يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) هذا الكلام يتضمن محذوفا ، وهو أنه أجيب إلى ما سأل في دعائه فقيل له: ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) ، كما قال تعالى: ( هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين) [ آل عمران: 38 ، 39 وقوله: ( لم نجعل له من قبل سميا) قال قتادة ، وابن جريج ، وابن زيد: أي لم يسم أحد قبله بهذا الاسم ، واختاره ابن جرير ، رحمه الله. وقال مجاهد: ( لم نجعل له من قبل سميا) أي: شبيها. أخذه من معنى قوله: ( فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) [ مريم: 65] أي: شبيها. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة مريم - الآية 7. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: أي لم تلد العواقر قبله مثله. وهذا دليل على أن زكريا عليه السلام ، كان لا يولد له ، وكذلك امرأته كانت عاقرا من أول عمرها ، بخلاف إبراهيم وسارة ، عليهما السلام ، فإنهما إنما تعجبا من البشارة بإسحاق على كبرهما لا لعقرهما; ولهذا قال: ( أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون) [ الحجر: 54] مع أنه كان قد ولد له قبله إسماعيل بثلاث عشرة سنة.
- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة مريم - الآية 7
- يا زكريا إنا نبشرك بغلام – e3arabi – إي عربي
- يا زكريا إنا نبشرك بغلام
- قطيعة الرحم - موقع مقالات إسلام ويب
- اخطار قطع صلة الرحم
- قاطع الرحم منقطع من رحمة الله تعالى - جيل التعليم
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة مريم - الآية 7
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) قوله عز وجل: ( يا زكريا إنا نبشرك) وفيه اختصار ، معناه: فاستجاب الله دعاءه فقال: يا زكريا إنا نبشرك ، ( بغلام) بولد ذكر ( اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا) قال قتادة والكلبي: لم يسم أحد قبله يحيى. وقال سعيد بن جبير وعطاء: لم نجعل له شبها ومثلا كما قال الله تعالى: " هل تعلم له سميا " أي مثلا. والمعنى: أنه لم يكن له مثل ، لأنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط. وقيل: لم يكن له مثل في أمر النساء؛ لأنه كان سيدا وحصورا. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي لم تلد العواقر مثله ولدا. يازكريا انا نبشرك بغلام. وقيل: لم يرد الله به اجتماع الفضائل كلها ليحيى ، إنما أراد بعضها ، لأن الخليل والكليم كانا قبله ، وهما أفضل منه.
القول في تأويل قوله تعالى: ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ( 7))
يقول تعالى ذكره: فاستجاب له ربه ، فقال له: يا زكريا إنا نبشرك بهبتنا لك غلاما اسمه يحيى. كان قتادة يقول: إنما سماه الله يحيى لإحيائه إياه بالإيمان. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) عبد أحياه الله للإيمان. [ ص: 148]
وقوله ( لم نجعل له من قبل سميا) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم معناه لم تلد مثله عاقر قط. ذكر من قال ذلك:
حدثني علي ، قال: ثنا عبد الله ، قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ليحيى ( لم نجعل له من قبل سميا) يقول: لم تلد العواقر مثله ولدا قط. يا زكريا انا نبشرك. وقال آخرون: بل معناه: لم نجعل له من قبله مثلا. حدثنا محمد بن المثنى ، قال: ثنا أبو الربيع ، قال: ثنا سالم بن قتيبة ، قال: أخبرنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، في قوله ( لم نجعل له من قبل سميا) قال: شبيها. حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( لم نجعل له من قبل سميا) قال: مثلا.
يا زكريا إنا نبشرك بغلام – E3Arabi – إي عربي
تفسير القرآن الكريم
- حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، مثله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله ( لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) قال: لم يسمّ أحد قبله بهذا الاسم. حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) لم يسمّ أحد قبله يحيى. يا زكريا إنا نبشرك بغلام. قال أبو جعفر: وهذا القول أعني قول من قال: لم يكن ليحيى قبل يحيى أحد سمي باسمه أشبه بتأويل ذلك، وإنما معنى الكلام: لم نجعل للغلام الذي نهب لك الذي اسمه يحيى من قبله أحدا مسمى باسمه، والسميّ: فعيل صرف من مفعول إليه.
يا زكريا إنا نبشرك بغلام
وقوله- تعالى-: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا أى لم نجعل أحدا من قبل مشاركا له في هذا الاسم، بل هو أول من تسمى بهذا الاسم الجميل.
وفي الحديث: «أنّه قال للأنصَار فأبشروا وأمّلوا» ، وفي حديث وفد بني تميم: «اقبَلوا البشرى ، فقالوا بشرتَنا فأعطنا». ومعنى { اسْمُهُ يَحْيَى} سَمّهِ يحيى ، فالكلام خبر مستعمل في الأمر. والسميّ فسروه بالموافق في الاسم ، أي لم نجعل له من يوافقه في هذا الاسم من قبل وجوده. يا زكريا إنا نبشرك بغلام – e3arabi – إي عربي. فعليه يكون هذا الإخبار سراً من الله أودعه زكرياء فلا يظن أنه قد يُسمّي أحد ابنَه يحيى فيما بين هذه البشارة وبين ازدياد الولد. وهذه منّة من الله وإكرام لزكرياء إذ جعل اسم ابنه مبتكراً ، وللأسماء المبتكرة مزيّة قوّة تعريف المسمى لقلّة الاشتراك ، إذ لا يكون مثله كثيراً مدّة وجوده ، وله مزية اقتداء الناس به من بعد حين يسمون أبناءهم ذلك الاسم تيمّناً واستجادة. وعندي: أن السّمِيّ هنا هو الموافق في الاسم الوصفي بإطلاق الاسم على الوصف ، فإن الاسم أصله في الاشتقاق ( وسَم) ، والسمة: أصلها وسمة ، كما في قوله تعالى: { ليسمُّون الملائكَة تسمية الأنثى} [ النجم: 27] ، أي يصفونهم أنهم إناث ، ومنه قوله الآتي: { هل تعلم له سمياً} [ مريم: 65] أي لا مثيل لله تعالى في أسمائه. وهذا أظهر في الثناء على يحيى والامتنان على أبيه. والمعنى: أنه لم يجىء قبل يحيى من الأنبياء من اجتمع له ما اجتمع ليحيى فإنه أعطي النبوءة وهو صبيّ ، قال تعالى: { وآتيناه الحكم صبياً} [ مريم: 12] ، وجعل حصوراً ليكون غير مشقوق عليه في عصمته عن الحرام ، ولئلا تكون له مشقة في الجمع بين حقوق العبادة وحقوق الزوجة ، وولد لأبيه بعد الشيخوخة ولأمّه بعد العَقر ، وبُعث مبشراً برسالة عيسى عليه السلام ، ولم يكن هو رسولاً ، وجعل اسمه العلم مبتكراً غير سابق من قبله.
وبعد أيها الإخوة: فإن قاطع الرحم منقطع من رحمة الله، في صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنّةَ قاطع)، فقطيعة الرّحم كبيرة مِن كبائر الذّنوب، متوَعَّد صاحبُها باللّعنةِ والعقوبة {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ * أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ}، فتأملوا كيف قرن الله بين الإفساد في الأرض وقطيعة الرحم، ذلكم أن القطيعة من أعظم المفسدات لأخلاق المجتمع، بل القطيعة عنوان الذل والصغار، والتفرق والضعف، وهي جالبة للغم والنكد والقلق لكل من بلي بها. (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)
5/4/1437 هـ
إظهار التعليقات
قطيعة الرحم - موقع مقالات إسلام ويب
[١٢] [١٣] وبالإضافة إلى ذلك، تبرز أهمّية صِلة الأرحام وعدم قَطعها في الدِّين الإسلاميّ من خلال الكثير من الإشارات الواضحة والصريحة، ومنها: [١٤]
ارتباط صِلة الأرحام بالإيمان بالله واليوم الآخر ؛ فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). اخطار قطع صلة الرحم. [١٥]
اعتبار صِلة الأرحام من مَقاصد الشريعة الإسلاميّة، واهتمامات البعثة النبويّة ، وهذه الدلالة تظهر في حديث الصحابيّ جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- عند بيانه الإسلام للنجاشيّ. بيان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صِلة الأرحام من أسباب دخول الجنّة، وذلك عندما سأله رجل عن عمل يُدخله الجنّة؛ إذ قال: (تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ). [١٦]
ارتباط صِلة الأرحام بالبركة في العُمر، ووسَعة الرِّزق ؛ وهذا دليل على أهمّيتها في الإسلام؛ فقد قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).
اخطار قطع صلة الرحم
↑ محمد سعد خلف الله الشحيمي (2008)، آداب وأحكام من أحاديث صلة الأرحام (الطبعة الأولى)، دبي: دائرة الشؤؤن الإسلامية والعمل الخيري، صفحة 5-8. بتصرّف. ↑ محمد صالح المنجد، 40 فائدة في صلة الرحم والتعامل مع الأقارب ، صفحة 10-12. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6138، صحيح. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي أيّوب الأنصاريّ، الصفحة أو الرقم: 5983، صحيح. قطيعة الرحم - موقع مقالات إسلام ويب. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5986، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2555، صحيح. ↑ محمَّدُ بنُ عزِّ الدِّينِ عبدِاللطيف بنِ عبدالعزيز بن أمين الدِّين بنِ فِرِشْتَا، الرُّوميُّ الكَرمانيّ، الحنفيُّ، المشهور بابن المَلَك (1433 هـ-2012 م)، شرح المصابيح لابن الملك (الطبعة الأولى)، الكويت: إدارة الثقافة الإسلامية، صفحة 280. بتصرّف. ↑ محسن سميح الخالدي (2003)، صلة الرحم المسلمة ، فلسطين: جامعة النجاح الوطنية، صفحة 472-474. بتصرّف. ↑ سورة الرعد، آية: 25.
قاطع الرحم منقطع من رحمة الله تعالى - جيل التعليم
ويرى الإمام أحمد: أن النفقة على كل وارث، فمن يرث الفقير العاجز إذا مات عن مال تجب عليه نفقته إذا عجز، وقد ثبت ذلك عنده بالآية الكريمة التي تشتمل على نفقة الولد على أبيه وأجرة الرضاعة والحضانة ، وفي آخـر هذه الآية إشارة إلى أن النفقة على الوارث قال تعالى: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، لا تُكلَّف نفس إلاّ وسعها ، لا تُضارّ والدة بولدها ولا مولود له بولده، وعلى الوارث مثل ذلك البقرة:233. 18
فالواجب على جميع المسلمين العناية بالرحم، من الآباء، والأمهات، والأجداد، والجدّات، والأولاد، والإخوة وأولادهم، والأعمام، والعمّات، والأخوال، كل هؤلاء رحم، وكل مَن كان أقرب كان أشدّ في إثم قطيعة الرحم، وكان أعظم في الأجر في وصله، قال رجل: يا رسول الله، مَن أبرُّ؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمّك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب، فبعد الأب والأجداد والأولاد يأتي الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، ثم الأخوال، هؤلاء هم الأرحام. 20
وعن أبي هُريْرة رضي الله عنْه: أنَّ رجُلاً قال: يا رسول الله، إنَّ لي قرابةً أصلِهُم ويقطعونني، وأُحْسِن إليْهِم ويسيئون إليَّ، وأحلُم عليهم ويَجهلون عليَّ، فقال: " إن كنتَ كما قلتَ، فكأنَّما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزالُ معك من الله ظهيرٌ عليْهم، ما دُمْتَ على ذلك " (رواه مسلم). قال النووي في "شرح مسلم": "ومعناه: كأنَّما تُطْعِمُهم الرَّماد الحارَّ، وهو تشبيهٌ لِما يلحقُهم من الألم بِما يَلْحق آكلَ الرَّماد الحارِّ من الألم، ولا شيء على هذا المُحسِن، بل ينالُهم الإثم العظيم في قطيعتِه، وإدخالهم الأذَى عليه، وقيل: معناه: إنَّك بالإحسان إليْهم تُخزيهم وتحقرهُم في أنفسِهم؛ لكثرة إحسانِك وقبيح فعْلِهم، من الخزي والحقارة عند أنفُسِهم، كمن يسفُّ الملَّ، وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحْسانِك كالملِّ يُحرق أحشاءَهم". ولعلَّه باستِمرارِك في دفْع الإساءة بالإحسان والصِّلة يشرحُ الله صدْرَها للحقِّ؛ كما قال تعالى: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34، 35].