وإنما عنوا أن حظوته من الملك والسلطان والقدرة والعظمة عالية ، فلا يكون له صاحبة ولا ولد; لأن الصاحبة إنما تكون للضعيف العاجز الذي تضطره الشهوة الباعثة إلى اتخاذها ، وأن الولد إنما يكون عن شهوة أزعجته إلى الوقاع الذي يحدث منه الولد ، فقال النفر من الجن: علا ملك [ ص: 651] ربنا وسلطانه وقدرته وعظمته أن يكون ضعيفا ضعف خلقه الذين تضطرهم الشهوة إلى اتخاذ صاحبة ، أو وقاع شيء يكون منه ولد. وقد بين عن صحة ما قلنا في ذلك إخبار الله عنهم أنهم إنما نزهوا الله عن اتخاذ الصاحبة والولد بقوله: ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا) يقال منه: رجل جدي وجديد ومجدود ، أي ذو حظ فيما هو فيه ، ومنه قول حاتم الطائي: اغزوا بني ثعل فالغزو جدكم عدوا الروابي ولا تبكوا لمن قتلا
وقال آخر: يرفع جدك إني امرؤ سقتني إليك الأعادي سجالا
وقوله: ( ما اتخذ صاحبة) يعني زوجة ( ولا ولدا). واختلفت القراء في قراءة قوله: ( وأنه تعالى) فقرأه أبو جعفر القارئ وستة أحرف أخر بالفتح ، منها: ( أنه استمع نفر) ( وأن المساجد لله) ( وأنه كان يقول سفيهنا) ( وأنه كان رجال من الإنس) ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه) ( وأن لو استقاموا على الطريقة) وكان نافع يكسرها إلا ثلاثة أحرف: أحدها: ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر) والثانية ( وأن لو استقاموا) والثالثة ( وأن المساجد لله).
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
وأما قراء الكوفة غير عاصم ، فإنهم يفتحون جميع ما في آخر سورة النجم وأول سورة الجن إلا قوله: ( فقالوا إنا سمعنا) وقوله: ( قل إنما أدعو ربي) وما بعده إلى آخر السورة ، وأنهم يكسرون ذلك غير قوله: ( ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم). وأما عاصم فإنه كان [ ص: 652] يكسر جميعها إلا قوله: ( وأن المساجد لله) فإنه كان يفتحها ، وأما أبو عمرو ، فإنه كان يكسر جميعها إلا قوله: ( وأن لو استقاموا على الطريقة) فإنه كان يفتح هذه وما بعدها; فأما الذين فتحوا جميعها إلا في موضع القول ، كقوله: ( فقالوا إنا سمعنا) وقوله: ( قل إنما أدعو ربي) ونحو ذلك ، فإنهم عطفوا "أن" في كل السورة على قوله: ( فآمنا به) وآمنا بكل ذلك ، ففتحوها بوقوع الإيمان عليها. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الجن - القول في تأويل قوله تعالى "قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا "- الجزء رقم23. وكان الفراء يقول: لا يمنعنك أن تجد الإيمان يقبح في بعض ذلك من الفتح ، وأن الذي يقبح مع ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعل مضارع للإيمان ، فوجب فتح "أن" كما قالت العرب: إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
فنصب العيون لاتباعها الحواجب ، وهي لا تزجج ، وإنما تكحل ، فأضمر لها الكحل ، كذلك يضمر في الموضع الذي لا يحسن فيه "آمنا": صدقنا وآمنا وشهدنا. قال: وبقول النصب قوله: ( وأن لو استقاموا على الطريقة) فينبغي لمن كسر أن يحذف "أن" من "لو"; لأن "أن" إذا خففت لم تكن حكاية.
وكانت العرب تزعم أن الملائكة بنات الله ، جاءته من صهر مع الجن! فكذبت الجن هذه الخرافة الأسطورية. القران الكريم |وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا. قال ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (14/222): "التعالي: شدة العلوّ. والجَدّ: العظمة والجلال ، وهذا تمهيد وتوطئة لقوله: (ما اتخذ صاحبة ولا ولَداً) ، لأن اتخاذ الصاحبة للافتقار إليها لأنسها وعونها والالتذاذ بصحبتها ، وكل ذلك من آثار الاحتياج ، والله تعالى الغني المطلق ، وتعالى جَدّه بغناه المطلق ، والولد يرغب فيه للاستعانة والأنس به... وكل ذلك من الافتقار والانتقاص" انتهى. وقال السعدي في تفسيره (ص 1055): "(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا) أي: تعالت عظمته وتقدست أسماؤه، (مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا) فعلموا من جَدِّ الله وعظمته، ما دلهم على بطلان من يزعم أن له صاحبة أو ولدا، لأن له العظمة والكمال في كل صفة كمال، واتخاذ الصاحبة والولد ينافي ذلك، لأنه يضاد كمال الغنى" انتهى وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما معنى قولنا في دعاء الاستفتاح للصلاة: ( وتعالى جدك) ؟ الجواب: " معنى ذلك: تعالى كبرياؤك وعظمتك ، كما قال سبحانه في سورة الجن - عن الجن - أنهم قالوا: ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) " انتهى.
القران الكريم |وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا
قال الله تعالى: ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا. وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا) الجن/1-4. وظاهر جداً من سياق الآيات: أن الجن أعلنوا إيمانهم بوحدانية الله ، ورفضهم لما يقوله المشركون من نسبة الصاحبة والولد إلى الله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. والجد في الآية معناه: العظمة والجلال ، وليس معناه "أبو الأب" كما فهم هؤلاء المفترون. قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (1/364): " الجيم والدال أصولٌ ثلاثة: الأوَّل العظمة ، والثاني: الحَظ ، والثالث: القَطْع. فالأوّل: العظمة: قال الله جلّ ثناؤُه إخباراً عمّن قال: ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا) الجن/3. ويقال: " جَدَّ الرجُل في عَينِي " أي: عَظُم ، قال أنسُ بنُ مالكٍ: ( كان الرجلُ إذا قرأ سورةَ البقرة وآلِ عِمرانَ جَدَّ فينا) أي: عَظُم في صُدورِنا. والثاني: الغِنَى والحظُّ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: ( لا يَنْفَع ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ) يريد: لا ينفَعُ ذا الغنى منك غِناه ، إنّما ينفعه العملُ بطاعتك.
فلو كان المراد من الجَدِّ في في الآية هو الغِنى أو الجَاه لكان معناها هو أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد اتَّسع غناهُ وعلا شأنُه فمِن علوِّ شأنِه وسعة غناهُ -غير المحدود- أنَّه متنزِّه عن الصاحبة والولد. 1 - الجن/3. 2 - شرح نهج البلاغة ابن ميثم البحراني - ج4 / ص211. 3 - مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - ص509.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الجن - القول في تأويل قوله تعالى "قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا "- الجزء رقم23
ألا ترى أنك تقول: أقول لو فعلت لفعلت ، ولا تدخل "أن". وأما الذين كسروها كلهم وهم في ذلك يقولون: ( وأن لو استقاموا) فكأنهم أضمروا يمينا مع "لو" وقطعوها عن النسق على أول الكلام ، فقالوا: والله أن لو استقاموا; قال: والعرب تدخل "أن" في هذا الموضع مع اليمين وتحذفها ، قال الشاعر: فأقسم لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
قالوا: وأنشدنا آخر: أما والله أن لو كنت حرا وما بالحر أنت ولا العتيق [ ص: 653]
وأدخل "أن" من كسرها كلها ، ونصب ( وأن المساجد لله) فإنه خص ، ذلك بالوحي ، وجعل ( وأن لو) مضمرة فيها اليمين على ما وصفت. وأما نافع فإن ما فتح من ذلك فإنه رده على قوله: ( أوحي إلي) وما كسره فإنه جعله من قول الجن ، وأحب ذلك إلي أن أقرأ به الفتح فيما كان وحيا ، والكسر فيما كان من قول الجن; لأن ذلك أفصحها في العربية ، وأبينها في المعنى ، وإن كان للقراءات الأخر وجوه غير مدفوعة صحتها.
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن ورقاء ، قال: قدم رهط زوبعة وأصحابه مكة على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ثم انصرفوا ، فذلك قوله: ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا) قال: كانوا تسعة فيهم زوبعة. حدثت عن الحسين ، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد ، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) هو قول الله ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) لم تحرس السماء في الفترة بين عيسى ومحمد; فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم حرست السماء الدنيا ، ورميت الشياطين بالشهب ، فقال إبليس: لقد حدث في الأرض حدث ، فأمر الجن فتفرقت في الأرض لتأتيه بخبر ما حدث. وكان أول من بعث نفر من أهل نصيبين ، وهي أرض باليمن ، وهم أشراف الجن وسادتهم ، فبعثهم إلى تهامة وما يلي اليمن ، فمضى أولئك النفر ، فأتوا على الوادي وادي نخلة ، وهو من الوادي مسيرة ليلتين ، فوجدوا به نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الغداة ، فسمعوه يتلو القرآن; فلما حضروه ، قالوا: أنصتوا ، فلما قضي ، يعني فرغ من الصلاة ، ولوا إلى قومهم منذرين ، يعني مؤمنين ، لم يعلم بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم ولم يشعر أنه صرف إليه ، حتى أنزل الله عليه: ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن).
للتواصل مع مركز الدعوة الإسلامية:
المـركـز الرئـيسي: فيضـــان مـدينــة، بـجوار شـركـة الاتصالات الباكستانية،
طريق الجامعات الرئيسي، بـاب المدينة كراتشي، باكستان. (+92)-21-349-213-88-(93)
رقـــم الـــــهـاتــف:
(+92)-21-111-252-692
الــرقـــم الـمــوحـد:
البريد الإلكتروني:
البريد الإلكتروني:
من مكفرات الذنوب - موقع د. علي بن يحيى الحدادي : موقع د. علي بن يحيى الحدادي
16- الشهادة في سبيل الله: من مات في سبيل الله الشهيد يغفر الله له كل الذنوب ماعدا الدين وخصوصا إذا كان يقدر على سداده تغفر كل الذنوب ما عدا الدين وهو إقتراض المال من شخص وعدم سداده لذلك عندما يموت أى شخص يسعى أهله لسداد أي دين عنه، وها نحن نرى عظم الدين لابد عدم الإستهانه بالدين ومحاولة السداد عند الإستطاعه فهي تظل في رقبة الشخص حتى بعد الموت ويأتي يوم القيامة صاحب الدين يطالب به فمن أين تأتي به ليس أمامك سوى أن يأخذ من حساناتك وإن لم يكن لديك يطرح عليك من سيئاته، لذلك يجب التحلل من حقوق الناس في الدنيا قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولا خلال. 17- يجب على كل مسلم عندما يخطيء أو يذنب أن يحسن الوضوء ويصلي ركعتين ثم يستغفر الله فقد روى الترمذي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل ذلك غفر الله له. (( ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله إلا غفر له)) رواه الترمذي
وفي نهاية هذا المقال نسأل الله أن يغفر ذنوبنا جميعاً، وأن يتوب علينا لنتوب ويكفر عنا ذنوبنا وخطايانا ويتوفانا وهو راضي عنا ويحسن ختامنا جميعاً، وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.
أنواع الذنوب ومكفراتها
ت + ت - الحجم الطبيعي
أعلنت كل من سلطنة عمان والأردن والمغرب وأندونيسيا وسلطنة بروناي وماليزيا رسميا عدم رؤية هلال شهر رمضان، وأن الأحد 03 إبريل أول أيام شهر رمضان المبارك. وأكد علماء الدين أن النية شرط مؤكد في صحة صيام رمضان، ولذا فإنه يجب على كل من يعزم على الصوم أن ينوي بلسانه أو بقلبه في أي جزء من أجزاء الليل، ولو قبل الفجر بلحظة، كما أنه يجوز أن ينوي مرة واحدة لجميع أيام شهر رمضان، أو كل ليلة، وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يبيِّت الصيام من الليل، فلا صيام له». أنواع الذنوب ومكفراتها. وصيام رمضان ركن من أركان الإسلام ، كتبه الله على المسلمين أياماً معدوداتٍ يمتنع فيه المسلم عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تبارك وتعالى. فهو من أعظم الطاعات التي يُتقرَّب بها إلى الله سبحانه وتعالى، ويثاب المسلم عليه ثواباً لا حدود له، وبه تغفر الذنوب، وبه يقي الله العبد من النار، وبه يستحق العبد دخول الجنان من باب خاص أُعدَّ للصائمين، وبه يفرح العبد عند فطره وعند لقاء ربه. ويعد الصيام مدرسة صحية وتربوية واجتماعية، مبنية على الصبر، ومخالفة النفس، وكسر الشهوة واحترام النظام، والتزام الجماعة والإحسان إلى الفقراء، ومواساة المساكين والمحتاجين، وتطهير الروح والانشغال بلذة العبادات من صلاة وذكر، وقيام واعتكاف وتلاوة للقرآن الكريم.
فإن النفس إذا اشتعلت غضبا عميت عن الرشد وصمت عن الموعظة. والغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، فلا يزال الشيطان يلهبها ويؤججها حتى تأكل صاحبها أكلا لما، فكم أودت هذه الجمرة بصاحبها إلى أسرة المستشفيات، أو زنزانات السجون، فالغضب كالنار تضيء وتحرق أو كالماء يروي ويغرق. قال رجل لوهب بن منبه - رحمه اله - تعالى -: (إن فلانا شتمك، فقال: ما وجد الشيطان بريدا غيرك). وأمر عمر بن عبد العزيز بضرب رجل ثم قرأ قوله - تعالى -: {والكاظمين الغيظ}، فقال لغلامه: خل عنه. لم يترك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أمته، بل أرشدهم إلى الأسباب المبعدة عن الغضب منها الاستعاذة بالله من الشيطان، استب رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل أحدهما تحمر عيناه، وتنتفخ أوداجه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)،
ومن الأسباب التي تطفئ الغضب الوضوء، ورد في الحديث الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ). ومنها أن يغير الغاضب هيأته وحالته، روى أبو داود وغيره بإسناد حسن عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنا: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).