ويضم المسيد عددًا من التكايا منها واحدة لضيافة زوار الشيخ الطيب خليفة جده العبيد، وأخرى لأبناء الشيخ، لكن الكبرى تخص الطلاب والتي تستهلك في أقل الأوقات جوالا كاملًا من دقيق الذرة لصنع العصيدة، وتسمى عندهم "الدِّبْلِيبَة" يقوم على إعدادها 6 إلى 8 أفراد، بحسب إفادة مشرف التكية. الشيخ الطيب خليفة جدّه الشيخ العبيد ود بدر (مواقع التواصل الاجتماعي)
الشيخ صابر أفاد الجزيرة نت بأن نار الطعام لم تخبو قط حتى في سنوات الجدب والمجاعات التي اجتاحت السودان. سألنا الشيخ من أين يؤتى بكل هذه الكميات فردّ "من زراعة الشيخ وأبنائه وبعض المحسنين". إشعاع ثقافي ومزار روحي
طلابٌ من معظم أنحاء القطر، بعضهم اكتفى بالعلم الشرعي، وبعضهم واصل مسيرته التعليمية فشغلوا وظائف عديدة ومناصب كبيرة، لكن ليس هذا هو الأثر الأوحد للمسيد، فلقد اهتم أبناء الشيخ العبيد وأحفاده من بعدهم بكل ما يهم القرية والقرى المجاورة؛ فبنوا المدارس والمراكز الصحية. تاريخ اليوم ام القرى. ولم يتوقف الاهتمام بالتعليم الديني على الشكل التقليدي فقط، بل تم إنشاء معهد الخليفة يوسف ود بدر للقرآن الكريم وعلومه، والذي يغذيه الحفظة من المسيد وغيره ليزدادوا علمًا. مدير المعهد الشيخ عمر أحمد عبد القادر عدّد للجزيرة نت ما يقدمه معهده، قائلا "بالإضافة لعلوم اللغة العربية والعلوم الشرعية، ندرس الرياضيات واللغة الإنجليزية وبعض العلوم الإنسانية"، وبسؤاله عن علاقة المعهد بالمسيد قال "رغم أن الخليفة يوسف جعل المعهد تحت إمرة الحكومة؛ فإنه ومن خلفه من بعده يحرصون على متابعة أحواله وصيانة مبانيه وإطعام الطلاب".
- تاريخ اليوم ام القرى
تاريخ اليوم ام القرى
وللخلوة في السودان معنى آخر يضاف إلى مكان المناجاة والتعبد، وهو سكن الطلاب الغرباء القادمين لتعلم القرآن، في حين يسمى مكان التعلم بالقرآنية، وقد يقع خلط بين المصطلحات فيسمى مكان التعلم بالخلوة، وهناك المسيد الذي يعرفه المعتصم أحمد الحاج في كتابه "الخلاوي في السودان.. نظمها ورسومها"، بالمبنى الذي يضم المسجد، والخلاوي التي يأوي إليها الطلاب الغرباء. بدأ طلاب العلم بالتوافد على مسيد الشيخ العبيد الذي راح يستقدم العلماء ليعلّموا معه من وفَد، وعلى أضواء القرآن راح الطلاب يخطون على ألواحهم الخشبية يتعلمون القراءة والكتابة ويحفظون القرآن. تحويل تاريخ ام القرى. وبعد قيام الثورة المهدية تحوّل المسيد إلى مركز للدعوة لقتال المستعمر ونصرة الإمام محمد أحمد المهدي، فأرسل الشيخ العبيد ابنه ليبايع المهدي، وراح يكوّن جيشه الذي كان له القدح المعلى في فتح الخرطوم، فلقد شكل الشيخ العبيد وأتباعه جبهة قوية شرقي الخرطوم. ليخوض عدة معارك مع القائد الإنجليزي غردون من أهمها معركة الحلفايا (ضاحية شمال الخرطوم) في مارس/آذار 1884، ثم معركة قصر راسخ بعدها مباشرة، أما المعركة الكبرى التي شكلت هزيمة ساحقة كانت في قريته "أم ضُبَّان"، إذ يذكر إبراهيم فوزي كاتب غردون -في الجزء الأول من كتابه "السودان بين يدي غردون وكتشنر"- أن حملة قادها اللواء محمد علي، قوامها 10 آلاف مقاتل، اتجهت صوب قرية الشيخ العبيد ود بدر لم ينج منهم إلا القليل، وأورد فوزي ما نصه "ونجا من رجال الحملة نحو 200 جندي فقط".
ويورد في موضع آخر "وكان بعض الفقهاء يسافرون إلى مدن ذات شهرة تجارية فيستقرون فيها فيذاع خبرهم، فيتوافد الناس إليهم، ثم تزداد تلك المدن ثراء وحركة". والأمر موصول ببعض تقاليد الدعوة والإرشاد. التاريخ الهجري اليوم في أفغانستان 2022. وفي ذلك يفيدنا الباحث الشيخ عامر الشيخ أبو قرون بقوله "بعد أن يحس الشيخ أن طالبه بلغ من العلم مبلغًا كبيرا وصار له معرفة جيدة في إدارة الطلاب والخلوة، مع اتسام بقدر من الحكمة يمنحه الإذن بأن يستقل وينشئ خلوته الخاصة، فيبحث الطالب بعد تشييخه عن مكان يؤسس فيه مسجده". أُمْ ضوًّا بان إحدى هذه المناطق التي أسسها الشيخ محمد بن بدر الملقب بـ"العبيد" أو العبيد ود ريا، والتي تقع على بعد 50 جنوب شرق الخرطوم. وكان الشيخ قد اتخذ من مكان يسمى "النِّخِيرة" مقرًّا له لتدريس القرآن ونشر الدعوة، لكنه انتقل لأُمْ ضوًّا بان عندما بلغ الأربعين، وأسس مسجدها في العام 1848 م. وفي العامية السودانية يقولون "أم كذا"، ويعنون ذات كذا، ومن ذلك "أم ضوًّا بان" التي يعني اسمها "التي بان ضوؤها"، وهو الاسم المستحدث لـ"أم ضُبَّان". السيف واللوح
عُرِف الشيخ العبيد ود بدر مؤسس أُمْ ضوًّا بان بورعه وتقواه وحب العلم والفصاحة والقول الحكيم، أسس الشيخ العبيد مسجده وخلوةً لتعليم القرآن.