ولهذا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أوصني قال: «لَا تَغْضَبْ»[3]. وبيَّن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة هذا الذي ذكره المؤلف رحمه الله أن الشديد ليس بالصُّرعة، فقال: «ليس الشديد بالصرعة»؛ أي: ليس القوي في الصرعة الذي يكثر صرع الناس، فيطرحهم ويغلبهم في المصارعة، هذا يقال عنه عند الناس: إنه شديد وقوي، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس هذا الشديد حقيقة، «إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»؛ أي: القوي حقيقة هو الذي يصرع نفسه إذا صارعته وغضب ملكها، وتحكم فيها؛ لأن هذه هي القوة الحقيقة، قوة داخلية معنوية يتغلب بها الإنسان على الشيطان؛ لأن الشيطان هو الذي يلقي الجمرة في قلبك من أجل أن تغضب. ففي هذا الحديث الحث على أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، وألا يسترسل فيه؛ لأنه يندم بعده، كثيرًا ما يغضب الإنسان، فيطلِّق امرأته، وربما تكون هذه الطلقة آخر تطليقة. كثيرًا ما يغضب الإنسان فيتلف ماله، إما بالحرق أو بالتكسير. ليس الشديد بالصرعة معنى الشديد. كثيرًا ما يغضب على ابنه حتى يضربه، وربما مات بضربه. وكذلك يغضب على زوجته مثلًا فيضربها ضربًا مبرحًا، وما أشبه ذلك من الأشياء الكثيرة التي تحدث للإنسان عند الغضب؛ ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان؛ لأن الغضب يمنع القاضي من تصور المسألة، ثم من تطبيق الحكم الشرعي عليها، فيهلك ويحكم بين الناس بغير الحق.
ليس الشديد بالصرعة – تجمع دعاة الشام
عن الموسوعة
نسعى في الجمهرة لبناء أوسع منصة إلكترونية جامعة لموضوعات المحتوى الإسلامي على الإنترنت، مصحوبة بمجموعة كبيرة من المنتجات المتعلقة بها بمختلف اللغات. © 2022 أحد مشاريع مركز أصول. حقوق الاستفادة من المحتوى لكل مسلم
جاء في الحديث”ليس الشديد بالصرعة” معنى كلمة الصرعة :هو الذي يسيطر على أعصابه ويتحكم في تصرفاته
هذا الذي غضبت منه- أوْ لَهُ- إنما هو بقدر الله... ويأتي الحديث الثالث حتى تتعدى بخيرك إلى الآخرين، وهذه قد افتقدناها فقامت في قلوبنا أنانية، نرى أنفسنا ولا نرى الناس، ولا يهمنا أن نحمل في قلوبنا همهم، ولا يهمنا أن نحمل في قلوبنا مصالحهم، وهذه مصيبة كبرى، تفتت الأمة التي قال فيها رسول الله ﷺ: (لينوا في أيدي إخوانكم) (أحمد) ، والتي أمرنا حينما نقوم إلى الصلاة لرب العالمين أن نصطف صفًّا واحدًا يشير إلى قلب واحد. ويأتي الحديث الرابع ليتمم منابع الخير وأساس الأدب، لنخلي ألسنتنا وأقوالنا وأفعالنا من الكذب والغيبة والنميمة والبهتان وشهادة الزور ومن اللغو، إذن فقد أصبحت مُعتَمَدًا للخير، تَعَوَّدَ الناسُ أنك لا تقول إلا حقًّا، تَعَوَدَ الناسُ أنك لا تقول الباطل، تَعَّوَدَ الناسُ أنك إذا تكلمت فإنما تأمر بالمعروف أو تنهى عن المنكر، تَعَّوَدَ الناسُ أنك إنما تأمر بالخير: (وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ليس الشديد بالصرعة اسلام ويب. أحاديث أربعة يجعلها لنا رسول الله ﷺ نبراسًا في طريقنا إلى الله، وفي طريقنا إلى الحق، وفي طريقنا في الدنيا، فاجعلوها نبراسًا لكم، ودربوا أنفسكم عليها.
فأول قضية نحتاج إليها في علاج النفس أن يعرف الإنسان علله وأدواءه، فالشاب الذي يقول: أنا أطلب العلم، وهو مقصر، نقول له: يا أخي أنت مقصر، أنت كسول، أنت جيد في الأمور التي فيها ترفيه، وفيها يمين ويسار، لكن العلم عنك بمنأى، فتراه يجادل، ويكابر أشد المكابرة، فمثل هذا كيف تقنعه أنه يضيع وقته، وهو لا يقبل أصلاً أنك توجه إليه هذا الاتهام، هو لا يقر أنه مسرف في الوقت، ومضيع؟!. والإنسان العاق لوالديه، تقول له: يا أخي، لماذا هذا العقوق؟ يقول: أيّ عقوق؟، أنا لست كذلك، أنا بالعكس، أنا أفعل كذا، وأفعل كذا، وأفعل كذا، يا أخي هذا شيء مشاهد، نحن نشاهدك إذا تكلمت مع أبيك وتكلمت مع أمك، تتكلم بطريقة مشدودة محتقن الوجه، هذا لا يليق، تنفض يدك في وجه أمك، أو في وجه أبيك، ويقول: أبداً من الذي يقوله؟ فهذه المشكلة الأولى أن يعرف الإنسان عيبه، فإذا كابر ولم يقر بالعيب لا يمكن أن يتعالج. الإنسان الذي يضيع الصلاة، ويتأخر عن الصلاة، ونحو ذلك، تقول له: يا أخي، لا يصلح هذا، قال: أبداً، من قال إني أتأخر؟ من قال إني أغيب عن الصلاة؟ ما شاء الله أنت دائماً منذ أربعين سنة ما فاتتك تكبيرة الإحرام، سعيد بن المسيب يتعلم منك، ونحن لا نرى.