إن كل دولة لا بد أن تسأل نفسها ماذا يمكن أن تحقق من مكاسب في الصراع إذا كانت البشرية كلها تتعرض للحرمان والفقر؟ وهذا السؤال يمكن أن يوجهه كل فرد لنفسه. إن أهم نتائج موجات التغيير القادمة أن الحضارة الإنسانية ستفشل بسبب القوة. وربما تكون تلك الحقيقة أهم ما قدمه سومر في كتابه، وهو بالتأكيد يقصد الحضارة الغربية بكل ما قدمته من إنجازات طوال القرنين الماضيين، فالقوة الصلبة المادية الغاشمة ستكون السبب في انهيار هذه الحضارة. لكن ما الحل؟ يرى سومر أن الدول الغنية لا بد أن تبدأ مرحلة المراجعة، وأن تسأل نفسها لماذا وكيف تعيش؟ وكيف تستخدم الموارد والطاقة وتنفق الأموال؟ وأن تتحمل مسؤوليتها بدون خجل عن الدمار الذي تعرض له العالم، فالعاصفة ستضرب الجميع بقسوة، ولا يمكن لأحد أن يخفي رأسه في الرمال هربا منها. إن كل دولة ستتأثر بالمشكلات التي تعانيها الدول الأخرى، وهي لا تستطيع مواجهة المخاطر وحدها أو الانغلاق على نفسها. معهد اضواء المعرفه ونشرها. وحتى الآن لا تهتم تلك الدول الغنية بالمآسي التي تواجهها الشعوب الفقيرة، وفي كثير من الأحيان صنعت القوى الاستعمارية عذاب الشعوب وبؤسها، وقامت بإشعال نيران الحروب الأهلية، وفرضت على الشعوب الحصار لقهرها وإرغامها على التخلي عن حقوقها في الحرية.
معهد اضواء المعرفه ونشرها
كما أن موجات التغيير القادمة يمكن أن تفتح الطريق للحضارة الإسلامية لتتقدم لقيادة البشرية، وتنقذها من البؤس والأحزان التي أغرقتها فيها الحضارة الغربية بأنانيتها وجشعها وعبادتها للقوة الغاشمة، وتمجيدها للمادة. إن العالم لا يمكن أن يهرب من موجات التغيير، لكنه يمكن أن يواجهها، ويحولها إلى فرصة لبناء نظام عالمي جديد، وبالتالي لا يجب النظر لموجات التغيير كمأساة حتى وإن حملت الكثير من الآلام التي قد تكون إرهاصات لولادة فجر جديد. يقول سومر إن موجات التغيير القادمة يمكن أن تحمل للبشرية وعودا من أهمها أنها يمكن أن تعيد بناء العالم على أسس جديدة، فهناك احتمال لأن تعيش البشرية مرحلة جديدة يتحقق فيها التعاون والتقدم بشرط أن تبحث عن مسار جديد واتجاه صحيح. لكن ذلك يعتمد على أن يبحث كل فرد عن القوة الكامنة فيه، ومن أهمها المعرفة التي وهبها الله إياها. اخبار الأجفر وماجاورها » إخبارية الأجفر. فما الحل الذي يقدمه سومر في كتابه لمواجهة موجات التغيير؟ الحل هو أن يستخدم الإنسان المعرفة التي يعترف سومر بأنها هبة من الله ومنحة منه. حسنا، إن الأمة الإسلامية هي التي تمتلك المعرفة ورسالة الله الخاتمة للبشرية، والتي يمكن أن تنقذها، وتبني لها حياة جديدة، والمسلم لا بد أن يفهم أن وظيفته أن يحمل هذه الرسالة للبشرية، وأنه مسؤول عن إنقاذ الإنسانية وتحريرها من الزيف التي أغرقتها فيه الحضارة الغربية.
لذلك هل يمكن أن يتحقق ما ينادي به سومر وتراجع تلك الدول القوية الغنية نفسها وتتحمل المسؤولية وتعترف بجرائمها ضد الإنسانية؟
التغيرات قادمة ولكن
هذا العقد سيشهد موجات التغيير التي ستضرب بقسوة أسس النظام العالمي الذي تمت إقامته بعد الحرب العالمية الثانية. ومن المؤكد أن العالم فقد حالة الاستقرار، وأن كل النظم الحاكمة ترقد على براكين من غضب الشعوب وكراهيتها، وأن القوة الغاشمة لن تحمي أمن نظم ظالمة قهرت شعوبها، وأن موجات التغيير قادمة. الوعي والمعرفة
إن من أهم وسائل مواجهة موجات التغيير الوعي والمعرفة التي تؤهل الدول لاتخاذ قرارات صحيحة يمكن أن تنقذ شعوبها، والمعرفة ترتبط بالحكمة والأخلاق والشجاعة. المعرفة -هوكو أضواء المحدودة. لكن أميركا ما تزال تقوم بتجهيل الشعوب وتضليلها وتزييف وعيها، وهذا سيزيد خطورة الكوارث القادمة، ويقلل من القدرة على مواجهتها. وموجات التغيير لا تحمل الأخطار والكوارث والمآسي فقط، لكنها أيضا يمكن أن تجبر البشرية على البحث عن أضواء اليقين، وتكافح من أجل الحرية والعدل، وتعيد بناء العالم، فتفرض على الدول القوية أن تتواضع، وتفهم أن القوة لها حدودها، وأنها لا يمكن أن تقهر إرادة الشعوب التي تصر على أن تحقق استقلالها الشامل.