في تأويل قوله تعالى: ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ( 32) وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ( 33)) [ ص: 436] يقول تعالى ذكره: ( وجعلنا السماء سقفا) للأرض مسموكا ، وقوله: ( محفوظا) يقول: حفظناها من كل شيطان رجيم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: ( سقفا محفوظا) قال: مرفوعا. حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله. وكل في فلك يسبحون - فضيلة الدكتور/عبدالله بن عبدالعزيز المصلح - YouTube. حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة قوله: ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا)... الآية: سقفا مرفوعا ، وموجا مكفوفا. وقوله: ( وهم عن آياتها معرضون) يقول: وهؤلاء المشركون عن آيات السماء. ويعني بآياتها شمسها وقمرها ونجومها. ( معرضون) يقول: يعرضون عن التفكر فيها وتدبر ما فيها من حجج الله عليهم ، ودلالتها على وحدانية خالقها ، وأنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا لمن دبرها وسواها ، ولا تصلح إلا له. حدثنا محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: ( وهم عن آياتها معرضون) قال: الشمس والقمر والنجوم آيات السماء.
وكل في فلك يسبحون - فضيلة الدكتور/عبدالله بن عبدالعزيز المصلح - Youtube
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (يَسْبَحُونَ) قال: يجرون. وقيل: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) فأخرج الخبر عن الشمس والقمر مخرج الخبر عن بني آدم بالواو والنون، ولم يقل: يسبحن أو تسبح، كما قيل: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ لأن السجود من أفعال بني آدم، فلما وصفت الشمس والقمر بمثل أفعالهم، أجرى الخبر عنهما مجرى الخبر عنهم. ------------------------ الهوامش: (3) البيت شاهد على أن الفلك هو القطب الذي تدور به النجوم. و كل في فلك يسبحون تفسير. وقال في ( اللسان: فلك): الفلك: مدار النجوم ، والجمع: أفلاك. وفي حديث ابن مسعود: أن رجلا أتى رجلا وهو جالس عنده فقال: " إني تركت فرسك كأنه يدور في فلك ". قال أبو عبيدة: قوله " في فلك ": فيه قولان: فأما الذي تعرفه العامة ، فإنه شبه بفلك السماء الذي تدور عليه النجوم ، وهو الذي يقال له القطب ، شبه بقطب الرحى. قال: وقال بعض العرب: الفلك هو الموج إذا ماج في البحر فاضطرب ، وجاء وذهب ، فشبه الفرس في اضطرابه بذلك.
قال العلامة الشيرازي في " شرح المفتاح ": وهو نوع صعب المسلك قليل الاستعمال. قلت: ولم يذكروا منه شيئا وقع في كلام العرب فهو من مبتكرات القرآن. ذكر أهل الأدب أن القاضي الفاضل البيساني زار العماد الكاتب ، فلما ركب لينصرف من عنده قال له العماد: " سر فلا كبا بك الفرس " ففطن القاضي أن فيه محسن القلب فأجابه على البديهة: " دام علا العماد " وفيه محسن القلب.