فقد أخرج البخاري (6207) من طريق: سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: (الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: قلت لسعيد: إن أناسا يزعمون أنه نهر في الجنة؟ فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه)
قال ابن كثير: " وهذا التفسير يعم النهر وغيره, لأن الكوثر من الكثرة، وهو الخير الكثير، ومن ذلك النهر كما قال ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومحارب بن دثار، والحسن بن أبي الحسن البصري. ان اعطيناك الكوثر مباشر. حتى قال مجاهد: هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة. وقال عكرمة: هو النبوة والقرآن، وثواب الآخرة". قال ابن كثير: "وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضاً ". والقول الراجح من القولين أنه نهر في الجنة, فقد فسره النبي بذلك. قال الرازي: "المشهور والمستفيض عند السلف والخلف أنه نهر في الجنة".
- ان اعطيناك الكوثر مباشر
ان اعطيناك الكوثر مباشر
وورد بالآية الثالثة والأخيرة من سورة الكوثر توضيح من المولى عز وجل لرسوله محمد صلّ الله عليه وسلم ؛ بأن من يبغضه هو الأذل ؛ حيث يقول الله سبحانه وتعالى "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر" ، والمعنى هنا في الآية يتحدث عن أعداء رسول الله صلّ الله عليه وسلم ؛ حيث وصفهم الله بأنهم هم المذلولين المُبغضين المنقطعين من الذكر. وذُكر أن كلمة الأبتر وردت في بعض المشركين الذين كانوا يقولون على رسول الله صلّ الله عليه وسلم حينما يموت ولده ؛ أنه قد بُتر أي انقطع ذكره من الدنيا ؛ وجاءت الآية الكريمة كأبلغ رد على هؤلاء الكفار الأذلاء ؛ لأن رسول الله صلّ الله عليه وسلم سيرته العطرة باقية إلى قيام الساعة بإذن الله تعالى. تصفّح المقالات
فالإسلام يأخذ الحياة كلاً لا يتجزأ ويخلصها من شوائب الشرك جميعاً، ويتجه بها إلى الله خالصه واضحة، كما نرى في مسألة الذبائح وفي غيرها من شعائر العبادة أو تقاليد الحياة…
( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ): في الآية الاولى قرر أنه ليس أبتر، بل هو صاحب الكوثر. وفي هذه الآية يرد الكيد على كائديه، ويؤكد سبحانه أن الأبتر ليس هو محمد وإنما هم شانئوه وكارهوه… ولقد صدق فيهم وعيد الله، فقد انقطع ذكرهم وانطوى، بينما امتد ذكر محمد وعلا. ونحن نشهد اليوم مصداق هذا القول الكريم، في صورة باهرة واسعة المدى كما لم يشهده سامعوه الأولون… إن الإيمان والحق والخير لا يمكن أن يكون أبتر، فهو ممتد الفروع عميق الجذور، وإنما الكفر والباطل والشر هو الأبتر مهما ترعرع وزها وتجبر… إن مقاييس الله غير مقاييس البشر، ولكن البشر ينخدعون ويغترون فيحسبون مقاييسهم هي التي تقرر حقائق الأمور! ان اعطيناك الكوثر للاطفال. وأمامنا هذا المثل الناطق الخالد… فأين الذين كانوا يقولون عن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قولتهم اللئيمة، وينالون بها من قلوب الجماهير، ويحسبون حينئذٍ أنهم قد قضوا على محمد وقطعوا عليه الطريق؟ أين هم؟ وأين ذكراهم؟ وأين آثارهم؟ إلى جوار الكوثر من كل شيء، ذلك الذي أوتيه من كانوا يقولون عنه: الأبتر؟… إن الدعوة إلى الله والحق والخير لا يمكن أن تكون بتراء، ولا أن يكون صاحبها أبتر، وكيف وهي موصولة بالله الحي الباقي الأزلي الخالد؟ إنما يبتر الكفر والباطل والشر ويبتر أهله، مهما بدا في لحظة من اللحظات أنه طويل الأجل ممتد الجذور… وصدق الله العظيم، وكذب الكائدون الماكرون».