ولنا مع القرطبي وقفة؛ لنعلم حقيقته وحياته عن قرب، وسبب النور الذي نراه في كلماته العذبة الرقراقة، فنسأل الله أن يحشرنا وإياه في زمرة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى وصحبه وسلم، اللهم آمين. بقلم محمد شعبان [3] [1] أي ما يُشد به الصبي الصغير من الملابس وغيرها وهو في مهده، ليستوي جسده، وتعتدل أعضاؤه. [2] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 20/63. وخلقنا الانسان في كبد. ط2، دار الكتب المصرية - القاهرة، 1964م. [3] باحث في التاريخ والتراث، المشرف على مدونة ابن أيوب
لقد خلقنا الإنسان في كبد - #شوق_البرديني - Youtube
ويكابد مِحَنًا في المال والنفس، مثل الضرب والحبس، ولا يمضي عليه يوم إلا يُقاسي فيه شدة، ولا يُكابد إلا مشقة، ثم الموت بعد ذلك كله، ثم مسألة المَلَك، وضغطة القبر وظلمته، ثم البعث والعرض على الله، إلى أن يستقرَّ به القرار، إما في الجنة وإما في النار، قال الله تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] ، فلو كان الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد. ودلَّ هذا على أن له خالقًا دبّره، وقضى عليه بهذه الأحوال، فليمتثل أمره" [2]. ونحن بحول الله نجاهد في امتثال أمر الله تعالى وقدره، ونصبر على هذه المشقة التي إنما كتبها الله على كل إنسان ذي عقيدة وثقافة ومشرب مختلف عن الآخر، لنرجع إليه -نحن المسلمين خاصة- سبحانه، ولنعلم أن الله واحد، وأن هناك نعيمًا مقيمًا يوم القيامة. لقد خلقنا الإنسان في كبد - #شوق_البرديني - YouTube. لكن ما لفت انتباهي في هذا الكلام الزكي النقي، أن تجربة الإنسان في هذا الكون واحدة، وأنه مهما أوتي من السلطان والعظمة والأبهة، ومهما أوتي من الفقر والذل والمهانة فهو ذو مشقة وتعب، وأن هذه المشقة التي عبّر عنها الإمام القرطبي منذ أكثر من سبعة قرون مضت، هي ذاتها التي نعاني منها في يومنا هذا؛ لنتأكد في نهاية المطاف أن الحق كل الحق، وأن الراحة كل الراحة، وأن الحياة السرمدية الحقيقية التي أعلمنا الله بها إنما هي في الجنة، وإننا على يقين أن الجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله.
وقد خلق الله آدم, وخلق منه زوجته وجعل من نسلهما
الرجال والنساء كما قال سبحانه: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) النساء/1. ثم أسكن الله آدم وزوجه الجنة امتحاناً لهما فأمرهما
بالأكل من ثمار الجنة ونهاهما عن شجرة واحدة: ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك
الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)
البقرة/35. وخلقنا الانسان في كبد تفسير ابن كثير. وقد حذر الله آدم وزوجه من الشيطان بقوله: ( يا
آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) طه/117. ثم إن الشيطان وسوس إلى آدم وزوجه وأغراهما بالأكل
من الشجرة المنهي عنها فنسي آدم وضعفت نفسه فعصى ربه وأكلا من الشجرة: ( فوسوس
إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ، فأكلا منها فبدت
لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى) طه/120-121. فناداهما ربهما وقال: ( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة
وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) الأعراف/22. ولما أكلا من الشجرة ندما على فعلهما وقالا: (
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) الأعراف/23.