[٢] أمّا من قال أعذب الشّعر أصدقه فقد ترك المبالغة في الشّعر واتّجه نحو الحقيقة وتصوير الواقع كما هو دون أية إضافات، وذلك لأنّ هذا الصّدق الشّعري لدى من قال به أكثر فائدة وأعم، وبذا يكون عبد القاهر الجرجاني قد وفّق بين الصدق والكذب الفنّي. شعر في الكذب السياسي. [٢]
أقسام الصدق في الشعر
ينقسم الصدق في الشعر -كما يرى بعض النقّاد- إلى صدق أخلاقي وصدق فنّي، وفيما يأتي تفصيل المُصطلحَين:
الصدق الأخلاقي
ويقصِد هذا النوع من الشّعر ذلك الشّعر الذي يقوم على الصّدق المطابق للواقع، فينقل الواقع كما هو دون زيادة أو نقصان بأمانة وصدق، وهنا الشّاعر لا يتقيّد بصدق المشاعر فقط، بل يلتزم بصدق المشاعر إلى جانب الصدق في نقل الواقع أيضًا. [٤] هذا النقل الحرفي يتطلّب كتابة الشّعر ونقل الواقع كما هو، لكنّ هذا الأمر قد يفقد الشّعر أحد مقوّماته الأساسيّة وهو عنصر التّصوير، فإذا كان الصّدق الأخلاقي يقوم على نقل الواقع كما هو، فإنّ ذلك يمنع من استخدام عنصر التخييل لما فيه من مبالغة وغلو، وهذا يتنافى مع طبيعة الشّعر، إذ إنّ الشّعر يقوم على التصوير والتخييل معًا. [٤]
الصدق الفني
إنّ الأصل في كل إبداع فنّي هو التّجربة الإنسانيّة؛ فالفن ينقل ما يجول في الواقع من أحداث وما يرافق هذه الأحداث من مشاعر، فالفنُّ هو مرآة للحياة الإنسانيّة، وقد يكون الشّاعر لم يعشها إنّما رآها أمامه فتمثّلها، وأكثر الشعراء العرب يسيرون في هذا الطريق قديمًا وحديثًا.
- شعر في الكذب صفة لإنسان المسلم
شعر في الكذب صفة لإنسان المسلم
[١]
موقف النقاد من قضية الصدق والكذب
لم تظهر قضيّة الصّدق والكذب الشّعري إلّا في وقتٍ متأخّرٍ في الدّراسات النقدّيّة، فقد ظهرت بعض ملامح هذه القضيّة في القديم، إلّا أنّها لم تظهر على دراسات وأبحاث كما في الوقت التالي، وأوّل إرهاصات هذه القضيّة كانت عندما سمح الخليل بن أحمد أن يكذبوا كيفما يشاؤوا في شعرهم. شعر في الكذب صفة لإنسان المسلم. [٢]
أعذب الشعر أصدقه
أخذ مجموعة من النقّاد بمقولة أعذب الشّعر أصدقه ، ووجدوا أنّ الصّدق هو طريق الشّعر، ومن النقّاد الذين اتّجهوا هذا الاتّجاه:
ابن طباطبا العلوي (250هـ - 322هـ)
ابن طباطبا العلوي هو أوّل من تطرّق إلى قضيّة الصّدق والكذب الشّعري ابن طباطبا العلوي، وقد جاء الصّدق عنده بمعانٍ ودلالات كثيرة، منها الصدق عن ذات النفس، وهو ما يسمّى بالصّدق الفنّي والذي يقوم على نقل التّجربة الشّعريّة كما هي بصدق وأمانة دون زيادة أو نقصان. [٢] أيضًا لديه الصّدق التاريخي والصّدق الأخلاقي الذي يظهر في شعري المدح والهجاء والذي ينبغي بهما أن ينقل المادح صفات وأخلاق الممدوح كما هي دون مبالغة أو زيادة، وهناك أيضًا صدق التّشبيه، وصدق التجربة الإنسانيّة بشكل عام. [٢]
قدامة بن جعفر (275هـ - 337هـ)
شجّع قدامة بن جعفر على المبالغة في الشّعر، وذلك أخذًا بما جاء عن الأقدمين، لكنّه وضع حدودًا لتلك المبالغة، حيث رأى أنّ أجود القول وأبلغه ما كان فيه غلوٌّ، أمّا الآمدي فقد كان رأيه مشابهًا لما جاء عن ابن طباطبا العلوي، ولكن أضاف عليه اهتمامه بالاستعارة.
بتصرّف. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط حميد قبايلي، في قضايا النقد العربي القديم ، صفحة 143 - 144. بتصرّف. ^ أ ب ت نوح أحمد عبكل، المصطلح النقدي والبلاغي عند الآمدي في كتابه الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري ، صفحة 86 - 89. بتصرّف. ^ أ ب ت ث ج جهاد المجالي، دراسات في الإبداع الفني في الشعر: رؤى النقاد العرب في ضوء علم النفس والنقد الأدبي الحديث ، صفحة 129 - 130. بتصرّف. شعر عن الكذب , قصيدة عن النفاق والكذب - قصة شوق. ^ أ ب ت ث ج ح الجوهرة بنت بخيت آل جهجاه، تجليات التشكيل النقدي لنظرية الصدق في النقد العربي ، صفحة 14 - 25. بتصرّف.