وأُسند جعل الخير في المكروه هُنا للَّه بقوله: {ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا} المقتضى أنه جَعْل عارض لمكروه خاصّ، وفي سورة [البقرة: 216] قَال: {وهو خير لكم} لأنّ تلك بيان لما يقارن بعض الحقائق من الخفاء في ذات الحقيقة، ليكون رجاء الخير من القتال مطّردا في جميع الأحوال غير حاصل بجَعْل عارض، بخلاف هذه الآية، فإنّ الصبْر على الزوجة الموذية أو المكروهة إذا كان لأجل امتثال أمر الله بحسن معاشرتها، يكون جعل الخير في ذلك جزاءً من الله على الامتثال. قال ابن الجوزي: قوله تعالى: {فعسى أن تكرهوا شيئًا} قال ابن عباس: ربما رزق الله منهما ولدًا، فجعل الله في ولدها خيرًا كثيرًا. وقد نَدَبت الآية إِلى إِمساكِ المرأة مع الكراهة لها، ونبَّهت على معنيين. أحدهما: أن الإِنسان لا يعلم وُجوهَ الصلاح، فرب مكروهٍ عاد محمودًا، ومحمودٍ عاد مذمومًا. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النساء - الآية 19. والثاني: أن الإِنسان لا يكاد يجد محبوبًا ليس فيه ما يكره، فليصبِر على ما يكره لما يُحِبُ. وأنشدوا في هذا المعنى: وَمَن لم يُغَمِّضْ عيْنَه عن صديقه ** وعن بعض ما فيه يَمُتْ وهو عاتِبُ ومن يتَتَبَّع جاهدًا كل عَثْرَةٍ ** يجدها ولا يسلم له الدَّهْرَ صاحِبُ. قال السلمي: قوله عز وجل: {وعَاشِروهنَّ بالمعرُوفِ} [الآية:].
تفسير: فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل - مقال
وقرأ ابن عباس " مبينة " بكسر الباء وسكون الياء ، من أبان الشيء ، يقال: أبان الأمر بنفسه ، وأبنته وبين وبينته ، وهذه القراءات كلها لغات فصيحة. السادسة: قوله تعالى: وعاشروهن بالمعروف أي على ما أمر الله به من حسن المعاشرة. والخطاب للجميع ، إذ لكل أحد عشرة ، زوجا كان أو وليا ؛ ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج ، وهو مثل قوله تعالى: فإمساك بمعروف وذلك توفية حقها من المهر والنفقة ، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب ، وأن يكون منطلقا في القول لا فظا ولا غليظا ولا مظهرا ميلا إلى غيرها. والعشرة: المخالطة والممازجة. ومنه قول طرفة: فلئن شطت نواها مرة لعلى عهد حبيب معتشر. جعل الحبيب جمعا كالخليط والغريق. وعاشره معاشرة ، وتعاشر القوم واعتشروا. فأمر الله سبحانه بحسن صحبة النساء إذا عقدوا عليهن لتكون أدمة ما بينهم وصحبتهم على الكمال ، فإنه أهدأ للنفس وأهنأ للعيش. وهذا واجب على الزوج ولا يلزمه في القضاء. تفسير: فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل - مقال. وقال بعضهم: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. قال يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي: أتيت محمد بن الحنفية فخرج إلي في ملحفة حمراء ولحيته تقطر من الغالية ، فقلت: ما هذا ؟ قال: إن هذه الملحفة ألقتها علي امرأتي ودهنتني بالطيب ، وإنهن يشتهين منا ما نشتهيه منهن.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النساء - الآية 19
اللهم أرنا الحق حقا...
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - القول في تأويل قوله تعالى " فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا "- الجزء رقم8
23-07-2006, 03:40 PM
#3
23-07-2006, 03:42 PM
#4
أختي العزيزه
شكراً لكِ. قصة رائعه تشتمل على مواعظ كثيرة. بارك الله فيك.
وفي الصحيحين لما مات زوج أم سلمة: أبو سلمة -رضي الله عنهما-، تقول أم سلمة -رضي الله عنها-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها؛ إلا أخلف الله له خيرا منها ". قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - القول في تأويل قوله تعالى " فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا "- الجزء رقم8. وانظر للصحابة في صلح الحديبية كيف عارضوا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكانوا يرون الصواب معهم؛ حتى تبين لهم بعد ذلك أن الخير كل الخير في ما اختاره الله لهم. وفي الواقع قصص كثيرة جداً، رجل فاتته الطائرة لما نام في المطار ولم يشعر، فلما أفاق إذا بالطائرة قد أقلعت، وفاتته الرحلة، فضاق صدره، وندم ندماً شديداً، ولم تمض دقائق على هذه الحال التي هو عليها حتى أعلن عن سقوط الطائرة، واحتراق من فيها بالكامل! عندها علم هذا الرجل معنى قوله: ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء:19]
معاشر المسلمين: عندما ترون الدين يحارب، والفضيلة تنتهك، وصوت الباطل يعلوا فلا يصيبكم اليأس؛ فالله غالب أمره، ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[البقرة:216]، وكذا إذا رأيتم أهل الباطل ينتصرون في الشام وفي العراق، وفي كل صقع يذل فيه المسلمون ويسجنون؛ فقولوا: لله الأمر، ولو شاء ربك ما فعلوه، ولكن له -سبحانه- حكمة، سيظهر وجهها بعد حين.