[٢]
فلمّا أنهى الهدهد حديثه قال له النبي سليمان، أنّه سينظر فيما أخبره به، ويتحرّى قوله ليعلم إن كان صادقًا أم كاذبًا، وذلك بأن أرسل الهدهد إلى بلقيس بكتاب منه ونص الكتاب "من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ، بسم الله الرحمن الرحيم، السلام على من اتبع الهدى، أمّا بعد: فلا تعلوا علي، وأتوني مسلمين"، ثمّ طبعه بالمسك، وختمه بخاتمه، [٣] فألقى الهدهد الكتاب عند بلقيس وهي في قصرها، فجمعت أشراف قومها لتشاورهم بما جاء في الكتاب، فتركوا الأمر لها بين القتال أو سواه، بعد أنّ بيّنوا أنّهم قومٌ أصحاب قوة، ولهم باعٌ في القتال والحرب. [٤]
إحضار عرش بلقيس
لماذا أحضر النبي سليمان عرش بلقيس؟
بعثت بلقيس إلى النبي سليمان بهدية مع رُسُلِها، لتعلم أهو ملِكٌ أم نبي ، فلما أخبروها كيف ردّ سليمان - عليه السلام - الهدية، [٥] وأنّ ما عنده خيرٌ مما عندهم تبيّن لها أنّه نبي وليس لهم طاقة بمواجهته، فخرجت بملوك قومها من سبأ إلى سليمان - عليه السلام- وأرسلت اليه أنّي قادمة إليك، لأعرف ما هو أمرك، وما تدعونا إليه من دينك، فبلغ ذلك سليمان عليه السلام،أنّ بلقيس وقومها سوف يأتوا إليه ويؤمنوا برب العالمين ورسوله، فسأل الملأ والأشراف من حوله، من يقدر على أن يأتي بعرشها إلى مجلسه قبل وصولها إليه.
- قصة نقل عرش بلقيس | المرسال
- {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} - عالم حواء
- تفسير حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون [ المؤمنون: 99]
قصة نقل عرش بلقيس | المرسال
لم يذكر القرآن الكريم كيف قرّرت الملكة القدوم، أو الهيئة التي كانت عليها وقت قدومها، لكنّه ذكر أنّه عندما دخلت على سليمان جَمَعت ثيابها إلى أن ظهرت ساقها لاعتقادها أنّ بلاط الملك كان يسيل عليه الماء؛ فقال لها سليمان بأنّ بلاطه مصنوعٌ من زجاجٍ يجري الماءُ من تحته، وقد جاء في القرآن أنّ اندهاش بلقيس كان من صرحِ سليمان لا من حكمته كما جاء في العهد القديم، وهذا هو سبب دخول بلقيس في دين الملكِ سليمان.
ويقال أن اسمها الحقيقي بلق وهو اسم نوع من أنواع الحجر الساطع، والقسم الآخر من اسمها يقال أنه كان اسم آلهة الشمس، ليكون المقصود بالاسم هو "وهج الشمس".
حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت ، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى ، وقيلهم عند ذلك ، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا ، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته; ولهذا قال: ( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا) كما قال تعالى: ( وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين.
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} - عالم حواء
وقال محمد بن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن يوسف ، حدثنا فضيل يعني: ابن عياض عن ليث ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال: إذا وضع يعني: الكافر في قبره ، فيرى مقعده من النار. قال: فيقول: رب ، ارجعون أتوب وأعمل صالحا. قال: فيقال: قد عمرت ما كنت معمرا. قال: فيضيق عليه قبره ، قال: فهو كالمنهوش ، ينام ويفزع ، تهوي إليه هوام الأرض وحياتها وعقاربها. وقال أيضا: حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثني سلمة بن تمام ، حدثنا علي بن زيد. عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة ، أنها قالت: ويل لأهل المعاصي من أهل القبور!! تدخل عليهم في قبورهم حيات سود أو: دهم حية عند رأسه ، وحية عند رجليه ، يقرصانه حتى يلتقيا في وسطه ، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى: ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) وقال أبو صالح وغيره في قوله تعالى: ( ومن ورائهم) يعني: أمامهم. {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} - عالم حواء. وقال مجاهد: البرزخ: الحاجز ما بين الدنيا والآخرة. وقال محمد بن كعب: البرزخ: ما بين الدنيا والآخرة. ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم. وقال أبو صخر: البرزخ: المقابر ، لا هم في الدنيا ، ولا هم في الآخرة ، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون.
تفسير حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون [ المؤمنون: 99]
وقوله: هاهنا: ( كلا إنها كلمة هو قائلها): كلا حرف ردع وزجر ، أي: لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه. وقوله: ( كلا إنها كلمة هو قائلها): قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أي لا بد أن يقولها لا محالة كل محتضر ظالم. ويحتمل أن يكون ذلك علة لقوله: " كلا " ، أي: لأنها كلمة ، أي: سؤاله الرجوع ليعمل صالحا هو كلام منه ، وقول لا عمل معه ، ولو رد لما عمل صالحا ، ولكان يكذب في مقالته هذه ، كما قال تعالى: ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) وقال محمد بن كعب القرظي: ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) قال: فيقول الجبار: ( كلا إنها كلمة هو قائلها). وقال عمر بن عبد الله مولى غفرة: إذا سمعت الله يقول: ( كلا) فإنما يقول: كذب. وقال قتادة في قوله تعالى: ( حتى إذا جاء أحدهم الموت): قال: كان العلاء بن زياد يقول: لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت ، فاستقال ربه فأقاله ، فليعمل بطاعة الله عز وجل. تفسير حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون [ المؤمنون: 99]. وقال قتادة: والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة ، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله ، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ، ولا قوة إلا بالله. وعن محمد بن كعب القرظي نحوه.
ايات/ 16 ﴿حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ رَبِّ ارجِعونِ﴾ - YouTube