أيها المسلمون
ولم يعهد أن أهل العلم حين يختلفون يتخالفون ، بل هم إذا اختلفوا تآلفوا، وأما أهل القصور والنقص والجهل إذا اختلفوا تعادوا كما هو المشاهد الآن، فنراهم يتعادون ثم يتبغاضون، ثم يتدابرون، ثم يتحاسدون، وهذه من أعظم المصائب، نعم يتجادلون ويتمارون عند كل صغيرة وكبيرة ،لا لجلب مصلحة، ولا لدرء مفسدة، ولا لهدف الوصول إلى الحق والأخذ به، وإنما رغبةً في اللدد والخصومة، وحبَّاً في التشَّفي من الطرف الآخر، ولهذا تجد الواحد من هؤلاء يُسَفِّه صاحبه، ويرذل رأيه، ويرد قوله. فلا يمكن – والحالة هذه – أن يصل المتجادلون إلى نتيجة طالما أن الحق ليس رائدَهم ومقصودَهم. أحب البقاع إلى الله وأبغضها | المرسال. فالجدال والمراء على هذا النحو مجلبة للعداوة، ومدعاة للتعصب، ومطية لاتباع الهوى، بل هما ذريعة للكذب، والقولِ على الله بغير علم ،خصوصاً إذا كان ذلك في مسائل الدين، وهذا من أقبح الأفعال ، ولما كان هذا هو شأن الجدال والمراء والخصومة واللدد ، فقد تجنب السلف الصالح ذلك، وحذَّروا منه، وورد عنهم آثار كثيرة في ذلك ، ومنها: قال ابن عباس – رضي الله عنهما: «كفى بك ظلماً ألا تزال مخاصماً، وكفى بك إثماً ألا تزال مماريا». وقال ابن عباس لمعاوية – رضي الله عنهما -: «هل لك في المناظرة فيما زعمت أنك خاصمت فيه أصحابي ؟ قال: وما تصنع بذلك ؟ أَشْغَبُ بك وتشغب بي، فيبقى في قلبك ما لا ينفعك، ويبقى في قلبي ما يضرك».
ابغض الرجال الى الله الرقمية جامعة أم
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله
-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
( أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)
أخرجه مسلم.
أقسام الجدل:
ينقسم الجدل إلى قسمين:
1- الجدل الممدوح:
وهو الجدل الذي يقصد به تأييد الحق، أو إبطال الباطل، أو أفضى إلى ذلك بطريق صحيح. ومن هذا الجدل ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض على الكفاية، يقول شيخ الإسلام ابن
تيمية: والدعاء إلى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن
ونحو ذلك مما أوجبه الله على المؤمنين فهذا واجب على الكفاية منهم، وأما ما وجب على
أعيانهم فهذا يتنوع بتنوع قدرهم وحاجتهم ومعرفتهم 13.
وذلك، فإنه إذا اختار ترك الخصومة والدعوى والمطالبة فله ذلك، ويترك وشأنه، ولا يلاحقه القضاء، ولا تلاحقه الشرطة، ولا يجبر على رفع الدعوى، ومخاصمة الآخرين؛ لأن هذا محض حقه؛ ولذلك إذا اختار ترك رفع الدعوى ترك. وإذا اختار المطالبة بحقه، وسعى للحصول عليه، واستعان بالدولة والقضاء والمحاكم فله ذلك، وعلى هذه الجهات أن تساعده، وأن تستجيب له. أما المدعى عليه: فهو ملزم بالحضور لبيان رأيه، والجواب عن الدعوى، وبيان موقفه سلبا وإيجابا، ويجب على الشرطة إحضاره إلى المحكمة إن امتنع عن الحضور، ويجب عليه الاشتراك في الخصومة؛ للتأكد من براءة ذمته، أو شغلها. ومن ثم، إذا كانت ذمته مشغولة يجب عليه أداء الحق لصاحبه. ص208 - كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي - بيان أن البينة علي المدعى واليمين على من أنكر - المكتبة الشاملة الحديثة. وبتعبير أدق، إذا نظرنا إلى الشخصين، وأردنا التمييز بينهما، ننظر من منهما من حقه أن يستمر في الدعوى، ومن حقه أن يخرج منها، وإذا خرج منها ترك، فليس من حقنا أن نفرض عليه الاستمرار، ومن منهما الذي إذا أراد الخروج من الدعوى لا يستجب له، بل عليه أن يستمر فيها؛ لأنه هو مدين، وذمته مشغولة، أو عليه أن يثبت أن ذمته غير مشغولة. إذا ميزنا بينهما سهل بعد ذلك السير في القضاء. العلامة الثانية: أن المدعي من يتمسك بغير الظاهر، أو بخلاف الظاهر، والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر.
اذا انكر المدعى عليه الشمس
أقول: وقوف الحكم بمجّرد دعوى أن المحكوم عليه شخص آخر غيره ـ مع إنكار ذلك الشخص ـ في غاية الإشكال، أللهم إلا أن يقال بأن الدعوى كانت على كلّي المسمّى بهذا الاسم وقد صدر الحكم عليه كذلك، ثم اشتبه المصداق الحقيقي بغيره، لكن صحّة الدّعوى على الكلّي المردّد محلّ خلاف. هذا كلّه مع كونه حيّاً. قال المحقق: «وإن كان المساوي ميتّاً وهناك دلالة تشهد بالبراءة، إمّا لأن الغريم لم يعاصر، وإما لأن تاريخ الحق متأخر عن موته، اُلزم الأول وإن احتمل وقف الحكم حتى يتبيّن»(4). أقول: وهذا أيضاً مشكل، بعد كون المدّعي قد خصّ هذا الشخص في الدعوى، وأُقيمت عليه الشهادة وصدر الحكم. وقد فصّل بعضهم بين ما إذا ذكر الاسم والوصف، وكان الوصف محتملاً للاتفاق فيه مع غيره من أول الأمر، وبين ما إذا كان متعذراً اتّفاقه من أول الأمر ثم اتفق بعد ذلك، فحكم بالبطلان في الأول دون الثاني. (1) شرائع الإسلام 4: 99. "البينة على من ادعى".. مبدأ نبوي للفصل في القضايا والنزاعات. (2) جواهر الكلام 40: 322. (3) شرائع الإسلام 4: 99. (4) شرائع الإسلام 4: 99.
اذا انكر المدعى عليه توكلت
ومن يدعي خلاف ذلك، وينكر وجودها، ويثير الشبه حول هذا الظاهر، فهو المدعي. ولذلك، كان جانب المدعي ضعيفًا؛ لأنه يدعي خلاف الظاهر؛ ولذلك؛ كلفه الشرع بأن يثبت هذا بالبينات القوية؛ لأن جانبه ضعيف، وكان جانب المدعى عليه قويا؛ لأن قوله يوافق الظاهر. اذا انكر المدعى عليه القضاء. ولذلك؛ كلفه الشرع باليمين فقط. وهو شيء سهل قال صلى الله عليه وسلم: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر))، وفي رواية: ((واليمين على المدعى عليه))، وبالتعريف الثاني قال الشافعية، والأزهر، والزيدية، وقول عند الحنفية، والحنابلة، والمالكية.
اذا انكر المدعى عليه السلام
وفي روايَةِ مسلمٍ: قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمدَّعِي: ((شَاهِدَاكَ)) ، فإذا أقامَ المدَّعِي البيِّنَةَ استحقَّ بها ما ادَّعاهُ. والحكمةُ في كونِ البيِّنَةِ علَى المدَّعِي؛ لأنَّهُ يدَّعِي أمرًا خفيًّا بحاجةٍ إلَى إظهارٍ، والبيِّنَةُ دليلٌ قويٌّ لإظهارِ ذلك. حُجَّةُ المدَّعِي تقدَّمُ علَى حُجَّةِ المدَّعَى عليهِ: بعدَ عرضِ القضيَّةِ علَى القاضي يُسألُ المدَّعَى عليهِ، فإن اعترفَ بما نُسِبَ إليهِ قَضَى عليهِ القاضِي؛ لأنَّ الاعترافَ حجَّةٌ يُلزَمُ بها المعترِفُ، وإذا أنكرَ ما نُسِبَ إليهِ، طلبَ القاضي مِن المدَّعِي إقامةَ البيِّنَةِ، فإن أتَى بها قَضَى له ولم يعتدَّ بعدَ ذلك بإنكارِ المدَّعَى عليهِ أو أيمانِهِ، فإن عجز المدَّعِي عن الإتيانِ بالبيَّنَةِ، وطلبَ مِن خصمِهِ أن يحلِفَ، يَسْتَحْلِفُ القاضي المدَّعَى عليهِ، فإن حلَفَ برئَ وانتهَتْ قضيَّتُهُمَا. قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمدَّعِي: ((أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟)) قالَ: لا، قالَ: ((فَلَكَ يَمِينٌ؟)). والحديثُ شاهدٌ علَى أن حجَّةَ المدَّعِي مقدَّمَةٌ علَى حجَّةِ المدَّعَى عليهِ. اذا انكر المدعى عليه توكلت. الحكمُ بالشَّاهدِ مع اليمينِ:
إذا لم يُقمِ المدَّعِي البيِّنَةَ كاملةً، بأنْ جاءَ بشاهدٍ واحدٍ والدَّعوةُ لا تثبُتُ إلاَّ بشاهدينِ، فهل يُقْبَلُ اليمينُ بدلَ الشَّاهدِ؟ يُقضَى له بشاهدٍ ويمينٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما: أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضَى بيمينٍ وشاهدٍ.
اذا انكر المدعى عليه القضاء
ثوابُ القاضِي:
يَجِبُ علَى القاضي أن يَبْذُلَ جهدَهُ ووسعَهُ في تحرِّي الحقِّ والعدلِ، فإنْ أصابَ الحقَّ في حكمِهِ كان له أجرانِ، وإن أخطأَ له أجرٌ واحدٌ، عن عمرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنْهُ، سمعَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ:((إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ)). الْجَوْرُ في الْحُكْمِ مَن الكبائرِ:
يَجِبُ علَى مَن يقدِّمُ نفسَهُ للقضاءِ أن يكونَ ذا علمٍ في الحلالِ والحرامِ وأمورِ القضاءِ، ويحسِنُ الرُّجوعَ إلَى مصادرِ الشَّريعةِ عندما تُعرَضُ عليهِ مشكلةٌ، فلا يحلُّ للجاهلِ أن يُقْحِمَ نفسَهُ في ميدانِ القضاءِ؛ لأنَّهُ قد يكونُ سببًا في إضاعةِ حقوقِ النَّاسِ وهدرِ دمائِهِم دونَ وجهِ حقٍّ. كما يَجِبُ علَى القاضِي أن يراقِبَ اللهَ في حكمِهِ، وأن يحكمَ بالحقِّ والعدلِ، فإنَّ الجورَ في هذا المقامِ مَن الكبائرِ الموجبةِ سقرَ، قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ)).
لا يجوز الاحتجاج بالوقائع بمجرد ذكرها وإنما يلزم تعزيزها بالدليل إذ إن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر وذلك وفقاً لنص المادة (77) من القانون المدني. الحكم رقم 6346 لسنة 2019 – محكمة تمييز حقوق إن التبليغ بالنشر من الطرق التي أقرها القانون لتبليغ المدعى عليه وذلك وفقاً لأحكام المادة (12) من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنها لا تُعتبر صحيحة ومنتجة لأثارها إلا بعد تعذر تبليغ المدعى عليه بالطرق العادية التي نص عليها القانون في المواد (7) ، (8) ، (9) من ذات القانون. الحكم رقم 2907 لسنة 2019 – محكمة تمييز حقوق 2- لا يجوز الاحتجاج بالوقائع بمجرد ذكرها وإنما يلزم تعزيزها بالدليل إذ إن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر وذلك وفقاً لنص المادة (77) من القانون المدني. لماذا طلب الشرع البينة من المدعي واليمين على من أنكر؟. 3- اذا سبق للمدعين ان تقدموا بدعاوى سابقة وفق ما هو ثابت من الأحكام المرفقة المحفوظة على يمين الملف وفي حال ثبوت ذلك فإن يتعارض مع القاعدة القانونية (لا يجوز اقتضاء الحق مرتين) الأمر الذي يتوجب معه على محكمة الاستئناف التثبت من هذه المسألة بوصفها محكمة موضوع قبل إصدار حكمها الفاصل في الدعوى مما يقتضي نقض حكمها المطعون فيه.