وردت في سورة الصافات قصة سيدنا يونس عليه السلام الذي ابتلعه الحوت فقال تعالى ﴿فالتقمه الحوت وهو مُليم * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ﴾ {الصافات: 142-145-146}
إن من يتأمل هذه الآيات الكريمة قد يتبادر إلى ذهنه سؤال وهو: لماذا اختار الله تعالى "شجرة من يقطين" ولم يختر غيرها؟
والسبب - والله أعلم أن اليقطين - كما يحتوي أثبتت الدراسات العلمية - على مركبات كيميائية مهمة تساهم في علاج العديد من الأمراض، ومنها علاج الالتهابات الجلدية وتقرحاتها، وهنا تتضح حكمة الله سبحانه وتعالى في اختياره اليقطين ليكون العلاج لنبي الله يونس عليه السلام. فيونس عليه السلام عندما نبذه الحوت على الشاطىء ربما عانى من مرض جلدي سببه حموضة معدة الحوت والخمائر الهاضمة التي تقوم معدته بإفرازها لهضم ما بلعه من أسماك وغيرها من الكائنات؛ وزهر اليقطين الأصفر ربما كان بالنسبة لنبي الله يونس عليه السلام بمثابة المعقم لجروحاته وتقرحات جلده كما كان ورق اليقطين الكبير بمثابة الشاش المضمد لجروحه والحامي من تأثير أشعة الشمس والله أعلم. المصدر: منبر الداعيات
- قال الله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ
- وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ-آيات قرآنية
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الصافات - الآية 146
- وانبتنا علية شجرة من يقطين ( القرع العسلي)
- تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
- إعراب سورة البقرة من آية 51:55 وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة
- الباحث القرآني
قال الله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ
قال: فمرهما ، فقال لهما يونس: إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له. قالتا: نعم. قال: فرجع الغلام إلى قومه وكان في منعة وكان له إخوة ، فأتى الملك فقال: إني قد لقيت يونس وهو يقرأ عليك السلام. قال: فأمر به أن يقتل ، فقالوا: إن له بينة ، فأرسلوا معه. فأتى الشجرة والبقعة فقال لهما: نشدتكما بالله - جل وعز - أتشهدان أني لقيت يونس ؟ قالتا: نعم. قال: فرجع القوم مذعورين يقولون له: شهدت له الشجرة والأرض ، فأتوا الملك فأخبروه بما رأوا. قال عبد الله: فتناول الملك يد الغلام فأجلسه في مجلسه ، وقال: أنت أحق بهذا المكان مني. وانبتنا علية شجرة من يقطين ( القرع العسلي). قال عبد الله: فأقام لهم ذلك الغلام أمرهم أربعين سنة. قال أبو جعفر النحاس: فقد تبين في هذا الحديث أن يونس كان قد أرسل قبل أن يلتقمه الحوت بهذا الإسناد الذي لا يؤخذ بالقياس. وفيه أيضا من الفائدة أن قوم يونس آمنوا وندموا قبل أن يروا العذاب; لأن فيه أنه أخبرهم أنه يأتيهم العذاب إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها ، وضجوا ضجة واحدة إلى الله عز وجل. وهذا هو الصحيح في الباب ، وأنه لم يكن حكم الله - عز وجل - فيهم كحكمه في غيرهم في [ ص: 119] قوله - عز وجل -: فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا وقوله - عز وجل -: وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت الآية.
وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ-آيات قرآنية
اسم يونس عند أهل الكتاب
يسمّيه اليهود (يونه) وقد يربطه اليهود بمعنى الحمامة، ولدى
النصارى بالأرامية (يونن) أو بالترجمات العربية (يونان) وبالإنجليزية
Jonah ، وقيل ورد
اسمه بالتوراة اليونانية
Ioannes. [ يونان1/
1/ وَأَمَرَ الرَّبُّ يُونَانَ
بْنَ أَمِتَّايَ: 2«هَيَّا امْضِ إِلَى نِينَوَى..
وَبَلِّغْ أَهْلَهَا قَضَائِي.. 3غَيْرَ أَنَّ يُونَانَ
تَأَهَّبَ لِيَهْرُبَ مِنَ الرَّبِّ
إِلَى تَرْشِيشَ، فَانْحَدَرَ إِلَى مَدِينَةِ يَافَا حَيْثُ عَثَرَ
عَلَى سَفِينَةٍ..
وَصَعِدَ إِلَيْهَا..
هَرَباً مِنَ الرَّبِّ]. ونلاحظ في هذا
النص العربي عبارة: [ لِيَهْرُبَ مِنَ الرَّبِّ]
أو في
ترجمة أخرى [1: 3 فقام يونان
ليهرب
الى ترشيش
من وجه الرب]. وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ-آيات قرآنية. وهذا النص العبري:
[ يونان
1 /3
ويقم
يونه
لبرح
ترشيشه
ملفني
يهو ،
ويرد
يفو،
ويمصأ
أنيه
بأه
ترشيش، ويتن
سخره،
به
لبوأ
عمهم
يهوه]. ونلاحظ
فيه عبارة
[ لبرح
يهوه
= ليبرح
إلى
مكان كذا من فناء الرب]
وعبر النص العبري عن ذلك
بفعل ( برح) ومعانيه بالعربية تكاد تكون
نفسها بالعبرية: فيه معنى المفارقة
والمغادرة والمضي والزوال:
تهذيب اللغة: برحت أو زالت
ومضت /
مجمل اللغة لابن فارس: برح،
أي: زال.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الصافات - الآية 146
معنى الآية المباركة هو انَّ الله تعالى قد أنبت على سبيل الإعجاز شجرةً من يقطين في الموضع الذي جلس عنده يونس (ع) فالتحفَ بأوراقها لتقِيه حرارةَ الشمس، ذلك لأنَّ شجرة اليقطين تمتاز أوراقها بسعة عرضها وإستدارته مضافاً إلى كثافتها ونداوتها، لذلك وجد يونس(ع) في الإلتحاف بها منتجعاً يستريحُ إليه لما إنتابه من سُقمٍ ورقَّةٍ في الجلد لتسلُّخه من تأثير مكثه زمناً في جوف الحوت، قال تعالى: ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ ( 1). وقد يكون المراد من قوله تعالى: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ انَّه وجد شجرةً من يقطين كانت قائمة قبل خروجه من بطن الحوت فجلس عندها أو إضجع عندها والتحفَ بأوراقها لتقيه من حرارة الشمس. فالمراد ظاهراً من الإستظلال هو الإحتماء من حرارة الشمس، وليس المقصود من الإستظلال هو الجلوس في ظلِّ شجرة اليقطين لأنَّ من المعلوم بأنَّ شجرة اليقطين ليس لظلِّها إمتدادٌ يصلح للإستظلال به نظراً لكونها من الأشجار غير القائمة على سوقها. نعم يمكن أنْ يكون الإنتفاع من شجرة اليقطين بنحو الإستظلال لو وجدها معروشةً كشجر العنب أو انَّ يونس كان قد وضع متكئاً تحت أغصان شجرة اليقطين ثم جلس أو إضجع في فيئها، فيكون ذلك مصحِّحاً للتعبير عن جلوسه عند شجرة اليقطين بالإستظلال، ولعل الإعتبار يؤيد ذلك نظراً لمقتضى طبيعة الإنسان انَّه إذا إحتاج إلى شيئٍ فإنَّه يُهيئ ذلك الشيئ ليكون صالحاً للإنتفاع المناسب له.
وانبتنا علية شجرة من يقطين ( القرع العسلي)
وقال أبو طالُوتَ: دخلتُ على أنس بن مالك رضى الله عنه، وهو يأكل القَرْع، ويقول: يا لكِ من شجرةٍ ما أحبَّك إلىَّ لحُبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إيَّاكِ. وفى ((الغَيْلانيَّات)): من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشةَ رضى الله عنها قالت: قال لى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشةُ؛ إذا طبَخْتُم قِدْراً، فأكثِروا فيها من الدُّبَّاء، فإنَّهَا تَشُدُّ قَلْبَ الحَزِين)). اليقطين: بارد رطب، يغذو غِذاءً يسيراً، وهو سريعُ الانحدارِ، وإن لم يفسُد قبل الهضم، تولَّد منه خِلْطٌ محمود، ومِن خاصيته أنه يتولَّد منه خِلط محمود مجانس لما يصحبُه، فإن أُكِلَ بالخَرْدل، تولَّد منه خِلطٌ حِرِّيف، وبالملح خِلطٌ مالح، ومع القابض قابضٌ، وإن طُبخَ بالسفرجل غَذَا البدن غِذاءً جيداً. وهو لطيفٌ مائىٌ يغذو غذاءً رطباً بلغمياً، وينفع المَحْرورين، ولا يُلائم المَبْرودين، ومَن الغالبُ عليهم البلغمُ، وماؤه يقطعُ العطش، ويُذهبُ الصُّداع الحار إذا شُرِبَ أو غُسِلَ به الرأسُ، وهو مُليِّن للبطن كيف استُعْمِل، ولا يتداوَى المحرورون بمثله، ولا أعجلَ منه نفعاً. ومن منافعه: أنه إذا لُطِخَ بعجين، وشُوِىَ فى الفرن أو التَّنُّور، واستُخْرِج ماؤه وشُرِبَ ببعض الأشربة اللَّطيفة، سَكَّن حرارة الحُمَّى الملتهبة، وقطع العطش، وغذَّى غِذاءً حسناً، وإذا شُرِبَ بترنْجبين وسَفَرْجَل مربَّى أسهل صفراءَ محضةً.
يصفه الأطباء في الحمية عندما يريدون تغذية المريض محافظين على جهازه الهضمي لاسيما في آفات القولون. ويستخرج من بذوره زيت يصلح للطعام فالبذور غنية بالفيتامينات والدهون وهي تملح وتحمص وتؤكل كنقولات رائجة. و يستفاد منها لطرد الدودة الوحيدة (الشريطية) حيث تقشر من 30-50 بزرة وتطحن وتمزج مع قليل منالحليب وتؤكل على الريق وتكرر العملية3أيام متتالية يؤخذ بعدها مسهل. قوي.., لمعالجة العجز الجنسي تؤخذ كميات متعادلة منها ومن بذور الخيار والبطيخ الأصفر تقشر وتدق وتزج مع قليل من السكر ويؤخذ منه 3 ملاعق يومياً وهي تفيد أيضاً لمعالجة تضخم البروستات والتهاباتها. كما يفيدمطبوخ مع الحليب بع تقشيرها لمعالجة الأرق. أما القرع الطويل أو قرع الكوسا فهومن الخضراوات العامة في طبخ الطعام لكنه أقل نفعاً من القرع الكبير وفيه مواد ت عدل حموضة المعدة وهومطهر وملين لكنه عسر الهضم يقيد في الحمية عند البدينين ولمعالجة الزحاروالبواسير وبذوره طاردة للديدان
مراجع البحث
1-ابن الأثير الجزري في جامع الأصول 2-ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير
3- ابن ككثير في تفسير القرآن العظيم. 4-ابن قيم الجوزية في الطب النبوي. 5- صبري القباني في الغذاء لا الدواء.
مضاد قوي للأكسدة ويمنع تشكل مرض السررطان بكافة اشكاله. يمنع وجود اليرقان وبعمل تنشيط للكبد. وعند اكله يزل الصداع وخصوصاً الصداع النفسي. وهو مهديء جيد ورائع للأعصاب. يعمل كمدر للبول ويقوم بتفتيت الحصى و ويزيل التهابات الكلى وهو منشط قوي للكلى. مفيد جداً لمرض القولون وهو مهديء له. يمنع العطش ويزل الحمى وارتفاع درجة الحرارة. رائع جداً لمرض السعال والتهابات المجاري التنفسية. يكافح وجع الاسنان ويغذي اللثة ويحافظ عليها. يقوم بذر هذا النيات بطرد الدود وخصوصاً الدودة التي تسمى الدودة الوحيدة. يؤدي الى عدم جفاف العين وهو مفيد للنظر. يعالج أمراض البروتستاتا. يعالج أمراض الجهاز البولي. استخدمت زهور اليقطين في معالجة الجروح. ويستخد ورق اليقطين في معالجة الأمراض الجلدية. يزيد الذكاء والحيوية لدى الإنسان. وفي الطب قديماً وخصوصاً عند الفراعنة استخدموه في معالجة الكثير من الأمراض المستعصية لما لهذه النبتة من فوائد حباها الله بها عن باقي البناتات. وأثبت العلم الحديث أنّه لايوجد لليقطين آثار جانبية مضرة.
قوله تعالى: رجزا من السماء، الرجز العذاب. قوله تعالى: ولا تعثوا، العيث والعثى أشد الفساد. قوله تعالى: وقثائها وفومها، القثاء الخيار والفوم الثوم أو الحنطة. قوله تعالى: وبائوا بغضب، أي رجعوا. قوله تعالى: ذلك بأنهم كانوا يكفرون، تعليل لما تقدمه. قوله تعالى: ذلك بما عصوا، تعليل للتعليل فعصيانهم ومداومتهم للاعتداء هو الموجب لكفرهم بالآيات وقتلهم الأنبياء كما قال تعالى: (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون) الروم - 10، وفي التعليل بالمعصية وجه سيأتي في البحث الآتي (بحث روائي) في تفسير العياشي: في قوله تعالى: وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في العلم والتقدير ثلاثين ليلة ثم بدا منه فزاد عشرا فتم ميقات ربه الأول والآخر أربعين ليلة. أقول: والرواية تؤيد ما مر أن الأربعين مجموع المواعدتين. إعراب سورة البقرة من آية 51:55 وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة. وفي الدر المنثور: عن علي عليه السلام: في قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم الآية، قال: قالوا لموسى: ما توبتنا؟ قال: يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وابنه والله لا يبالي من قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى مرهم فليرفعوا أيديهم وقد غفر لمن قتل وتيب على من بقى.
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
القول في تأويل قوله تعالى ( أربعين ليلة)
ومعنى ذلك: وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة بتمامها. فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد. وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة ، أي رأس الأربعين ، ومثل ذلك بقوله: ( واسأل القرية) [ يوسف: 82] وبقولهم: " اليوم أربعون منذ خرج فلان " ، " واليوم يومان ". أي اليوم تمام يومين ، وتمام أربعين. قال أبو جعفر: وذلك خلاف ما جاءت به الرواية عن أهل التأويل ، وخلاف ظاهر التلاوة. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ١٩٠. فأما ظاهر التلاوة ، فإن الله جل ثناؤه قد أخبر أنه واعد موسى أربعين ليلة ، فليس لأحد إحالة ظاهر خبره إلى باطن ، بغير برهان دال على صحته. [ ص: 62] وأما أهل التأويل فإنهم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره ، وهو ما: -
914 - حدثني به المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قوله: ( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) ، قال: يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة. وذلك حين خلف موسى أصحابه واستخلف عليهم هارون ، فمكث على الطور أربعين ليلة ، وأنزل عليه التوراة في الألواح - وكانت الألواح من برد - فقربه الرب إليه نجيا ، وكلمه ، وسمع صريف القلم.
وَوِصَالِ ثَمَانِينَ مِنَ الدَّهْرِ مِنْ قول حِينَ سَارَ إِلَى الْخَضِرِ لِفَتَاهُ فِي بَعْضِ يوم ﴿آتِنا غَداءَنا﴾ [الكهف: ٦٢]. قُلْتُ: وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ عُلَمَاءُ الصُّوفِيَّةِ عَلَى الْوِصَالِ وَأَنَّ أَفْضَلَهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْوِصَالِ فِي آيِ الصِّيَامِ [[راجع ج ٢ ص ٣٢٩. ]] مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيَأْتِي فِي "الْأَعْرَافِ" [[راجع ج ٧ ص ٢٧٤ وص ٢٨٤. ]] زِيَادَةُ أَحْكَامٍ لِهَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف: ١٤٢] ويأتي لقصة العجل ببان في كيفيته وخوارة وَفِي "طه" [[راجع ج ١١ ص ٢٣٥]] إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الباحث القرآني. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ أَيِ اتَّخَذْتُمُوهُ إِلَهًا مِنْ بَعْدِ مُوسَى. وَأَصْلُ اتَّخَذْتُمُ ائْتَخَذْتُمْ مِنَ الْأَخْذِ وَوَزْنُهُ افْتَعَلْتُمْ سُهِّلَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ لِامْتِنَاعِ هَمْزَتَيْنِ فَجَاءَ ايتَخَذْتُمْ فَاضْطَرَبَتِ الْيَاءُ فِي التَّصْرِيفِ جَاءَتْ أَلِفًا فِي يَاتَخِذُ وواوا في موتخذ فَبُدِّلَتْ بِحَرْفٍ جَلْدٍ ثَابِتٍ مِنْ جِنْسِ مَا بعدها وهي التاء وأدغمت ثم أجلبت أَلِفُ الْوَصْلِ لِلنُّطْقِ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهَا إِذَا كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ التَّقْرِيرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً﴾ [البقرة: ٨٠] فَاسْتَغْنَى عَنْ أَلِفِ الْوَصْلِ بِأَلِفِ التَّقْرِيرِ قَالَ الشَّاعِرُ: [[هو ذو الرمة. ]]
إعراب سورة البقرة من آية 51:55 وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة
وفي تفسير القمي: قال عليه السلام: أن موسى لما خرج إلى الميقات ورجع إلى قومه وقد عبدوا العجل قال لهم موسى: يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فقالوا له: كيف نقتل
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195...
»
»»
وهذا تكليف، ولم يعطه المنهج وقتها، بل أخبره بالنّبوّة، وكلّفه بأن يذهب إلى فرعون ويطلب منه أن يرسل معه بني إسرائيل. أمّا هنا، فقد واعده ليعطيه المنهج، وهو التّوراة الّتي امتنّ الله سبحانه وتعالىعليهم بها بعد أن نجّاهم من فرعون، كما امتنّ الله سبحانه وتعالى علينا نحن المسلمين بالقرآن الكريم. وكان الوعد أربعين ﴿ لَيْلَةً ﴾ ولم يقل: (يوماً)، ومعظم التّكاليف الإيمانيّة تأتي بقوله سبحانه وتعالى: (ليلة)، وليس نهاراً: ﴿ إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾]القدر[، ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾]الدّخان[، إلّا يوم عرفات، كي تتوزّع التّكاليف الإيمانيّة على مدار السّنة كلّها، وتوزّع العبادات يكون بحسب التّوقيت القمريّ، والقمر يظهر ويغيب في اللّيل، ورمضان يأتي في الشّتاء تارة وفي الصّيف تارة أخرى، ولو حُدّد على أساس الشّمس لجاء في وقت واحد دائماً، لكنّه يأتي في كلّ الفصول. وقد ذهب موسى عليه السَّلام لملاقاة ربّه وتلقّي المنهج، وترك مع قومه أخاه هارون عليه السَّلام فرأوا أناساً يعبدون صنماً فطلبوا منه أن يجعل لهم إلهاً مادّياً (يُرى بالعين) كالأصنام. وبنو إسرائيل رأوا كثيراً من المعجزات وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم، فاتّخذ بنو إسرائيل من حلّيهم ﴿ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ ﴾]الأعراف: من الآية 148[، ليعبدوه، وقد أخرجت نساء بني إسرائيل معهنّ حليّ القوم الّذين كانوا يخدمونهم، ظنّاً منهنّ أنّها من حقّهنّ، وهذا مال حرام، والمال الحرام هو وبال في أيّ شيء، ونحن المسلمون لا نكافئ من عصى الله فينا إلّا بأن نطيع الله فيه، فليسمع هذا أصحاب الجرائم والقتل.
الباحث القرآني
﴿ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ ﴾: "العجل" مفعول أول لـ"اتخذ"، والمفعول الثاني محذوف؛ لظهوره وعلمِهم به، واستهجان وشناعة ذكره، تقديره: إلهًا أو معبودًا. وفي هذا إنكار عليهم، وتوبيخ لهم؛ أي: ثم جعلتم وصيرتم العجل إلهًا لكم من بعد ذهاب موسى لميقات ربِّه؛ أي: بعد أن غاب عنكم. و"العِجل" في الأصل: ولد البقرة، والمراد به في الآية: تمثال من ذهب على هيئة العجل، نحَتَه وصنَعه السامريُّ في غيبة موسى عليه السلام، وقال لبني إسرائيل: ﴿ هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ﴾ [طه: 88]؛ أي: إن موسى ضلَّ أن يهتديَ إلى إلهكم وإلهه، وهو هذا العجل، قال تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 148]. وفي قوله: ﴿ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ تشنيعٌ عليهم؛ إذ كان الواجب عليهم انتظار ما يأتيهم به موسى من الشرع من عند ربه. وفيه دلالة على سرعة نكوصهم عما عهد به إليهم، وتبديلهم ما ترَكَهم عليه، وانتهازهم لأول وهلة فرصة غيابه عنهم - وما بالعهد من قِدَم - دون مبرر يدعو لذلك، كبُعدٍ وتناءٍ، أو طول غيبة وانتظار، أو غير ذلك، كما قيل:
وما أدري أَغَيَّرَهم تناءٍ *** وطولُ العهد أم مالٌ أصابوا [1]
وقد قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
قوله: ﴿ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾الجملة حالية؛ أي: والحال أنكم ظالمون بعبادتكم العجلَ والإشراك بالله؛ لأن الشرك بالله أعظم الظلم، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].