في الوقت ذاته، إن الأزمة الحالية لا يمكن اعتبارها مواجهة بين برامج سياسية واقتصادية تسعى الى الدفاع عن حقوق ومصالح الشعب المغربي، بل بين لوبيات سياسية ذات أهداف اقتصادية محضة، ولوبيات تريد أسلمة جزء من الدولة، علما بأن هذه الدولة عمادها الإسلام. لا يمكن الدفاع عن التجربة الحكومية لبن كيران خلال الخمس سنوات الماضية، فقد حاول تقليد التركي أردوغان ووعد الشعب بتحقيق 7% من النمو الاقتصادي ومحاربة الفساد، لكنه أخلف الوعد، وهذا ليس من شيم المسؤول «إذا عهد وفى». فقد سجل المغرب مع بن كيران أدنى مستويات النمو في تاريخه وتفاقمت الفوارق الطبقية ويتم الإجهاز على الاستثمارات العمومية ومعه مناصب الشغل في القطاعات العمومية. وارتفع اليأس إلى مستوى أن المغرب يسجل أعلى معدلات حرق الذات في العالم تقريبا وهجرة الشباب وكأن البلاد تعيش كارثة طبيعية عظمى أو حربا أهلية. اراك-عصي-الدمع.docx - Google Docs. نعم، لا يتحمل بن كيران المسؤولية وحده بل رفقة الدولة العميقة. إن الحكومة المقبلة التي تثير الكثير من الجدل سياسيا وإعلاميا سوف تعمل على خوصصة (خصخصة بأسلوب أشقائنا المشارقة) التعليم بعدما سجل أدنى مستويات من التدهور في عهد بن كيران مقارنة مع العقود الأخيرة، وسيرفع من إيقاع خوصصة الصحة، بل تحول الى أكبر تلميذ نجيب لسياسة صندوق النقد الدولي التي جعلت المغرب مختبرا لها، كما جعلت في الماضي دولا أخرى مختبرا لتجاربها في أمريكا اللاتينية.
اراك-عصي-الدمع.Docx - Google Docs
ولكنْ إذا حمَّ القضاءُ على أمرىء ٍ
فليسَ لهُ برٌّ يقيهِ ولا بحرُ!
من هنا، فإن الخيارات العربية اليوم لا يجب أن تستند إلى استسهال الأمر واعتبار أن لبنان كله كحكومة «فيشي» في فرنسا أثناء الاحتلال النازي، بل ان هناك مقاومة حقيقية، بديغول أو من دونه، تحتاج للدعم والحماية وحتى التبنّي على طريق استرجاع السيادة.