2 ـ التشويق حيث له كامل الأثر في اندفاع الإنسان إلى الأمام. 3 ـ الإمكانيات للاختبار، فإن الصنائع خصوصاً المعقدة منها بحاجة إلى إمكانيات مادية من مختبر ومال وما أشبه. 4 ـ التنافس فإن التنافس من أقوى محفزات الإنسان للتقدم، إذ لا يتمكن الإنسان ـ بطبعه ـ أن يرى نفسه متأخراً وغيره يتقدم عليه، وحتى الجنة جعلها الله سبحانه في معرض التنافس، فقال سبحانه: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)(3). 5 ـ ظهور الصنعة الجديدة في العالم الخارجي، فإن من طبيعة المخترع العمل والضغط على فكره إذا رأى نتيجة عمله، وبالعكس إذا لم يرها، مثلاً مخترع التلفون إذا رأى ان التلفون صار وسيلة المكالمة في الاجتماع اهتم بتحسينه، واختراع شيء آخر، أما إذا لم ير ذلك، لا يهتم بأي من الأمرين. بل في الفكر أيضاً الحال كذلك فإذا أظهر الإنسان فكراً جديداً، فرأى الاستقبال له حفزه ذلك إلى تحسينه، باكتشاف سائر خصوصياته، وبالضغط على نفسه لفكر جديد، وإلا لم يفعل أياً من الأمرين… والفكر الجديد المناقض للفكر القديم، يأخذ مكان الفكر القديم حيث لا يمكن التناقض، مثل التوحيد في الجزيرة، عند ظهور الرسول صلى الله عليه وآله حيث أخذ مكان فكرة الشريك. ولا يلزم في المفكرين المناقضين أن ينتهيا إلى نتيجتين متناقضتين، وإن كان الواقع لا يقبل إلا أحدهما، مثلاً: فكرة أن الشمسي تدور حول الأرض، وفكرة أن الأرض تدور حول الشمس، لا يمكن الجمع بينهما في الواقع، مع أن نتيجة كلتيهما واحدة، ولذا لم يختلف علم الفلك الجديد عن علم الفلك القديم في النتائج المترتبة عليهما، وإن اختلفا في كيفية الاستدلال.
الشخصية الإبداعية والمهارات العقلية للمبدعين
تكمن المهارات العقلية للمبدعين في عدد من الخصائص العامة:
تقدير الأمور الفكرية والمعرفية. تتبنى القيم الخاصة بالاستقلال. التكَلُّم والتعبير عن الأفكار بلباقة. تتمتع بالانطباعات الجمالية. تهدف إلى إنجاز الأعمال وإخراج منتج. تهتم بالمشاكل الفلسفية، على سبيل المثال، الدين، والقيم، ومعنى الحياة. لديها طموح عالي لنفسه. لديها مجموعة واسعة من الاهتمامات. تفكر وتربط الأفكار بطرق غير عادية؛ لديه عمليات تفكير غير تقليدية ؛ يمكنها ربط الأفكار بشكل غير مألوف حتى ولو كانت ليس هناك صلة بينها وبين بعض. شخصية واضحة وصريحة في التعامل مع الآخرين. تتصرف بطريقة متسقة أخلاقيًا؛ لديها معايير شخصية متسقة. الإبداع درجات وهناك من يمتلك قدرًا عاليًا منه ويشتركون في عدة سمات. خصائص الشخصية فائقة الإبداع:
مستقلة، مناهضة للسلطة. التفكير التشعبي ، وهو طريقة في التفكير لإنتاج عدد من الأفكار الإبداعية من خلال استكشاف الحلول المتاحة والعمل عليها، ويتدفق هذا النوع من التفكير لدى أصحابه تلقائيًا وفي عدة اتجاهات. الاستعداد لتحديات مثيرة. الفضولية والحماس. التحقق الذاتي عن طريق التحفيز الذاتي و التمسك بقيم وأخلاقيات يتبنوها.
لاكتشافات والاختراعات خلق الإنسان محتاجاً، وخلقت كثير من حوائجه في الكون، وهدي الإنسان إلى أن حوائجه في الكون. قال سبحانه: (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)(1). ولا فرق في كون الكون مخزناً لحوائج الإنسان، بين كونه مخزناً لحوائجه بسبب ذخائره الموجودة، مثل الماء والفاكهة واللحم، أو بسبب قوانينه المودعة، مثل قانون أرخميدس، وقانون حمل الهواء للطائرة إلى غيرهما، فقد ملأ الكون بمليارات القوانين، وكل اكتشاف إنما هو وصول إلى قانون من تلك القوانين الكونية، أو قوانين منها. وإنما نقول [كثير من حوائجه…] لأن حاجات الإنسان لا يملؤها عالم الدنيا، حيث خلق الإنسان للآخرة، وهناك تملأ حوائجه، أما الدنيا فهي معبر وقنطرة، ولذا نجد أي إنسان في أي حال كاسف البال يتمنى ما لا يدركه إلى أن يموت. الاختراع بحاجة إلى الفكر والعمل ثم الإنسان في محاولته تحصيل حاجاته من الكون، يحتاج إلى أمرين: [الفكر] و [العمل] مثلاً: الإنسان بحاجة إلى أغصان الشجر لدفئه أو طبخه، فيفكر في صنع المنشار ، ثم يصنع المنشار لقطع الأغصان والفكر قد يأتي بشيء جديد مثل صنع الفأس إضافة إلى المنشار، وقد يأتي بتحسين جديد، في الشيء القديم، مثل تحسين المنشار من اليدوي إلى الكهربائي، والغالب أن التفكير يهدي إلى تفكير آخر، والعمل يهدي إلى عمل آخر.
الاختراع يلد الاختراع وكما أن الشيء الجديد وليد الفكر، كذلك بدوره يولد الفكر، مثلاً: الفكر يولد التراكتور، وهو يولد فكراً لأجل ماكنة تعمل على الحصاد، وهكذا تتراكم في عالم الثقافة الأفكار الخلاقة، وفي عالم الخارج المواد الرافعة للاحتياجات، نعم الرأسمالية، لأجل مزيد الاسترباح تعمل على: 1 ـ إنتاج حاجات جديدة وهمية، وتملأ الأسواق بها، مدعومة بدعاية كبيرة، لتستدر بذلك آخر نقد في صناديق الناس أمثال الموضة الجديدة ونحوها. 2 ـ تعمل حاجات جديدة لأجل التخريب، أمثال بعض الأدوية الضارة المثيرة لأمراض، حتى تروج أسواق الأدوية ونحوها. 3 ـ تعمل مصنوعات جديدة سريعة العطب، مكان ما ليس كذلك، لبيع قطع الغيار، أو اصل المصنوع بعد سقوطه عن الانتفاع لخلل فيه. فاللازم أن لا يشتبه الإنسان بين ما نحن بصدده، وبين الفكر والاختراع الموجبين للتأخر والانحطاط. أرضية الاختراع ثم الجديد قد يكون الفكر، وقد يكون الصنعة، وكلاهما بحاجة إلى أرضية صالحة، ففي جو الأمية والكبت العملي لا يولد الفكر الجديد، وفي الصنعة إذا أريد صنعها أو كمالها، احتاج إلى خمسة أشياء: 1 ـ الحرية، إذ بدون الحرية يطرد الصانع، بل أحياناً يعدم، ولذا اختفى جابر بن حيان خوفاً من الخليفة العباسي إلى أن مات، ولم يظهر مختبره في الكوفة إلا بعد ثلاثة قرون، وحرم العالم عن كثير من اختراعاته.
تعريف الابتكار
الابتكار هو المقدرة على تطوير فكرة أو عمل، أو تصميم أو أسلوب أو أي شيء آخر وبطريقة أفضل، وأيسر وأكثر استخداماً وجدوى. قررت مؤخراً القيام ببحث دقيق عن معنى هذه الكلمات لغوياً، وإليكم رأيي في تعريف هذه المفاهيم – مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هنالك أكثر من تعريف وأنه يمكن استخدام هذه الكلمات كمرادفات:
الإبداع – Creativity: هو عبارة أن عملية أو أسلوب أو طريقة لإنشاء شيء جديد من غير مثال سابق. والإبداع يشمل الإبتكار والاختراع. الإختراع – Invention: هو استخدام الإبداع لإنشاء شيء جديد. الإبتكار – Innovation: هو إيجاد طريقة جديدة لاستخدام اختراع سابق بشكل مفيد. لا شك في أن الكثير من القراء قد يعترض على التعريفات المذكورة أعلاه، ولكن يمكننا ان نتفق على شيء أكيد وهو أن الإبتكار ذو أهمية كبيرة لأنه يقوم بتقديم تغيير جديد على أرض الواقع، فهو ليس مجرد فكرة أو تجربة في مختبر.