وعللوا ما ذهبوا إليه بأن العلماء اختلفوا في العلة، فلما اختلفوا في العلة، صار الواجب التوقفَ، وألا نزيد على ما جاءت به السنة". إذا عُلم هذا، فإن الحاجة تبدو ماسة اليوم إلى مناقشة المسألة الأكثر شيوعاً، والتي يمسها الحديث عن الربا بشكل واضح ومباشر، وبإلحاح ليس لغيرها. وأحل الله البيع وحرم الربا. تلكم هي العمليات البنكية التي تكون مادتها (النقود الورقية)، سواء أكانت تلك العمليات في صورة قيام البنك بدور معطي النقود، أم في صورة آخذها، ممثلًا في الحسابات لأجل، والتي يودع فيها العملاء نقودهم إلى أجل بفائدة معينة. والسؤال هنا هو: هل هذه المعاملات ربوية أم غير ربوية؟ بمعنى: هل أخذ الدراهم من البنك إلى أجل بفائدة معينة تضاف إلى أصل المبلغ، وهل إيداع المواطن لنقوده في حساب لأجل في أحد البنوك، وأخذ فائدة عليها، عمليات ربوية أم غير ربوية؟
معظم من تناولوا هذه المسألة، ركزوا على البحث في مدى إمكان قياس النقود الورقية المعاصرة على الذهب والفضة، وبالتالي ربويتها ( = النقود الورقية)، أوعدم إمكان قياسها، وبالتالي عدم ربويتها. وبعض المتخصصين ركّز جهده على إثبات عدم إمكانية قياسها - أعني النقود المعاصرة - على الذهب والفضة، انطلاقاً من المعيار الفقهي المعروف: مطلق الثمنية أو غلبتها، بالنسبة للذهب والفضة.
وأحل الله البيع وحرم الربا
يقول - جل ثناؤه -: فمن جاءه ذلك " فانتهى " عن أكل الربا وارتدع عن العمل به وانزجر عنه " فله ما سلف " يعني: ما أكل ، وأخذ فمضى قبل مجيء الموعظة والتحريم من ربه في ذلك " وأمره إلى الله " يعني: وأمر آكله - بعد مجيئه الموعظة من ربه والتحريم وبعد انتهاء آكله عن أكله - إلى الله في عصمته وتوفيقه ، إن شاء عصمه عن أكله وثبته في انتهائه عنه ، وإن شاء خذله عن ذلك " ومن عاد " يقول: ومن عاد لأكل الربا بعد التحريم ، وقال ما كان يقوله قبل مجيء الموعظة من الله بالتحريم من قوله: " إنما البيع مثل الربا " فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني: ففاعلو ذلك وقائلوه هم أهل النار ، يعني نار جهنم ، فيها خالدون. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
6250 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط عن السدي: " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله " أما " الموعظة " فالقرآن ، وأما " ما سلف " فله ما أكل من الربا.
طريقة العرض:
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
دليل تحريم الربا وأنه من الكبائر. أنواع الربا
ودعوى: أن البيع الفاسد عندهم ليس بيعاً، قد عرفت الحال فيها[1]. [1] أقول: إنّ ما أفاده ـ طاب ثراه ـ ناظر إلى كلمات الأكابر في المقام، وقد بيَّن وجه الاستدلال بالآية على جميع الوجوه، فالميرزا المحقق رحمه اللّه على أنّ المراد من الحلّ في الآية هو الوضع، بقرينة تعلّقه بالأعيان، قال: وبيان ذلك: إن المصنّف قدّس سرّه استظهر من الآية الكريمة كون الحليّة هي التكليفيّة لا الوضعيّة، وذلك بقرينة المقابلة مع حرمة الرّبا، فإنّ المراد من حرمة الربا هي الحرمة التكليفيّة، فعليه، لا يتمّ الاستدلال بالآية على صحّة المعاطاة. دليل تحريم الربا وأنه من الكبائر. أنواع الربا. لكن الإنصاف: عدم تمامية ما استظهره، بالمنع عن كون المراد من الحرمة في قوله تعالى (حَرَّمَ الرِّبا) هي التكليفيّة، بل يراد بها الوضع، بقرينة مقابلتها مع حليّة البيع الظاهرة في الوضع، وليس العكس ـ أعني رفع اليد عن ظهور آية الحلّ في الوضع بقرينة آية الحلّ الظاهرة في الوضع، مع أنّ الإنصاف ظهور كلتا الفقرتين في الوضع، بواسطة إسناد الحلّ والحرمة فيهما إلى البيع والربا، لا إلى الأفعال المترتبة عليهما. والحليّة والحرمة إذا اسندتا إلى الأعيان يراد بهما الوضع، لأن إرادة التكليف منهما محتاجة إلى مؤنة زائدة، وهي تقدير الفعل، لكون فعل المكلّف هو الموضوع للحلّ والحرمة لا نفس الأعيان»(2).
وإن كانت الحليّة تكليفيّة والمراد من البيع هو التمليك الإنشائي، فقد دلّ بالالتزام على مؤثّرية إنشاء التمليك في الملكيّة، وإلاّ لزم تجويز أمر لغو. وتلخّص: إنّ الآية الكريمة تدلّ ـ بناءً على الحليّة التكليفيّة ـ على إفادة المعاطاة للملكيّة، إمّا مطابقةً كما في الوجه الأول، وإمّا التزاماً كما في الوجه الثاني. وإنْ كانت الحليّة وضعيّة، والمراد من البيع هو المسبب، فالآية تدلّ بالمطابقة على اعتبار الشارع الملكيّة في المعاطاة بعد الفراغ عن كونها بيعاً. وإن كانت الحليّة وضعيّة، والمراد من البيع هو السبب ـ أي التمليك الإنشائي فإنّ حليّة البيع وضعاً ليس إلاّ اعتبار المؤثّرية، وهي ليست إلاّ الملكيّة. فالآية دالّة على المدّعى بالوجوه الأربعة كلّها. وأمّا دعوى الإجماع في كلام بعضهم على عدم كون المعاطاة بيعاً ـ كابن زهرة في الغنية ـ فقد أجاب الشيخ بما حاصله: إنهم لا ينفون أصل بيعيّة المعاطاة، فهي عندهم بيع لكنه ليس ببيع صحيح شرعي، إلاّأن لفظ البيع حقيقة في الأعمّ من الصّحيح والفاسد، فمرادهم ـ لا محالة ـ هو المعاملة اللاّزمة التي هي احدى العقود، قال الشيخ: ولذا صرّح في الغنية بكون الإيجاب والقبول من شرائط صحة البيع.
جريدة الرياض | وأحل الله البيع وحرم الربا
ولا يمكن المساعدة على ما ذهب إليه، لأنّ «البيع» ليس من الأعيان، وإنما هو الاُمور الاعتباريّة، فما ذكره غير منطبق. هذا أوّلاً.
وروى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ءاكِلَ الرِّبا ومُوكِلَهُ وكاتِبَهُ وشَاهِدَيهِ وقالَ هُم سَواءٌ ». يحرم الربا فعلُه وأكلُه وأخذه وكتابتُه وشهادَتُه ومنه ما هو من طريق القرض (الدَّين) ومنه ما هو متعلّق بالمطعومات والذهب والفضة. في قوله تعالى: " وأحَلَّ اللهُ البَيعَ وحَرّمَ الرِّبَا " إنكار على الذين قالوا إنّما البيع مثلُ الربا إذ الحِلُّ مع الحُرمة ضدّان فأنّى يتماثلان. الربا كان حراما في شرع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام. وفي بدء البعثة النبوية المحمدية لم ينزل تحريمه لأنّ الأحكام كانت تنزل على النبي شيئاً فشيئاً. فالصلوات الخمس نزلت فرضيتها على النبي وعلى أمته في السنة الثامنة من البعثة قبل الهجرة، وكان قبل ذلك مفروضاً عليهم أن يُصلوا في الليل ثم نُسخ ذلك ففُرض عليهم الصلوات الخمْس. كذلك الخمر أنزل الله تحريمَها بعد الهجرة في السنة الثالثة. وكذلك الربا في شرع سيدنا محمد لم يُحرَّم إلا بعد الهجرة.
والاتباع يطلق مجازا على المجاراة والموافقة ، وعلى المحاكاة والمماثلة في العمل ، والمراد هنا كلا الإطلاقين ليرجع النهي إلى النهي عن مخالفة الأمرين المأمور بهما في قوله: فادع واستقم. اكتشف أشهر فيديوهات بارك الله لكم وجمع بينكم في خير | TikTok. وضمير ( أهواءهم) للذين ذكروا من قبل من المشركين والذين أوتوا الكتاب ، والمقصود: نهي المسلمين عن ذلك من باب لئن أشركت ليحبطن عملك ألا ترى إلى قوله: فاستقم كما أمرت ومن تاب معك في سورة هود. ويجوز أن يكون معنى ولا تتبع أهواءهم تجارهم في معاملتهم ، أي لا يحملك طعنهم في دعوتك على عدم ذكر فضائل رسلهم وهدي كتبهم عدا ما بدلوه منها فأعلن بأنك مؤمن بكتبهم ، ولذلك عطف على قوله: ولا تتبع أهواءهم قوله: وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب الآية ، فموقع واو العطف [ ص: 62] فيه بمنزلة موقع فاء التفريع. ويكون المعنى كقوله تعالى: ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى في سورة المائدة. والأهواء: جمع هوى وهو المحبة ، وغلب على محبة ما لا نفع فيه ، أي ادعهم إلى الحق وإن كرهوه ، واستقم أنت ومن معك وإن عاداكم أهل الكتاب فهم يحبون أن تتبعوا ملتهم ، وهذا من معنى قوله: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير.
الله يجمع بينكم إلاما
تاريخ النشر: 2015-06-30 04:54:18
المجيب: د. أحمد الفرجابي
تــقيـيـم:
السؤال
السلام عليكم. أخبرتكم في استشارة سابقة أن أهل الشاب رفضوني بسبب أنهم يريدون زوجة بيضاء، وأنه ابتعد عني لأنه يقول بأن الاستخارة هي من أبعدتنا، ولا يريد أن يحاول ويقنع أهله، لأنه تعب جدا من المحاولة لمدة شهر دون فائدة.
وقيل: فلذلك فادع, والمعنى: فإلى ذلك, فوضعت اللام موضع إلى, كما قيل: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا وقد بيَّنا ذلك في غير موضع من كتابنا هذا. وكان بعض أهل العربية يوجه معنى ذلك, في قوله: ( فَلِذَلِكَ فَادْعُ) إلى معنى هذا, ويقول: معنى الكلام: فإلى هذا القرآن فادع واستقم. والذي قال من هذا القول قريب المعنى مما قلناه, غير أن الذي قلنا في ذلك أولى بتأويل الكلام, لأنه في سياق خبر الله جلّ ثناؤه عما شرع لكم من الدين لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بإقامته, ولم يأت من الكلام ما يدلّ على انصرافه عنه إلى غيره. وقوله: ( وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) يقول تعالى ذكره: ولا تتبع يا محمد أهواء الذين شكُّوا في الحقّ الذي شرعه الله لكم من الذين أورثوا الكتاب من بعد القرون الماضية قبلهم, فتشك فيه, كالذي شكوا فيه. يقول تعالى ذكره: وقل لهم يا محمد: صدّقت بما أنـزل الله من كتاب كائنا ما كان ذلك الكتاب, توراة كان أو إنجيلا أو زبورا أو صحف إبراهيم, لا أكذب بشيء من ذلك تكذيبكم ببعضه معشر الأحزاب, وتصديقكم ببعض. الله يجمع بينكم للاطفال. وقوله: ( وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ) يقول تعالى ذكره: وقل لهم يا محمد: وأمرني ربي أن أعدل بينكم معشر الأحزاب, فأسير فيكم جميعا بالحق الذي أمرني به وبعثني بالدعاء إليه.