وقد ورد أن سبب نزول سورة العاديات هو أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم كان قد أرسل خيلًا في سرية وقادهم المنذر بن عمرو الأنصاري إلى إحدى الأحياء من كنانة ؛ فتأخر خبر ذلك الخيل عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ؛ وبدأ المنافقون يخبرون الناس بأنهم قد قُتلوا جميعًا. دوز - والعاديات ضبحاً. أنزل الله سبحانه وتعالى سورة العاديات ليرد على أولئك المنافقين ؛ فأقسم في بداية السورة العاديات وهي تلك الخيل التي تعدو في سرعة لقتال أعداء الله تعالى من الكفار والمنافقين الذين تجبروا في الأرض ؛ وتكبروا على الله سبحانه وتعالى. ومعاني الكلمات التي وردت في السورة هي: العاديات هي الخيول التي تعدو في الغزوات ، كلمة ضَبْحًا تعني صوت أنفاس الخيول حينما تعدو وتجري ، معني فالموريات قدحًا هي تلك النار التي تخرج نتيجة احتكاك حوافر الخيل بالأرض ، والمراد من المغيرات صبحًا أي أن الخيل تهجم على العدو وقت الصباح ، وأثرن به نقعًا بمعنى ذلك الغبار الذي ينتج في الجو نتيجة عدو الخيول. والمراد من فوسطن به جمعًا أي توسطن فيه من أولئك الأعداء الذين تتم محاربتهم ، ثم جاء قوله تعالى إن الإنسان لربه لكنود وهو ما يقصد به الإنسان بوجه عام إلا من رحم الله تعالى ؛ في إشارة إلى طباعه الجاحدة الكافرة ، ثم أكد في قوله تعالى إنه على ذلك لشهيد أنه شاهد على ذلك الذي يصدر من طبائع الإنسان ، وإنه لحب الخير لشديد أي أن الإنسان يحب المال بشدة ويفعل كل ما بوسعه من أجل الحصول عليه.
دوز - والعاديات ضبحاً
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) فقال بعضهم: عُني بالعاديات ضبحا: الخيل التي تعدو, وهي تحمحم. *ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) قال: الخيل, وزعم غير ابن عباس أنها الإبل. حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) قال ابن عباس: هو في القتال. حدثنا هناد, قال: ثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرِمة في قوله: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) قال الخيل. قصة وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا | قصص. حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا أبو رجاء, قال: سُئل عكرِمة, عن قوله: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) قال: ألم تر إلى الفرس إذا جرى كيف يضبح؟ حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري, قال: ثنا سفيان, عن ابن جُرَيج, عن عطاء, قال: ليس شيء من الدوابّ يضبح غير الكلب والفرس. حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله الله: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) قال: الخيل تضبح.
قصة وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا | قصص
إن آيات القرآن الكريم تمتلئ بقوة المعاني والمفاهيم ؛ حيث أنه كلام المولى عزوجل ؛ الذي لا مجال للجدال فيه ؛ لأنه نور وهدى ؛ أنزله الله من أجل هداية الناس ودعوتهم للعودة إلى الله ؛ الذي ستُرجع إليه كل الأمور. وهناك العديد من السور القرآنية القصيرة ؛ والتي تحمل معاني شديدة الأهمية ، ومن بين تلك السور القصيرة سورة العاديات والتي يقول فيها الله سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ. [1]
إن سورة العاديات من السور المكية ، ومعنى كلمة العاديات هي الخيل ؛ وبذلك يكون المولى عزوجل قد بدأ السورة بقسمه بالخيل الجاريات ، وبالرغم من ذلك القسم إلا أنه لا يجوز لأي إنسان على وجه الأرض أن يُقسم بأي شيء غير الله تعالى ؛ لأن ذلك القسم خاص بالله سبحانه وتعالى ؛ وهو المتنزه في صفاته عن كل المخلوقات.
ففيه ينزل المطر وتمتلئ الإخاذ والقعدات. بالطبع نتحدث هنا عن ذي القعدة الجاهلي الذي كان له وقت محدد في السنة، هو الشهر العاشر أو الحادي عشر. العاديات ضبحاً ولو كان هذا صحيحاً، فكيف له أن يحل لنا أمر الجملة الغامضة جداً: "والعاديات ضبحاً". صحيح أنه يمكننا أن نضعها في سياق فلكي ما لا في سياق حرب أو حج، لكنه لا يحل لنا أمرها بشكل مباشر، لكن يمكن للمرء أن يفهم من التتابع بين "العاديات" و"المغيرات" على أننا قد نكون مع نجوم من الطراز ذاته تأتي متتابعة متلاحقة. لكن يمكن أيضاً فهم أن الفاء تعني ترتيباً متباعداً يعكس الاختلاف لا التشابه. إذ تأتي أولاً العاديات ثم يأتي بعد ذلك نقيضها الذي هو المغيرات التي تجلب المطر وتستنقعه. لكن المشكلة أنه لم يسبق لأحد أن أخبرنا أن للضبح علاقة بالفلك أو بنجوم سماوية محددة. لذا، فليس أمامنا سوى التكهن. وظني ـــ ويجب التركيز على أنني أتحدث بالظن هنا ـــ أن الأمر يتعلق بالنجوم التي تطلع في الفجر لا بالنجوم المغيرات التي تسقط في هذا الفجر. أي أن الآيات تتحدث عن نجوم معاكسة لنجوم المطر. وبما أن الضبح هو صوت تنفس حيوانات تلهث في جريها، وأن الكلب واحد من الضوابح، فعلي أن أشير إلى أن الصيف أي انقطاع المطر، مرتبط بظهور الشعرى اليمانية التي هي إيزيس العربية.