الإشادة بنعمة الرسائل كونها نصف المواجهة، فيما يتضمن الظرف في الأسفل عبارة «شكراً لساعي البريد».
هذا البيت أيضا يمثل رؤية المجتمع سابقا للعشق، وثقافة العاشق الواثق، فكل من العاشقين يحترم مشاعر الآخر، فحين وقفت الظروف ضد العاشقين، فضل كل منهما إعادة ما يمثل تلك المشاعر حسيا، والمتمثل في الرسائل، تلك التي حملتها تلك المرأة لمحبوبها لأنها من حقه، لم يعد بإمكانها الاحتفاظ بها، في ظل علاقة اجتماعية جديدة، تفرض عليها الوفاء لقلبها والوفاء لواقعها الجديد، ولو حدث مثل هذا في الزمن الجديد لتحول العاشق لذئب مفترس، وساوم المرأة على كل حرف كتبته لحظة صدق عاطفي، ولما امتلكت تلك المرأة الشجاعة لترد له تلك الرسائل، ولحاولت الهروب منه؛ كي لا يقوم بمساومتها على ذلك الماضي الذي لم يكتب له الاستمرار.